أشارت دراسة اقتصادية الى انه بعد عقدين من التوسع نتيجة وفرة الغاز الطبيعي بأسعار متدنية، تمكنت شركات البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي من احتلال مكانة رائدة في قطاعها. غير أن التحولات الأخيرة في العرض والطلب على السواء أدت إلى تفاقم نقص الغاز الطبيعي في المنطقة. وفي الوقت عينه، تشكل تطورات المواد الأولية في مناطق أخرى من العالم تهديداً للفاعلين في دول الخليج وتوفر لهم فرصاً أيضاً. وقال أندرو هورنكاسل وهو نائب رئيس في بوز أند كومباني التى صدرت عنها الدراسة إن «جهود التنويع في المنطقة لرفع إجمالي الناتج المحلي غير النفطي أدّت إلى ازدياد كبير في العمالة المحلية، بما في ذلك القطاعات الصناعية التي تتطلب طاقة كثيفة، مدفوعة بأسعار غاز متدنية. ومن المتوقع أن تواجه دول مجلس التعاون الخليجي نقصاً كبيراً ومتزايداً في الغاز الطبيعي في السنوات المقبلة. لذلك من غير المتوقع أن ينمو العرض على الإيثان بشكل كبير مع استغلال غالبية العرض المتوقع في المشاريع الحالية والجديدة». وأضاف أن شركات البتروكيماويات انتقلت إلى مواد أولية سائلة أكثر للتكيف مع هذا الأمر،. ومن المتوقع أن تستخدم غالبية المشاريع الكبرى الجديدة عبر المنطقة (على غرار أرامكو السعودية- داو كيميكال، وصدارة للكيمائيات وهي مشروع مشترك بين أرامكو وداو كيميكال) في أكثر الأحيان المواد الأولية السائلة. وسيقلص هذا التحرك في اتجاه المواد الأولية السائلة هوامش الربح والقدرة التنافسية الإجمالية للفاعلين في دول مجلس التعاون الخليجي، بما أن منافع التكلفة ليست ذاتها في حالة المواد الأولية الغازية. وفي أماكن أخرى من العالم، تجعل تطورات المواد الأولية الفاعلين في قطاع البتروكيماويات أكثر تنافسية. فالمصادر الجديدة للغاز الصخري في أميركا الشمالية، وتكنولوجيات الإنتاج الواعدة مثل مبادرات تحويل الفحم الحجري إلى وقود سائل في الصين والغاز التقليدي من القطاع المعاد تطويره في العراق، كلها تؤثر في القطاع. تطورات المواد الأولية: بغض النظر عن الواقع في المدى القصير، تشكل مصادر المواد الأولية تهديداً لربحية الفاعلين في دول مجلس التعاون الخليجي وتوفر فرصاً يجب أخذها في الاعتبار على السواء. وقال آشيش ساستري وهو مدير في بوز أند كومباني إن «التحولات في منحى التكلفة قد تؤدي إلى مواد أولية بأسعار أكثر تنافسية وإلى قدرة بتروكيماوية جديدة في أسواق الولاياتالمتحدة والصين والعراق. ويمكن أن تؤدي زيادات القدرة من هذه المصادر الثلاثة في نهاية المطاف إلى فائض في العرض، فتحل المواد الأولية الجديدة على الأرجح مكان المصادر القديمة مثل رقائق النافتا الفرعية في أوروبا وآسيا، مما يخرج الفاعلين التقليديين من السوق. ومن المحتمل أن ترتفع تكلفة إنتاج البتروكيماويات في الشرق من المحتمل أن ترتفع تكلفة إنتاج البتروكيماويات في الشرق الأوسط نتيجة الانتقال إلى المواد الأولية السائلة، وعليه فإن مزايا التكلفة وهوامش الأرباح التي تمتعت بها شركات البتروكيماويات في الشرق الأوسط خلال العقود القليلة الماضية يمكن أن تتراجع بشكل هامشيالأوسط نتيجة الانتقال إلى المواد الأولية السائلة، وعليه فإن مزايا التكلفة وهوامش الأرباح التي تمتعت بها شركات البتروكيماويات في الشرق الأوسط خلال العقود