يتداول بعض المحللين السياسيين في المنطقة سيناريوهات خطرة عما يمكن أن ينتهي به العدوان الصهيوني على الفلسطينيين في غزة، وتأتي هذه السيناريوهات ضمن سلسلة تغيير كبيرة وشاملة لمنطقة الشرق الأوسط، بدأت مع انطلاق شرارة الثورة المصرية مطلع 2011، وما تمخضت عنه من وصول دراماتيكي لمرشح جماعة الإخوان إلى كرسي الرئاسة، وسط ترحيب إسرائيلي حذر وغريب في الوقت ذاته. أخطر السيناريوهات المتداولة تتحدث عن توجه إسرائيلي «سرّي»، مدعوم من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، لتهجير الفلسطينيين من غزة، تحت ضغط الاعتداءات الإسرائيلية المتتالية عليها، إلى شبه جزيرة سيناء، التي هي فعلياً خارج السيطرة الأمنية المصرية منذ أشهر، شهدت خلالها حرباً عنيفة بين الجماعات الدينية المتمردة والجيش المصري، ولا يمكن لأحد أن يقدم «وسط التكتم الشديد من الجانب المصري»، أي معلومات موثوقة عن الوضع الحقيقي في سيناء، خصوصاً «المنطقة الشمالية» المحاذية لحدود الكيان الصهيوني. يتحدث السيناريو الخطر عن أن اللاجئين الفلسطينيين الذين سيجبرون على سلوك أقرب الطرق للنجاة بحياتهم من خلال عبور الحدود إلى سيناء، لن يُتركوا في العراء، إذ ستؤسس لهم مخيمات في المرحلة الأولى مشابهة لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن وسورية ولبنان، وقد يستغرق التهجير إليها بضعة أعوام تحت ضغط العدوان المتواصل على غزة، بحجة تأمين المستوطنات الإسرائيلية، وتحويل القطاع المزدحم بالفلسطينيين إلى منطقة عازلة منزوعة السلاح، وربما خالية من السكان أيضاً، أما المرحلة الثانية فتتمثل في تحويل سيناء إلى وطن «سياسي» بديل للفلسطينيين، وانتزاعها من الجسد المصري نهائياً، وهذه مسألة قد تستغرق ما بين سبعة إلى عشرة أعوام أو أكثر... لا أحد يدري، لكن ذلك لن يتم إلا بعد جر المصريين إلى حرب خاسرة تنتهي بمعاهدة جديدة تشرعن الوجود الفلسطيني في سيناء إلى الأبد. الغريب أن من يطرحون هذا السيناريو الخطر يؤكدون غالباً على أن تسهيل وصول جماعة الإخوان إلى السلطة في مصر تحت نظر إسرائيل والقوى العظمى الداعمة لها، جاء كتمهيد حقيقي لتنفيذ هذه الأجندة التي تحتاج إلى قيادة مصرية «غير ناضجة سياسياً»، تتورط في حرب قصيرة وخاسرة مع الكيان الصهيوني، وهذا لم يكن ليطرح سابقاً في ظل وجود قيادة مصرية «براغماتية متعقلة»، كنظام مبارك الذي وإن كان قد أغضب المصريين حتى ثاروا عليه وأسقطوه، إلا أنه نظام تميز بسياسته الخارجية المتعقلة، خصوصاً تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، واستطاع أن يُبقي بلاده طوال أكثر من ثلاثة عقود بعيداً من أصوات طبول الحرب التي تجرعت مرارتها إبان عهدي الرئيسين المصريين «عبدالناصر والسادات». في غزة النازفة يتحدث بعض الفلسطينيين الموالين ل«حماس» عن حلم الانتصار على جيش الاحتلال بقذائف الهاون والصواريخ العشوائية التي تطلقها كتائب القسام على المستوطنات، هو حديث جميل وحالم، لكن لا ضمانة واقعية على عدم تحوله إلى كابوس بعنوان «موسم الهجرة إلى الجنوب». [email protected] @Hani_Dh