أطلقت السلطات الروسية أمس عالم الفيزياء فالنتين دانيلوف بعدما أمضى في السجن ثماني سنوات بجرم التجسس لمصلحة الصين. وأصر الفيزيائي فور الإفراج المشروط على اعتبار نفسه «سجيناً سياسياً»، مؤكدا نيته العودة إلى مزاولة البحث العلمي لكن خارج المؤسسات الحكومية. وتزامن الحدث مع انتقادات حادة وجهتها لجنة تابعة للأمم المتحدة اتهمت موسكو بممارسة التعذيب في السجون لانتزاع الاعترافات وبحرمان المتهمين من حق الحصول على حماية قانونية كافية، وبتكثيف التخويف والانتقام من المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين. وعادت قضية دانيلوف التي أثارت محاكمته وسجنه سنوات جدلاً ساخناً، إلى الواجهة، بعد تنفيذ قرار الإفراج المشروط عنه لانقضاء ثلثي مدة محكوميته البالغة 14 سنة. وكان دانيلوف يشغل منصب مدير مركز فيزياء الطاقة في مدينة كراسنيارسك السيبيرية، ووقّع بهذه الصفة في العام 1999 اتفاقاً مع معهد صيني لوضع مجسمات وبرامج تشغيلية لها تدرس تأثيرات المكونات الفضائية على الأقمار الاصطناعية التي تطلق من الأرض. وعلى رغم أن صفة «سري للغاية» التي ميزت نشاط هذا المركز في العهد السوفياتي كانت قد رفعت عن اسمه قبل ثماني سنوات على توقيع العقد، اعتقلت السلطات الأمنية الروسية دانيلوف العام 2001 واتهمته ببيع معلومات سرية للصينيين. وهو أوضح بعد إطلاق سراحه انه يعتبر نفسه سجيناً سياسياً لأن المعلومات التي نقلها رُفعت عنها السرية. وزاد: «كنت سأقدّر ذلك لو أن أحداً أبلغني ما هي أسرار الدولة التي بعتها»، مصراً على موقفه الذي أعلنه أثناء سير المحاكمة في شأن أن نشاطه مع الجانب الصيني استند إلى معلومات منشورة على شبكة الإنترنت، وفي مصادر أخرى موضوعة في متناول الباحثين. ورأى ناشطون في مجال حقوق الإنسان أن قضية دانيلوف مثال على تسخير الكرملين جهاز القضاء ضد خصومه. إلى ذلك، أعرب الفريق الأممي المكون من 10 خبراء مستقلين عن القلق حيال أوضاع المسجونين في روسيا، مسجلاً انتهاكات واسعة لمعاهدة العام 1987 الدولية في شأن تحرّي التعذيب في السجون. وأوردت اللجنة في تقريرها شهادات لمعتقلين تعرضوا للتعذيب لانتزاع الاعترافات التي استخدمت بعد ذلك كدليل ضدهم في المحكمة. كما أعربت عن قلقها لأن السلطات الروسية لا تعمل على ضمان حصول المحتجزين على محامي دفاع، مشيرة إلى تزايد المضايقات والترهيب والهجمات ضد الأشخاص ومنظمات الرصد والإبلاغ عن أوضاع حقوق الإنسان. ودعت اللجنة موسكو إلى اتخاذ «تدابير فورية وفعالة لمنع أعمال التعذيب وسوء المعاملة في أنحاء البلاد والقضاء على قدرة المسؤولين عن ذلك على الإفلات من العقاب». كما حضت الكرملين على إلغاء قانون جديد حمل تسمية «العملاء الأجانب»، واعتبرت أنه يفسح المجال أمام توجيه اتهامات بالخيانة والتعامل مع جهات خارجية لكل من يعارض سياساته. وانتقدت بقوة أداء رئيس النيابة العامة ألكسندر باستريكين، الذي تتهمه المعارضة بملاحقة الناشطين وتحمّله مسؤولية خطف ناشطين واحتجازهم وتلفيق اتهامات ضدهم. كما أعادت اللجنة التذكير بقضية المحامي سيرغي ماغنيتسكي، الذي اعتقل بتهمة التهرّب الضريبي وقضى في سجنه تحت التعذيب، كما يفيد معارضون. ودعا الفريق الدولي إلى إجراء تحقيق سريع ونزيه مع المسؤولين عن الانتهاكات و «ضمان أن تكون مقاضاة المسؤولين عن التعذيب وحالات الوفاة متناسبة وخطورة الجريمة». على صعيد آخر، قرر مجلس تنسيق المعارضة الروسية (يو بي آي)، أمس، التظاهر يوم 15 كانون الأول (ديسمبر) المقبل في موسكو، تحت شعار «مسيرة الحرية»، في ذكرى مرور سنة على الاحتجاجات التي عمت البلاد بعد الانتخابات النيابية التي اعتبر بعضهم أن تزويراً شابها.