لم تغب ذكرى الكارثة الأولى عن أهالي الأحياء المتضررة بالسيول في مدينة جدة، وبالأخص سكان حي قويزة الواقع شرق طريق الحرمين السريع، والتي انفجرت منه الأمطار إلى داخل المحافظة مخلفة الكثير من الأضرار والقصص المأسوية التي لن تغيب عن ذكرى أهاليها الذين عايشوا الحدث وفقدوا أهاليهم، ومن بينهم محسن المالكي الذي وقف أمس، متأملاً في المطر ومسترجعاً ذكريات يتمنى أن لا تعود. ويروي محسن المالكي(35عاماً) قصته مع الأمطار التي عاش تفاصيلها لحظة بلحظة ويمر شريط تفاصيله أمام عينيه أثناء هطول الأمطار أمس، بالقول «الأمطار رحمة من الله إلى العباد لتنبت به الزرع وتسقي الأرض، فلا اعتراض على رحمته وقضائه، ولكن السبب في الخوف والهلع لدى أهالي جدة من الأمطار هو التفريط بالأمانة وعدم إنجاز المشاريع التي وفرتها الدولة للمواطنين والمقيمين». محسن المالكي متزوج ولديه ثلاثة أبناء صادفته «الحياة» مع أبنائه بعد هطول المطر في حي أم الخير أمس، لم يكن حزيناً بل خرج ليتنزه ويفرح، محاولاً أن يمحو الخوف من المطر والأحداث الأليمة التي مرت عليهم من ذاكرة أبنائه. ويضيف «كنت خارج المنزل أثناء هطول المطر فرجعت إلى البيت، ولم يخطر في بالي حينها، أن ما سيعقب المطر كارثة ستحل على الحي، وأنا أسكن في شقة بالدور الثالث ومع اشتداد السيول ودخولها إلى الدورين الأول والثاني من نفس العمارة صعدت بأهلي إلى السطح هرباً من اقتحام السيل علينا، وبقيت على السطح أنظر إلى السيول وهي تجرف معها سياراتي وبقية سيارات الحي». الأضرار التي لحقت بالمالكي اقتصرت على السيارات فقط، ولم تصل المياه إلى شقته في الدور الثالث، يقول «الحديد يتعوّض، والحمد لله الذي سلمنا فقد كانت أمي تعيش معي في المنزل نفسه وهي امرأة كبيرة مقعدة لا تقوى على الصعود إلى السطح فحملتها معي وأبنائي». ولم تقتصر أضرار السيل حينها على سيارات الحي فقط إنما طالت منازل الأهالي ما أدى إلى استشهاد بعض جيران المالكي الذي لا ينسى جاره أبا إبراهيم القاطن في الدور الأول من العمارة نفسها وما حل به، بالقول «بعد أن هدأت الأجواء وسكن المطر نزلت إلى منزلي وتذكرت العم أبا إبراهيم الذي لم أشاهده مع بقية الجيران فاتصلت على هاتفه مرات عدة ولم يجب عليه لنقتحم منزله أنا ومن معي من أهالي الحي وتكون المفاجأة بأن نجده قد مات غرقاً في بيته فلم يستطع الخروج من المنزل، وكانت هذه أحد المناظر التي لا تغيب عن ذاكرتي أبداً فلو أن مشاريع تصريف الأمطار ومجرى السيول موجودة لما فقدنا أبا إبراهيم رحمه الله». وبين محسن المالكي أن التعويض المالي الذي حصل عليه مبلغ 25 ألف ريال عن سيارتيه اللتين أتلفتا وجرفهما السيل.