رأيت في ما يرى النائم أن النعجة دوللي التي استنسخت في العام 1996 ونفقت عام 2003 بالموت الرحيم، جمعت عدداً من قريناتها في قبر مجاور لقبرها، وعقدت جلسة طارئة ومغلقة لمناقشة التجاوزات والاعتداءات التي تعرّض لها بنو جنسها، لاسيما من السيد حسن نصر في خطابه الأخير الذي بدا أنه يستهزئ بسلالتها من دون أدنى مراعاة لأنها مخلوقات مثله. وحدثني أحد الثقاة أن النعاج أعربت عن بالغ أسفها إثر الزج باسمها لتحقيق «مآرب أخرى»، بل إنها بصدد تصعيد الأمر إلى أعلى المستويات بعد الإهانة التي ساقها الأمين العام لحزب الله في خطابه «العاشورائي» الذي كان يفترض أن يكون دينياً متسامحاً، فإذا به كعادته طائفي عنصري موتور. وحقيقة لا أدري لماذا استثار حديث رئيس الوزراء القطري حسن نصر الله، إلا إذا انطلقنا من قاعدة «اللي على رأسه بطحا»، ومن خطاب «مارد الخندق» الذي تطرق فيه للنعاج والأسود والليوث والسباع وسلالة «عالم الحيوان»، يتضح أن العزلة التي يعيشها تجسّد حدود فكره، فلم يعد في إمكانه التفرقة بين الأسود والنعاج، فكم من أسد أضعف من نعجة، وصديقه بشار خير دليل على ذلك. عموماً دعونا من عالم الحيوان الذي يصرُّ حسن نصرالله على إقحامه في الحياة اليومية وفي كل خطاب له، ولنتذكر أن الدولة التي شمّر في خطبته التلفزيونية وتنطع في الحديث ضد رموزها، سلمها قبل أكثر من عامين مفتاح جنوب لبنان الذي منحه حزب الله لقطر نظير الدعم الذي قدمته، وهم يرددون «أنتم لم تبخلوا في العطاء ونحن لن نبخل في الوفاء»، لكن «دوام الحال من المحال»، فمن الواضح أن وفاءهم «غير»، ويبدو أن القفل تم تغييره، ولم يعد المفتاح ملائماً له. وتغيير القفل يثبت أنه وحزبه «عبيد لمن دفع» ومتى ما قلَّ «المعلوم» «ضاعت العلوم». ترى ماذا كان يفعل نصرالله عندما كانت غزة تدك براً وجواً وبحراً؟ وهل كان السيد على استعداد للنهوض عن «محوره» ولو قليلاً ليثبت لنا أنه مازال قائماً؟ بل أين أولئك المتربعون على أوكارهم في طهران؟ وأين أسدهم وليوثه الذين شخّصوا لنا معنى المقاومة؟ حسناً سأحدثكم عن المقاومة، ففي لبنان لم تعد هناك مقاومة منذ وقت بعيد، بل هي عصابة تملك السلاح لقطع الطرق وتهديد من لا يتوافق مع فكرهم الطائفي وخطابهم المأزوم، هل هناك من يجرؤ اليوم على القول إن حزب الله حزب مقاوم؟ أية مقاومة ولم تطلق رصاصة واحدة ضد من يدعون مقاومته منذ النصر الإلهي في مغامرة تموز (يوليو) التي جرّت الخراب على لبنان وشعبه، بل عوضاً عن ذلك كان الرصاص موجهاً لصدور اللبنانيين، وأية مقاومة تلك التي تتغنى بها طهران الخانعة لشذوذها الطائفي وخطابها المهزوم، وأين هي ترسانتها ومجاهديها عما يحدث في غزة اليوم؟ نريدها أن تطلق رصاصة باتجاه إسرائيل ولو «جبر خاطر». أما النظام السوري الذي يرى فيه نصرالله أنه أسد، فلا داعي لذكر بطولات هذا النظام في التخلي عن الجولان، لكن هل من المقاومة التشفي والشماتة اللتان رافقتا خطابه الإعلامي عنما يحدث للفلسطينيين من مجازر وتنكيل؟ قد نتفهم ذلك، فهو أكثر إجراماً من الصهاينة، على رغم أنهم أعداء الأمة ومهما بلغت وحشيتهم فنحن في حالة حرب معهم، لكن ماذا نقول بعدو نفسه وشعبه وأمته وهو يرتكب الفظائع بسلاح يتصدى له الشعب السوري بذات الدماء التي اشتراه بها؟ لا شك في أن النعاج لم تكن قولاً حميداً «ما حنا ناقصين»، لكن حضورها في هذه الفترة جسّد القناعة بأن فقاعة محور الأسود والليوث والسباع، باتت ظاهرة خندقية، فالخندق هو العامل المشترك الذي يجمعهم ويحفزهم على عصيان العقل والمنطق والتمادي والصراخ، وحقيقة لا بد من قولها، إن النعاج من وجهة نظري أكثر شرفاً ونخوة من تلك الحيوانات الكاسرة التي تتوارى عن الأنظار وتتخندق، فلا مشكلة بنعجة تمارس حياتها الطبيعية بل ويستنسخونها، ما يدل على قيمتها المعنوية، بل المشكلة بمن يدعي أنه أسد لكنه لا يملك مخالب ولا أنياباً. [email protected] @Saud_alrayes