سيدة سعودية تختبئ داخل الحرم مع بناتها هرباً من زوجها بسبب الإيذاء والتعذيب، ولعقده قران ابنتهما ذات ال16 ربيعاً على «خمسيني» من دون موافقتها. مديرة إحدى مدارس البنات في الرياض اكتشفت تعرض ابنة الصف الخامس للإيذاء من والدها وزوجته، حين حضرت زوجة والدها إلى المدرسة تتهمها بسرقة ملابسها بغرض السحر. فتاة تقدمت ببلاغ إلى مركز الشرطة في عسير متهمة والدها بالتحرش بها، وقالت الأم إن الوالد كان يعنف أبناءه الثمانية بمن فيهم الفتاة المعاقة ويتحرش بابنة 16 عاماً. وتتربع قضية لمى ابنة الأعوام الخمسة على رأس هذه القصص حيث ودعت الحياة بعد غيبوبة دامت قرابة سبعة أشهر إثر تعرضها لإصابات، وكسور، وحروق، ونزيف في الدماغ بسبب الضرب والتعذيب على يد والدها. ولا يمكن أن تمر قصة لمى من دون أن نُعيد مسلسل موت الأطفال جراء العنف في السنوات الست الماضية. ابتداء من رهف ومروراً بأحلام، وغصون، وبيان، شرعاء، وكلثوم وغيرهن من الأسماء التي سقطت من محرك البحث، أو دُفن سرها معها، أو ربما مازالت تتنفس هواء ملوثاً في بيئة عنيفة، وقد لا نسمع عنهن حتى تُوارى أجسادهن الثرى. العاملون والباحثون في المجالات الصحية والنفسية والاجتماعية يؤكدون أن ما يظهر على السطح من قضايا العنف ما هو إلا غيض من فيض، وأن أطفال النزاع الأسري هم الأكثر عرضة للعنف، ولا تظهر الأرقام الحقيقية لهذه المشكلة لاختلاف الجهات التي ترصدها وتستقبلها، وأن الكثير من الحالات لا تقوم بالتبليغ لأسباب عدة. لكن سجل برنامج الأمان الأسري خلال عام ونصف حتى شباط/فبراير 2012 ما يقارب 616 حالة إيذاء للأطفال، شكّل العنف الجسدي منها 64.4 في المئة والجنسي 22 في المئة. بينما احتاجت 53 في المئة من الحالات إلى التنويم في المستشفى، وأدخلت قرابة 24 في المئة منها إلى العناية المركزة. وأعلن إحصاء للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالمدينة المنورة عن ارتفاع حالات العنف ضد الأطفال لهذا العام إلى 23 حالة، وهو ما يزيد عن الأعوام السابقة. كما أعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية أخيراً أنها استقبلت خلال شهر رمضان الماضي 17 حالة عنف أسري في مكة فقط. وفي دراسة قديمة لمركز مكافحة الجريمة في وزارة الداخلية، بحسب الصحف المحلية، 45 في المئة من الأطفال في السعودية يتعرضون للعنف والإيذاء، أكثرهم الأيتام ويليهم أطفال النزاع الأسري. لقد صادف أمس 20 تشرين الثاني(نوفمبر) اليوم العالمي لحقوق الطفل، والذي يحتفل به من أجل تعزيز رفاه الأطفال في العالم، وهو اليوم الذي اعتمد فيه اتفاق حقوق الطفل في عام 1989، والذي وقعت عليه المملكة عام 1996. وبهذه المناسبة، وما تزامن معها من قصص مؤلمة، نتساءل عن ما وصلت إليه التشريعات والأنظمة الخاصة بحماية الأطفال وتوفير بيئة آمنة لهم تمكنهم من النمو في شكل صحي وسليم. جهود تبذل، لكنها ما زالت تتعامل مع النتائج. أحكام صارمة صدرت في حق أشخاص تسببوا في قتل أطفالهم جراء التعذيب، كان أشهرها الحكم على والد غصون، وبيان، وزوجة أب كلثوم بالقتل تعزيراً، مع حبس والد كلثوم 15 عاماً لأنه سمح بأذى ابنته، لكن هناك أصوات ما زالت تتساءل: هل «لا يقتل الوالد بالولد» في ظل غياب قوانين تجرم العنف؟ قانون حماية الطفل، وقانون الحماية من الإيذاء ما زالا في مجلس الشورى، وتساؤلات عن جدواهما في التعامل مع المشكلة. فهل مازلنا نتلكأ للتصدي لهذه القضية؟