يبدو ان السياسة ستحضر بقوة في الدورة الجديدة من مهرجان دبي السينمائي الدولي، الذي يفتتح عروضه في التاسع من الشهر المقبل. اول الغيث بيان صدر أمس عن المهرجان، وأعلن فيه القائمون على المهرجان "تبرأهم" من 3 أفلام سورية تحمل تواقيع مخرجين مقربين من النظام («مريم» لباسل الخطيب و«صديقي الأخير» لجود سعيد و«العاشق» لعبداللطيف عبدالحميد). وأفاد البيان ان مهرجان دبي "لم يكن يوماً إلا مع الإنسانية بمعناها الأوسع والأشمل، تماماً بما يضمن الحرية والكرامة والعدالة للناس جميعاً. وإذا كان شعار المهرجان «ملتقى الثقافات والإبداعات»، فإن هذا ليس إلا أرضيةً لتلاقي البشر من كل الأعراق والأديان والاتجاهات الفكرية والأيديولوجية، على قاعدة احترام حقّ الإنسان في الحياة أولاً، وحقّه في الاختلاف ثانياً، وحقّه في تكوين الرأي والتعبير عنه، ثالثاً. من هنا، فإن السينما التي يراها المهرجان، ويحتفي بها، ويسعى إلى دعمها، هي تلك التي تحترم إنسانية الإنسان؛ السينما التي لا تنفصل عن شؤون الناس وشجونهم، وآلامهم، وآمالهم، وأحلامهم بغدٍ أفضل". وأضاف البيان: "عندما استقبل «مهرجان دبي السينمائي الدولي» مجموعةً من الأفلام السورية، بما فيها الأفلام التي أنتجتها «المؤسسة العامة للسينما»، نظر إليها بدايةً باعتبارها نصوصاً سينمائية لصانعيها، تتضمّن خطابها وقولها وأفكارها ورؤاها، وتذهب إلى ما تريد تقديمه بصدد الواقع السوري المعاصر، بما يحمل من تعقيدات دامية. صحيح أن هذه الأفلام، في مضامينها، تقدّم أشكالاً متفاوتة من مقاربة الواقع السوري الراهن، يصل بعضها إلى مستوى النقد، بالتصريح أو التلميح، لما اعتمل في أحشاء المجتمع السوري، عبر عقود ماضية من الزمن، أدّت في النهاية إلى المآلات المأساوية التي نشهد فصولها في كل مدينة وبلدة وقرية سورية، حالياً. إلا أن المهرجان لن يستطيع الفصل بين القول والفعل، بين الأداء الفني والمواقف الحياتية، بخاصةً لدى الانتباه إلى أن بعض المخرجين، من صانعي هذه الأفلام السورية، سبق لهم أن شاركوا بالتوقيع على «بيان سينمائيي الداخل السوري»، الصادر في أيار (مايو) 2011، والذي نادى ب«الإصلاح» تحت قيادة «رئيس الجمهورية»، من دون أن يطرأ أي تغيير أو تعديل في هذا الموقف، على رغم نهر الدم المنساب على الأرض السورية. دائماً كان ثمة إشكالية في المسافة ما بين الفني والحياتي لدى كثير من المبدعين. وربما كان يمكن غضّ النظر عنها، في حالات معينة. ولكننا هنا في «مهرجان دبي السينمائي الدولي»، وتحت وطأة الدم السوري النازف، والقتل المتواصل، والتدمير الشامل، واتساقاً مع سياسات دولة الإمارات، في نصرة الشعب السوري وطموحاته، لا يمكن غضّ النظر عن كل ذلك، ولا الاحتفاء بأيّ من فيلم «مريم» و«صديقي الأخير» و«العاشق»، مهما كانت مضامين هذه الأفلام، طالما أن لواقع المخرج والمنتج في الحياة، وفي الموقف، ما لا يتفق مع ذلك، وطالما لم يتبيّن لنا خلافه".