كابول - أ ف ب - أعلن الجنرال اوليفييه بافينشوف، قائد الجيش الفرنسي في افغانستان الذي انهى الثلثاء الماضي مهمته القتالية في البلاد، ان متمردي حركة «طالبان» لا يتمتعون بالقوة الكافية لاستعادة السلطة بعد انسحاب الحلف الاطلسي (ناتو) بحلول نهاية 2014. ووصف الجنرال الحركة بأنها «صامدة وليست قوية». وهي ليست موحدة بل مقطعة الاوصال، لذا لا اؤيد فكرة ان الوضع سيكون كارثياً وان عودتها محتمة»، مشيراً الى ان الجيش الأميركي سحب 13 الف جندي من هلمند (جنوب) خلال شهرين، من دون ان تستطيع «طالبان» استئناف التمرد الميداني فيها، والى تراجع الهجمات بنسبة 70 في المئة في العاصمة كابول و65 في المئة في قندهار (جنوب). وشدد على اهمية التفوق العددي للقوات الحكومية بنسبة 1 الى 10، «ما يعني بالتأكيد ان قوة من 352 الف جندي افغاني و30 الف شرطي قادرة على مقاومة تمرد محلي بالدرجة الاولى يضم 30 الف رجل بينهم 6 آلاف مدربون كحد اقصى وقادرون على التحرك. كما نلاحظ تزايد رفض التمرد لمواجهة القوات المحلية والاجنبية، خصوصاً اننا نجحنا هذه السنة في تصفية عدد اكبر من المقاتلين الخطرين وقادة متوسطي المستوى او رفيعي المستوى، وهو ما لم نحققه ابداً منذ عشر سنوات». ورغم تأكيد الجنرال بافينشوف ان التمرد «غير قادر على استعادة قوته، او اقناع الافغان بصحة نظريات ينادي بها»، كشفت مصادر في «طالبان» ل «الحياة» أن «وفد الحركة الذي زار باريس خلال الشهور الماضية برئاسة سهيل شاهين كان تعهد عدم المس بالقوات الفرنسية إذا نفذت وعد الانسحاب قبل نهاية السنة». ومهد ذلك بحسب هؤلاء لرفض باريس ضغوط واشنطن بإبقاء القوات إلى نهاية عام 2014، قبل ان تقنعها كابول بإبقاء مئات من الضباط الفرنسيين في افغانستان لتنفيذ مهمات تدريب. ومع استعداد القوات الالمانية والأسترالية والبريطانية والكندية لحذو حذو نظيرتها الفرنسية في الانسحاب قبل نهاية 2014، أبدى الحزب الإسلامي بزعامة قلب الدين حكمتيار قبولاً أكبر بالمشاركة في العملية السلمية لنقل السلطة في أفغانستان، إذ تزور شخصيات قيادية من الحزب كابول للمشاركة في العملية السياسية والتمهيد للانتخابات الرئاسية المقررة في نيسان (ابريل) 2014. بدورها بدأت «طالبان»، أكبر قوة معارضة للوجود الأميركي وحكومة الرئيس حميد كارزاي بدأت مشاورات حول الخطوات المقبلة. وعلمت «الحياة» أن كلاً من الملا وكيل احمد، وزير خارجية «طالبان» السابق، وعبد السلام ضعيف سفيرها السابق في باكستان، توجها إلى قطر للقاء مسؤولي مكتب الحركة، إضافة الى اعضاء سابقين آخرين في الحركة اطلقتهم الحكومة الباكستانية من سجونها قبل نحو أسبوع. وتخشى واشنطن وحكومة الرئيس كارزاي من مواجهة الحكومة الأفغانية أزمة عاصفة بالنسبة قبل انسحاب القوات الأجنبية، خصوصاً ان ولاية كارزاي تنتهي في الأسبوع الاول من نيسان 2014، أي قبل 8 شهور من انسحاب القوات الاجنبية. ولا يسمح الدستور الأفغاني بإعطاء كارزاي ولاية ثالثة، لذا يعمل مع كبار مساعديه على ايجاد حل يبقيه صاحب السلطة، عبر تعديل نظام الحكم وايجاد منصب رئيس الوزراء يتولى السلطة التنفيذية، ويمكن ان يترشح لشغله كما فعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وبين أبرز المرشحين للرئاسة من البشتون في حال تخلى كارزاي عن منصبه نهائياً، وزير الداخلية السابق علي أحمد جلالي، وهو يتحدر من ولاية ننغرهار ويحمل الجنسية الأميركية ومقرب من وزارة الدفاع الأميركية، إضافة إلى أشرف غني وزير أحمدزي وزير المال السابق في حكومة كارزاي، وهو مقرب من الخارجية الأميركية والبنك الدولي في واشنطن، كما تتحدث اوساط أخرى عن عبد القيوم كارزاي شقيق الرئيس ذي النفوذ الواسع بين القبائل البشتونية في جنوب. لكن جهات أفغانية خاصة من تحالف الشمال السابق يمثلها الجنرال فهيم، نائب كارزاي، تسعى الى تأجيل الانتخابات بحجة ان موعدها سيصعب مشاركة الأفغان بنسبة معقولة فيها، بسبب تغطية الثلوج شمال البلاد، فيما سيواجه الجنوب صراعاً بين «طالبان» والقوات الحكومية بسبب انسحاب عدد كبير من القوات الأجنبية حينها، ما يتطلب عقد اجتماع قبلي (لويا جركا)، إما لتعديل الدستور وإعطاء كارزاي مدة اطول في الحكم، أو لإيجاد حل مقبول من كل الجهات.