أمير الرياض يوجه باستمرار العمل خلال إجازة عيد الفطر    بدء التسجيل العيني للعقار لعددٍ من الأحياء والقطع العقارية بالمنطقة الشرقية ومحافظة مرات    المجتمع السعودي يشهد فرص عمل جديدة بأجور مجزية لتعزيز المسؤولة الاجتماعية وإحداث تأثير إيجابي    هيئة النقل : تسليم أكثر من 16.5 مليون شحنة حتى 20 رمضان    بأحجار السروات.. مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يُجدّد مسجدًا عمره 13 قرنًا    "دله النخيل" يعالج سيدة من ارتفاع ضغط الدماغ والطنين بالقسطرة    منصات المحتوى الرقمية ودورها في الحفاظ على التقاليد الرمضانية لدى الشباب    الاتفاق يواصل تحضيراته    "بسطة خير السعودية" تحتضن أكثر من 80 بائعًا جائلًا وتحقق نجاحًا لافتًا في بريدة    رئيس أرامكو يسلّط الضوء على فرص النمو والاستثمار في الصين    البدء في تطوير ساحة قصر عالي والمنطقة الحضرية بقرية العليا    سدايا" تُسهم في تعزيز الوصول إلى مجتمع معرفي فاعل.. قوامه الإبداع والابتكار بتقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي    الرقابي يشيد بتطور العلاقات بين المملكة وموريتانيا يوما بعد يوم في كافة المجالات    حجز479 شاحنة أجنبية مخالفة لأنظمة النقل    تعرف على مواعيد مباريات نصف نهائي الأمم الأوروبية    المنتخب الوطني يكثف تحضيراته لليابان.. ورينارد يتحدث للإعلام    تشارك في "هانوفر ميسي" بألمانيا.. «الصناعة والتعدين» تستعرض فرص الاستثمار    زراعة الكلى في برامج "بر جدة".. أحلام تلامس الواقع    ضبط مفحطين عرضوا حياة الآخرين للخطر    دشّن المركز الكشفي للمهارات والهوايات الطلابية بحلته الجديدة .. أمير المدينة: القيادة الرشيدة تدعم قطاع التعليم باعتباره ركيزة أساسية لتطوير المجتمع    رفضوا التهجير وأيدوا إعمار غزة.. اللجنة العربية الإسلامية والاتحاد الأوروبي: المؤتمر الدولي برئاسة السعودية وفرنسا ضروري لحل الأزمة الفلسطينية    دور محوري للسعودية في تقريب وجهات النظر.. جولة جديدة لمحادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا    أفلام جديدة تنافس في موسم عيد الفطر    مشروع الأمير محمد بن سلمان يحافظ على الاستدامة في مسجد الحصن    إنما تقاس قيمة الأمم وقوتها بأخلاقها    درع الوطن وراحة ضيوف الرحمن    إنهم يسيئون للحرم    الغارات الأمريكية تتواصل على الحوثيين    تحدّيث الاشتراطات الصحية في حج 1446ه    "أبها" الأنقى هواءً في المملكة خلال عام 2024    الصحة تحدّث اشتراطات الحج لعام 1446ه لضمان سلامة الحجاج    صافرة الكويتي"العلي" تضبط مواجهة السعودية واليابان        مصر تستضيف البطولة العربية للأندية 2025    «مسام» يطهّر 217,657 متراً مربعاً من الأراضي اليمنية خلال مارس    المديرية العامة للسجون تشارك في معرض وزارة الداخلية للتعريف بالخدمات المقدمة لضيوف الرحمن بمحافظة جدة    صحف يابانية: غياب سعود عبدالحميد صدمة قوية للأخضر    انتقادات حادة لنيمار بسبب قميص    يريدون سوريا قلبًا لهم    «سلمان للإغاثة» يوزّع 594 سلة غذائية في مديرية الروضة بمحافظة شبوة    الفريق الفتحاوي يستأنف تدريباته خلال فترة التوقف الدولي بغياب عدد من لاعبيه الدوليين    أمريكا وإيران: التهديدات والفرص معادلة مختلة    %85 رضا السعوديين عن الرعاية الأولية    57 رخصة مياه شرب معبأة بالمناطق    قاعدة بيانات وعلاج مجاني لمرضى السكري والسمنة    آل الشيخ: إقامة صلاة عيد الفطر بعد شروق الشمس ب15 دقيقة    جامعة الملك سعود تستقطب طلبة الدراسات العليا المتميزين    مبادرة "بسطة خير السعودية" بالشرقية تشهد ١٥ ألف زائر للأركان والفعاليات الترفيهية    رئيس الحكومة المغربية يصل إلى المدينة    رئيس وزراء باكستان يؤدي العمرة ويغادر جدة    رئيس الحكومة المغربية يصل المدينة المنورة    ذكرى البيعة.. تلاحم قيادة وشعب    دراما تشبهنا    كعب أخيل الأصالة والاستقلال الحضاري 2-2    عناق جميل بيعة ودعم وعيد    أكشاك مؤقتة لوجبات إفطار الصائمين    الخيمة الثقافية تعزيز للهوية والتواصل المجتمعي    سمو ⁧‫ولي العهد‬⁩ يستقبل أصحاب السمو أمراء المناطق بمناسبة اجتماعهم السنوي الثاني والثلاثين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحيل فاليري بيتروف شكسبير بلغاريا غير المعلن
نشر في الحياة يوم 11 - 09 - 2014

رحل قبل أيام الشاعر البلغاري فاليري بيتروف عن 94 سنة (ولد عام 1920 ) قضاها حتى اللحظة الأخيرة في الكتابة والترجمة والتأليف. اشتهر بيتروف بترجمة وليم شكسبير إلى اللغة البلغارية في أربعة مجلدات. اسمه الحقيقي فاليري نيسيم ميفوراخ. أبوه محام لامع وأستاذ في القانون الدولي وسفير لاحق لبلغاريا في الولايات المتحدة الأميركية. ينحدر من عائلة يهودية بلغارية.
