مع انخفاض إمدادات الغاز في منطقة الخليج والتطورات الجديدة على صعيد المواد الأولية في مناطق أخرى من العالم، مثل تطوير الغاز الصخري في الولاياتالمتحدة والغاز التقليدي في العراق، أصبح القطاع العالمي للبتروكيماويات عرضة لاضطرابات كبيرة، وفقاً لتقرير وضعته «بوز آند كومباني» الأميركية للاستشارات. وتبدو هذه الاضطرابات جليةً على مستوى تأمين الإمدادات من المواد الكيماوية الأساسية وأسعارها، مثل الإيثيلين والبروبيلين والبوتادين والبنزين، بسبب التغير في مزيج المواد الأولية المستخدمة في إنتاج البتروكيماويات، وفقاً للتقرير. وعلى رغم الاضطرابات المتوقعة، أكدت مصادر من القطاع أن أداء قطاع البتروكيماويات خلال العام الحالي كان جيداً، على رغم الظروف التي يمر بها الاقتصاد العالمي والمتمثلة في بطء نمو الاقتصادات الغربية وتراجع معدلات النمو العالية للاقتصادات الناشئة. وعزت المستوى التشغيلي والمبيعات والأداء المالي الجيّد للشركات العاملة في القطاع، إلى عوامل عدة في مقدمها استمرار إنتاج الشركات بطاقاتها القصوى وتوافر المواد الخام بأسعار تنافسية، فضلاً عن الكفاءة العالية في مراحل التشغيل والمبيعات والخدمات، لتسويق المنتجات في المنطقة العربية وللزبائن في مختلف أنحاء العالم. وكان الأمين العام للاتحاد الخليجي للبتروكيماويات، عبد الوهاب السعدون، أكد في تصريح سابق إلى «الحياة»، أن القطاع شهد معدلات نمو عالية بلغت 13.5 في المئة خلال العام الماضي، معتبراً أنها نسبة النمو الأعلى في القطاع على مستوى العالم. ولفت إلى أن الطاقات الإنتاجية لدول الخليج مجتمعة من المواد البتروكيماوية بلغت 116 مليون طن في نهاية عام 2010، وستصل إلى 126 مليوناً نهاية السنة، وإلى 148 مليون طن نهاية 2016. وأكد تقرير «بوز آند كومباني» أن منطقة مجلس التعاون الخليجي تجد نفسها في وضع معاكس تماماً لأميركا الشمالية التي تفيض بالغاز. فإنتاج الغاز المصاحب للنفط، يرتفع قليلاً تماشياً مع استخراج النفط، وغالبية العرض المتوقع مرتبط بمشاريع حالية وجديدة. وأضاف أن شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط تلبي النقص في الغاز عبر استكشاف الغاز غير المصاحب وغير التقليدي والغاز الصخري، في حين انتقلت شركات البتروكيماويات المختلفة إلى استهلاك مزيد من المواد الأولية السائلة. وخارج منطقة مجلس التعاون الخليجي، يملك العراق كميات وافرة من الغاز على شكل غاز مصاحب. ووضعت البلاد هدفاً لإنتاج النفط يبلغ 13 مليون برميل يومياً بحلول عام 2017، ومن شأن نمو من هذا القبيل أن يؤدي إلى زيادة إنتاج الغاز. وفي حين أن كمية الإيثيلين شهدت ارتفاعاً مفاجئاً، تراجعت الكميات المعروضة من البروبيلين والبوتاديين والبنزين. وفي موازاة ذلك، من شأن التكنولوجيات البديلة إصلاح اختلال العرض، إضافة إلى تقليص الأسعار. وأبرز التقرير تأثير تطورات المواد الأولية في الجهات المختلفة الفاعلة في سلسلة التزويد بالكيماويات التي تتضمن المنتجين في الخليج والمنتجين والمستهلكين العالميين، إذ يعتمد قطاع البتروكيماويات العالمي على عدد قليل من المواد الكيماوية الأساسية لتصنيع منتجاته النهائية. وتنتج المصافي هذه المواد كمنتج جانبي لبعض المواد الأولية، على غرار الغاز «الخفيف» والنافتا السائلة «الثقيلة». وأكد الشريك في «بوز أند كومباني»، أندرو هورنكاسل، أن «ظهور مصادر جديدة محتملة للمواد الأولية الخفيفة خلال السنوات الأخيرة، أدى إلى إحداث تغير كبير في توافر المواد الكيماوية الأساسية الأربع، بما أن مصادر المواد الأولية الخفيفة تحل مكان المواد الأثقل. وهذا مرده إلى أن المواد الأولية الخفيفة تُستخدم في الأغلب لإنتاج الإيثيلين، بينما تُستخدم المواد الأولية الثقيلة لإنتاج البروبيلين والبوتادين والبنزين. وأدى هذا العرض المتغير، نتيجة التطورات في الشرق الأوسط وأميركا الشمالية والصين، إلى اختلال بين العرض والطلب والأسعار في الأسواق العالمية للبتروكيماويات.