عادة لم يفارقها قادت العم “سعد المالكي” سبعينى العمر إلى أن يتجه قبل أذان الظهر بدقائق إلى مسجد العروة الوثقى وهو المسجد الذي قضى معظم أوقات يومه بداخله ومع رفع أذان الظهر دخل العم سعيد للمسجد استعداداً للصلاة ولم يكن يعلم أن لحظات دخوله هى نفس اللحظة التى يشتد فيها هطول المطر ويتسارع جريان السيل في المناطق المحيطة بهم متقدمة بكل قوة للمسجد من جهاته الأربع ، وعندما خلص المؤذن من رفع أذان الظهر اتجه لإحدى البوابات ليشاهد السيل وقد هاج وماج مبتلعاً كل ما حوله فأخذ يحذر من في المسجد والذين كانوا ستة أشخاص وسابعهم العم سعيد من خطر السيل القادم فهرع الستة الباقون إلى الدور الثاني هربا من هول المطر وللاحتماء من الأضرار التي قد تحيط بهم إلا العم سعيد الذي كان قلبه الكبير وجلاً على أبنائه فهرع إلى احدى البوابات للخروج منها والوصول إلى منزله الذي كان مقابلاً للمسجد ولا يفصله عنه سوى عشرات المترات ولكن من التدفق الجامح لسيل الأربعاء كان دفع الماء أقوى من أن يتحمله العم سعيد بتعب سبعين عاماً فسقط متعثراً بقوة دفع الماء وحاول المقاومة كثيراً إلا أن قواه خارت أمام السيل فسقط شهيداً في المكان الذي أحبه. مؤذن المسجد سعيد العمودي يستعيد «للمدينة» شريط ذكريات العم المالكى قائلاً كان للعم سعيد جلسة معروفة عند احدى بوابات الحي فهو من أهل الصف الأول ولا يتأخر عن الصلاة إلا بعذر وكان يجلس أمام البوابة قبل أن يرفع الأذان بدقائق استعداداً للصلاة فإذا رفع الأذان دخل المسجد ولم يخرج منه إلا مع آخر من يخرج وذلك اليوم رفعنا الأذان لصلاة الظهر ولم يكن مستوى المياه عالياً في الخارج حتى إن المسجد لم يتعرض للأضرار ولكن بعد أن رفعنا الأذان خرجت لمشاهدة الأمطار التي زادت قوتها فوجدت أن السيل قادم إلينا وحذرت بقية من كانوا معي وهرعنا للدور الثاني إلا العم سعيد الذي حاول الخروج ولكنه تعثر في فرش المسجد وسقط بعد أن تدفق الماء مع البوابات وغرق في السيل رحمه الله. يذكر أن مسجد العروة الوثقى يعد من أقدم مساجد الحي وأكبرها وتقام فيه صلاة الجمعة وتقام بجواره صلاتا العيد لأهالي حي قويزة.