أمه ماريا بتروفا مدرسة أدب فرنسي، وهو نفسه درس في المدرسة الإيطالية في صوفيا قبل أن يكتب مجموعته الشعرية الأولى وهو في الخامسة عشرة من عمره بعنوان «طيور نحو الشمال» ولكنها لم تصدر مطبوعة إلا بعد ثلاث سنوات من كتابتها. يختصر فاليري بيتروف قرناً كاملاً من تاريخ بلغاريا المعاصر، ولئن كان قد عايش الحرب العالمية الثانية بوصفه مراسلاً حربياً لجريدة بلغارية، فإن الحرب الكونية الأولى تركت تأثيرات كبيرة فيه امتدت لتتصل بالحرب الثانية، لم يكن ممكناً تجاهلها في الفترة البيّنة التي ساهم فيها الملك البلغاري بوريس بحماية يهود بلغاريا من أفران الغاز الهتلرية. مهما يكن فإن بيتروف الذي يعتبره مواطنوه «شكسبير بلغاريا» لم يكن مهتماً باللقب الذي يفرض نوعاً من الدعّة على المثقف وقف بيتروف في وجهها حتى آخر نفس، فلم يتوقف كما أسلفنا عن الكتابة والتأليف، وإن ظلت إطلالاته الصحافية والإعلامية مقلة بسبب من انكبابه الطويل على «فعل ما يمكن للمثقف أن يفعله في الانعطافات الكبيرة».
ولئن رأى الشاعر بيتروف أن أزمة القرن الجديد محصلة انحطاط أخلاقي واجتماعي وبيئي وسياسي، فإنه كان مؤمناً بأن هذا القرن سيشكل امتحاناً قاسياً للبشرية» ليس مؤكداً أنها قد تتجاوزه بسهولة»، وبخاصة مع تراجع دور المثقف والثقافة، وانحسارهما لحساب التلفزيون «الشاشة الصغيرة التي أثبتت أنها أكبر من شقيقتها الشاشة الكبيرة بكثير وظلت مداومة على تقديم ثقافة استهلاكية طافحة باليسر والسهول والاعتداء على الخيال بوصفه سلطة عليا في حياة الناس، أو يمكن اعتبارها كذلك، ما دام الإنسان المعاصر يجنح في سلوكه نحو التقليل من أهميته في معالجاته للكثير من الثيمات والتقلبات التي تعترض طريقه.
سيظل الكتاب (آخر إصداراته مختارات من أشعاره في عام 2013 ) هو ما يرسم خطاً بيانياً في وقوفه المستقل وانتصاره للثقافة رغم إدراكه أن يموت لحساب أشياء قليلة الأهمية، ولكنه يقاوم. ولم يكن على عداء مع الشبكة العنكبوتية الكونية «التي لن تقدم الخير للإنسان المعاصر» لكونها تمتصه في علبة سحرية افتراضية وتقدم له علاقات وهمية تبعده عن الحلول الواقعية لمشاكله الأخلاقية والاجتماعية. ذلك أن المحزن في سيرة الإنسان أن سلطة رأس المال تبدو قوية في مساره، وهي من تحدده لأنها سرعان ما تتحول إلى «موجه» عملاق لبصيرته حين تستنفد، في عمليات مراكمة الأرباح عبر اختراع صكوك معادية لوجوده ويمكنها أن تسخر منه على الدوام.
والأخطر أن التقدم العلمي الهائل الذي يسم هذه المرحلة المتقدمة من عمر البشرية (على صعيد العلوم ) يتحول إلى مهرّج ثانوي في عمليات المراكمة والاختراعات التي يتسابق إليها الجميع، إلى درجة أنه لم يعد ممكناً تخيل ولادة جول فيرن جديد في هذا العالم يمكنه أن يقدم أمثولة في اختراع الحلول، واستنطاق الجانب البشري في معاركه مع التنمية الإنسانية، وانحيازه لقيم ثقافية عالية.
يصبح الاستهلاك مدرسة الوطن التي تقدم البرامج الترفيهية التسطيحية والإعلانات السقيمة والأفلام الإباحية، وتختفي عوالم تسفايغ وتشيخوف ويصبح الخوف من هذه الهدايا هو مصدر إيقاع الحياة الجديدة. عاش فاليري بيتروف حتى اللحظة الأخيرة بأنفاس المثقف المحارب الذي لا يستريح، ولم يكن يريد أن يختصر قرناً من معاناة بلغاريا، والإنسان بشكل عام، ولم يعترف ب «الشيخوخة» التي لاتمنح الحكمة دائماً، وبالتالي يصبح الحديث عن نصائح في مواجهة أجيال جديدة غير ذي أهمية، لأن هذه الأجيال، تنتقل في تلقي المعرفة عبر «طرق» خاصة بها، لم تكن متوافرة في حكايا الجدات والمحاربين والشعراء. يقول في إحدى قصائده الأخيرة:» أما وقد بدأت فعلاً أيام الخريف\ فإن أول شيء سيتبادر إلى ذهني هو الشيخوخة\ لاشيء، فلتمتزج بالرصيف\ شمس صفراء وأوراق صفراء\ والأصابع ستظل تبحث عن القلم».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.