مع كل قذيفة مدفعية تطلقها دبابة إسرائيلية، أو صاروخ تطلقه طائرة حربية أو استخدام الأسلحة المحرمة دولياً ضد المدنيين الفلسطينيين، تزداد أعداد الشهداء والجرحى. ولكن، لدينا جرحى من نوع خاص يعكس فظاعة الأسلحة المستخدمة ضد الفلسطينيين والمحرمة دولياً، حيث تؤدي هذه القذائف إلى بتر الأطراف، أو تعطيل السمع والبصر، على مرأى من العالم بأسره، الذي لا يحرك ساكناً، وهو يعلم علم اليقين أن المجتمع الإسرائيلي يتجه نحو اليمين ويزداد كراهية للعرب، تلك الكراهية التي تزداد مع زيادة عسكرة التعليم داخل المجتمع الإسرائيلي، ودور فتاوى الحاخامات التي تحرض على قتل الأغيار وإبادتهم (كل من هو غير يهودي). لقد بلغ تعداد هذه الشريحة في قطاع غزة 1700 جريح مبتور، يحتاجون إلى أطراف اصطناعية، ودعم نفسي ولوجيستي، فهؤلاء قدموا أطرافهم رخيصة للدفاع عن الأرض والعرض، وما زالوا يقدمون ما لديهم في شتى مجالات الحياة، وفق قدراتهم، ولكن ماذا نحن صانعون لهم؟ «جمعية الأيدي الرحيمة»، التي تعنى بهذه الشريحة المهمشة، نظمت لقاءً لعدد من هؤلاء الجرحى مع وفد أردني جاء إلى قطاع غزة ضمن قوافل كسر الحصار، وقد وجدنا رجالاً مؤمنين بقضائهم وقدرهم، وفخورين بجهادهم ضد الاحتلال الإسرائيلي. وكانت كلمات رئيس الوفد بمثابة أطراف معنوية لهؤلاء المصابين، فمهما قدمنا ويقدم البعض لهم فهناك تقصير. والقبلة التي طبعها رئيس الوزراء إسماعيل هنية على قدم جريح بترت قدماه قبل أيام في مستشفى دار الشفاء بغزة، يحتاجها الجريح في كل زمان ومكان، وأن تترجم باحتضان الحكومة الفلسطينية مطالبَهم العادلة، فقد حدثني أحدهم أنه في أحد الأيام تبول على نفسه لأنه كان ينتظر أحد إخوانه كي يحمله إلى منزله في الطبقة الثالثة، لذلك فإن هذه الشريحة في حاجة إلى سكن يراعي ذوي الاحتياجات الخاصة، وأملنا بالحكومة الفلسطينية أن تستجيب لهذا المطلب الإنساني وتخصيص قطعة أرض لبناء عمارة سكنية لتلك الشريحة، وهذه هي أجمل قبلة قد يطبعها إسماعيل هنية على جباههم.