الحرب على قطاع غزة جزء من حملة الانتخابات الإسرائيلية. النازيون الجدد في الحكومة الإسرائيلية يهاجمون غزة التي جعلوها آخر معسكر اعتقال نازي في العالم، فالقطاع داشاو في الهواء الطلق، وكانوا في البداية اختاروا تجويع أهل القطاع (ما يذكِّرنا باليهود الذين أطلقتهم القوات الحليفة من أوروبا وكان القفص الصدري بادياً تحت جلدهم)، ثم وجدوا أن حرباً ستفيدهم انتخابياً، وقد التفّت أحزابهم حولهم. على سبيل التذكير، حزب العمل سرق رئاسته إيهود باراك الذي لم يجد له موقعاً في ليكود، وكديما هو ليكود باسم آخر، أسسه مجرم الحرب أرييل شارون. وأحزاب الائتلاف الحكومي الإسرائيلي قد تحمل أسماء مختلفة، إلا أنها جميعاً على يمين اليمين، وقياداتها نازية جديدة. بنيامين نتانياهو وإيهود باراك يتحالفان ضد الفلسطينيين، ويتفقان على قتل الأطفال، ثم يتآمر أحدهما على الآخر، وباراك يحاول أن يقدم نفسه حليفاً للأميركيين بدل نتانياهو، الذي أيَّد ميت رومني فخسر الرئاسة، وقال معلق إسرائيلي: نتانياهو قامر ونحن خسرنا. كاريكاتور إسرائيلي أظهر رومني يقول لزوجته آن: سأتصل ببيبي لأعزيه على الخسارة. يصعب أن يكون هناك مَنْ هو أنجس أو أكثر تطرفاً من رئيس وزراء إسرائيل ووزير دفاعها، إلا أن أفيغدور ليبرمان يحاول، فهو يرأس حزب «إسرائيل بيتنا» الذي يضم مهاجرين من الاتحاد السوفياتي السابق، أي لاجئين يعرفون فلسطين منذ 20 أو 30 سنة. ليبرمان بلّغ مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون أنه سيطيح السلطة الوطنية إذا أصرت على المطالبة بمقعد في الأممالمتحدة... يعني أن هذا المهاجر الذي عمل حارس بار الجامعة العبرية حيث كان يعتدي على الطلاب الفلسطينيين، يعتقد أن له حقاً في فلسطين، فلا أفعل سوى أن أقارنه بأي مواطن فلسطيني من أسرة نسيبة مثلاً، فهم في فلسطين منذ 1400 سنة متواصلة، والفاروق عمر، الذي طرد اليهود من القدس، سلّم مفتاح كنيسة القيامة لصحابيّ يرافقه هو جد هذه العائلة الكريمة. وقبل ذلك كله، كان الغساسنة المسيحيون العرب يحكمون القدس (بيت الله) من الجولان، ثم يأتي «بلطجي» من مولدافا ويعتقد أنه يستطيع أن يزوّر التاريخ ويلغي الجغرافيا. ليبرمان يتنافس مع نتانياهو في المواقف ضد أهل البلد الوحيدين، وكلاهما يريد فرض عقوبات على السلطة الوطنية، مع أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تعارض، خوفاً من انتفاضة في الضفة، ومعلوماتي هذه من الميديا الإسرائيلية مباشرة، فلا جدل فيها. قبل أن أنسى أن حكومة النازيين الإسرائيليين تضم أيضاً حزب شاس الديني، الذي قال عرابه اوفاديا يوسف يوماً إن الناس في العالم كله يجب أن يكونوا خدماً لليهود. هذا كلام نازي خالص وصاحبه أصله من المغرب، أي من بلاد عربية حمت اليهود عندما تركوا إسبانيا مع العرب، كما لم يفعل الأوروبيون، الذين اتجهوا شمالاً، فاضطهدهم الغرب المسيحي، وقام منهم اليهود «المارانو» الذين أنكروا دينهم في العلن، ولم يعودوا يهوداً أو مسيحيين بعد أجيال. إذا لم تكن الحملة الإسرائيلية على قطاع غزة حملة انتخابية بالوسائل الحربية، فهي محاولة لإحراج باراك اوباما وتحييده، والميديا الإسرائيلية كلها رأت أن نتائج انتخابات الرئاسة الأميركية ستؤثر في نتائج انتخابات الكنيست في 22 كانون الثاني (يناير) 2013، فهي تتوقع أن يتدخل الرئيس الأميركي في انتخابات إسرائيل لإيذاء نتانياهو بعد أن تدخل هذا في الانتخابات الأميركية إلى درجة الظهور في دعايات انتخابية لرومني في فلوريدا. الميديا الإسرائيلية تقول إن اوباما خبيث، وتدخّله لن يكون ظاهراً، فيعطي نتانياهو فرصة للشكوى والاحتجاج. طبعاً لا أحد أخبث أو أحقر من نتانياهو، وكان رومني وعده بأن تكون إسرائيل أول دولة يزورها بعد الفوز بالرئاسة، وخاب أمل الحليفَيْن وجاء وقت دفع الحساب. الثورات العربية أوجدت أوضاعاً جديدة، وحماس في وجه إسرائيل تجد حلفاءها في مواقع الحكم، في مصر وغيرها، وأُكمل غداً. [email protected]