القليلة الماضية يمكن أن تتراجع بشكل هامشي. وقد يكون للمنتجين في الشرق الأوسط الفرصة لإقامة مشاريع في الولاياتالمتحدة والصين والعراق». حاجة منتجي الشرق الأوسط التغييرات الكبيرة في ما يتعلق بالقدرة الحالية لمنتجي البتروكيماويات في المنطقة ليست فورية، ويتعين على شركات الشرق الأوسط الآن بذل جهد أكبر لتحديد مصادر نمو جديدة ويمكن اللجوء الى ذلك عير ثلاث استراتيجيات كالتالي: الاستثمار في مشاريع بتروكيماوية في أميركا الشمالية على أساس تطورات الغاز الصخري. ويتطلب هذا الخيار تعزيز العديد من القدرات الأساسية التي يمتلكها الفاعلون في قطاع البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي أصلاً، أي القوة المالية، والقدرة على إنتاج كميات كبيرة من الكيماويات الأساسية بفاعلية وكفاءة، وعلاقات قوية مع المؤسسات الأخرى، وسلسلة تزويد وشبكة توزيع يمكن الاستفادة منها للتزوّد من الموردين وتقديم الخدمات للعملاء في مناطق عدة. بالإضافة إلى ذلك، سوف يتعين على الفاعلين في دول مجلس التعاون الخليجي تكييف قدراتها لناحية إقامة مشاريع كبيرة وتتطلب رساميل كبيرة بطريقة فعالة لناحية التكلفة وملائمة في التوقيت. او عن طريق توسيع قطاع العمليات النهائية إلى كيماويات الأداء والمتخصصة. ويتضمن هذا الخيار توسيع محفظة المنتجات الحالية بعيداً من الكيماويات الأساسية نحو الفئات النهائية، مما قد يسمح للشركات الخليجية بالاستفادة من مواد أولية أثقل ضمن المنطقة والاستفادة من التكامل. وللنجاح في ذلك، سيتعين على الفاعلين في قطاع البتروكيماويات تنويع نماذج العمل بما يعكس مختلف مواقع السوق وسلاسل القيمة لكل فئة من فئات العملاء. وسوف يكون على أي شركة تسعى إلى التوسع لكيماويات الأداء أو الكيماويات المتخصصة بناء قدرة ابتكار لحماية هوامش الأرباح على منتجاتها الأكثر تخصصاً، مع فهم أفضل لنماذج العمل لتقديم الخدمات لعملاء الاستخدام النهائي. أو دمج القطاع ضمن دول مجلس التعاون الخليجي وبناء الحجم. هذا هو الخيار الاستراتيجي الأكثر تعقيداً وسوف يشمل جميع القدرات المؤسسية، أي القوة المالية، والشراكة والتكامل، والمعالجة الفعالة للكيماويات الأساسية، وسلسلة تزويد وشبكة توزيع قويتين، والقدرة على إقامة مشاريع تتطلب رساميل كبيرة بطريقة فعالة وملائمة في التوقيت، فضلاً عن ابتكار قوي وفهم شامل لنماذج عمل الموردين والعملاء واحتياجاتهم. والأهم من ذلك أنه على هذه الشركات أن تكون قادرة على إدارة المواقع المتكاملة في أسواق العملاء لحشد الجهود بفعالية. وقال هورنكاسل إن «للفاعلين الخليجيين في قطاع البتروكيماويات بعض الخيارات الواضحة لمواجهة هذا التهديد التنافسي، من خلال عدد من الخيارات الاستراتيجية في قطاعي العمليات الأساسية والعمليات النهائية عبر سلسلة التزويد. غير أن كل خيار يتطلب مجموعة محددة من القدرات الضمنية. فرغم امتلاك الكثير من الشركات بعضاً من هذه القدرات في الوقت الراهن ضمن إطار العمليات، سيكون من الضروري تعزيزها. وقد لا تتوافر قدرات أخرى ضمن المؤسسة إطلاقاً، مما يتطلب من الشركات تنفيذها بالكامل من الأساس. ونظراً إلى هذه التغييرات الضرورية، من الأهمية بمكان أن تحدد الشركات أفضل تلاؤم بين نقاط قوتها الحالية ومتطلبات القدرة المستقبلية لكل خيار استراتيجي.