حذّر تقرير اقتصادي من أن دول مجلس التعاون الخليجي التي تملك نحو 23 في المئة من الاحتياط العالمي للغاز الطبيعي وتصدره منذ عقود، «قد تضطر لاستيراد الغاز لكي تلبي حاجاتها منه». وأوضحت شركة «بوز أند كومباني» العالمية في تقرير بعنوان «نقص الغاز في دول مجلس التعاون الخليجي - كيف نسد العجز» أن «النقص في الغاز بالدول الخليجية حقيقي ويُرجح أن يتفاقم، إلا أن هناك فرصاً لمواجهة التحدي على المديين القصير والطويل». وقال إن «فكرة استيراد الغاز لدول مجلس التعاون الست تبدو منافية للمنطق، لأنها تملك نحو 23 في المئة من الاحتياط العالمي للغاز، غير أن مدى الاختلال في العرض والطلب على الغاز يحتم عليها (باستثناء قطر)، استيراد الغاز لكي تلبي الطلب المتنامي بسرعة». وأضاف تقرير بوز أند كومباني (حصلت «الحياة» على نسخة منه)، إن هناك خمسة عوامل تضافرت لتغيير ميزان العرض والطلب على الغاز في دول مجلس التعاون الخليجي الى الدرجة التي باتت المنطقة تواجه فيها نقصاً متعاظماً في هذه المادة، أولها تزايد كل من استهلاك الطاقة وحصة الغاز في توليد الكهرباء، إذ نمت اقتصادات دول التعاون بمعدل 7.6 في المئة سنوياً بين عامي 1998 و2008، وتماشى الطلب على الغاز والكهرباء مع نمو إجمالي الناتج المحلي إقليمياً والتنوّع الاقتصادي، محققاً نمواً بنسبة 5.5 و6.1 في المئة على التوالي. وأشار إلى أن العامل الثاني هو تناقص موارد حقول النفط والحاجة إلى الغاز لتطوير استخراج النفط، إذ تعتبر حقول النفط التي تتناقص الكميات الموجودة فيها والتي يُستعمل فيها الغاز الطبيعي لضخه من الأرض بهدف إبقاء الضغط في الخزانات والحفاظ على إنتاج النفط، مصدراً أساسياً ثانياً لاستهلاك الغاز في دول التعاون. وتعالج دول المجلس نقص الغاز لديها حالياً بخفض كميات الغاز المعاد ضخه وتوجيه الغاز الى المستخدمين النهائيين، غير أن هذه الاستراتيجية ليست مستدامة على المدى الطويل. وفسر الدكتور رائد قمبرجي الشريك في بوز أند كومباني ذلك، قائلاً: «على رغم أن العمل جار على تطوير التكنولوجيات البديلة الرائدة ونشرها على أساس تجريبي، فإنه لا يُرجح أن تفضي هذه الوسائل الى خفض كبير للطلب على الغاز». وذكر التقرير أن ثالث العوامل هو «ازدياد التركيز الاقتصادي على قطاعات الحديد الصلب والألومنيوم والبتروكيماويات، إذ تمنح الأسعار المنخفضة للغاز ميزة تنافسية للشركات الخليجية تتيح لها تعزيز استثماراتها وزيادة قدراتها في السنوات القليلة المقبلة، ولذلك سيزداد انتاج البولييثيلين والبوليبروبيلين في الشرق الأوسط أكثر من مرتين بين عامي 2008 و2012، كما أن إنتاج الحديد قد يرتفع أكثر من ست مرات في الفترة نفسها». ويتمثل العامل الرابع في التحديات التي يواجهها التنقيب عن الغاز وإنتاجه، إذ تواجه المنطقة تحديات استثنائية للحفاظ على انتاج الغاز ورفعه إلى مستوى يسمح لها بتلبية الطلب عليه. ولفت التقرير إلى ان معظم إنتاج المنطقة من الغاز هو الغاز المصاحب لانتاج النفط، وهو بالتالي مرتبط بحصص إنتاج النفط التي تحددها «أوبك». وأضاف أن العامل الخامس هو التزامات تصدير الغاز الطويلة المدى التي تحد من الامدادات المتوافرة محلياً، إذ التزمت بلدان أساسية منتجة للغاز مثل الامارات وعُمان وقطر بتصدير كميات كبيرة من انتاجها الحالي كغاز طبيعي مُسال إلى آسيا وأوروبا، «وستفاقم هذه الالتزامات مشكلة نقص إمدادات الغاز، في حين أن الطلب يواصل الارتفاع. وتمتد التزامات التصدير حتى آخر العقد المقبل على الأقل وفي بعض الحالات أكثر». وأكد أن دول مجلس التعاون تملك فرصة لمعالجة النقص في الغاز بالاستفادة من الفائض في الأسواق العالمية الناجم عن أزمة الركود العالمي التي خفضت الطلب على الغاز في البلدان الصناعية، إذ من المتوقع أن تشهد أسواق الغاز العالمية فائضاً بنسبة 5 الى 15 في المئة حتى عام 2015 على الأقل، وتستطيع الدول الخليجية إعادة التفاوض على بعض العقود التي أبرمتها، وهذا ما قد يساعدها في تحرير كميات من الغاز كانت معدّة للتصدير وتخصيصها للاستعمال المحلي». ورأى التقرير أن التوقيت الحالي قد يكون مناسباً للجميع لاقتراح عقود ذات بنود مرنة.وقال التقرير إنه يتعين على بلدان مجلس التعاون الخليجي مواجهة التحديات المتصلة بالغاز، عبر خفض الطلب على المدى الطويل وزياد ة العرض. وحدد التقرير ستة مجالات قال إنه يمكن تركيز الجهود عليها هي: رفع أسعار الغاز المحلية تدريجياً، تحسين فعالية الطاقة عبر تغييرات في الأطر التنظيمية، تعزيز انتشار مصادر بديلة للطاقة الكهربائية، الاستثمار في وسائل بديلة لتطوير عمليات استخراج النفط، تقديم الحوافز لشركات النفط العالمية للمساهمة في التنقيب عن الغاز واستخراجه، وضع مسألة تصدير الغاز ومسألة احتياطات الغاز المحلية في الميزان.