استمرت الاحتجاجات على رفع الأسعار في الأردن لليوم الخامس على التوالي، وسط اعتقالات، تعرض لها متظاهرون، وتبادل أطلاق الرصاص بين الشرطة ومحتجين، ودعوات متنامية أطلقتها حراكات شعبية لإضراب عام عن العمل، خصوصاً بين المدرسين، في مختلف مناطق المملكة اليوم الأحد. وأعلن رئيس الحكومة عبدالله النسور تحمله كامل المسؤولية وحذر الأردنيين من «الذهاب نحو المجهول». وامتدت التظاهرات الصباحية والليلية إلى مناطق عدة في مختلف المحافظات تميز أكثرها بهتافات خرقت جميع السقوف. واعتصم ليل أمس مئات المحتجين قرب جبل الحسين محاولين الوصول إلى دوار الداخلية، لكن قوات الأمن حالت دون ذلك، كما شهدت منطقة رغدان القريبة من القصر الملكي تظاهرات ليلية رفع المشاركون فيها شعارات منددة بقرار رفع الأسعار وأخرى مطالبة ب «إسقاط النظام». وتطورت الاحتجاجات إلى أعمال شغب في وقت متأخر من الليل في منطقتي الرمثا والرصيفة، تنديداً بقرارات الحكومة. وفي الرمثا انطلقت تظاهرة ليلية اصطدمت بأخرى قادها شبان موالون للحكومة، وتطورت إلى اشتباكات وأعمال شغب بين الطرفين، حتى تدخلت قوات الدرك التي أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين واعتقلت آخرين. وفي الرصيفة اندلعت أعمال شغب واسعة في أعقاب تظاهرة احتجاجية وحدثت مناوشات بين المحتجين وقوات الدرك التي فرقتهم بالغاز. وأعلن نقيب المعلمين الأردنيين مصطفى الرواشدة في وقت متقدم من مساء أمس توجه نقابته إلى الإضراب العام في كل مدارس المملكة الحكومية والخاصة اليوم الأحد. ودعا الرواشدة الطلاب الأردنيين إلى «البقاء في منازلهم»، مطالباً جميع معلمي المملكة ويقارب عددهم 120 ألفاً إلى التظاهر أمام مقر رئاسة الوزراء وسط عمان اليوم. ولوحظ أن الاحتجاجات تواصلت في مدن الجنوب الأردني، خصوصاً في الكرك حيث حدثت اشتباكات محدودة بين متظاهرين وقوات الأمن. وأقدم مجهولون على احراق مبنى بلدية «عبدالله بن رواحة» في لواء فقوع التابع للمدينة. وفي معان رفعت شعارات قارنت بين وضع الأردن والدول التي شهدت ثورات عربية، ووجه المتظاهرون رسائل قاسية إلى السلطات في خطابات ألقيت نهاية التظاهرات. وشهدت معان تواجداً لافتاً للقوات الخاصة التابعة لحرس البادية بعدما عجزت قوات الدرك والأمن عن ضبط الأمور في المدينة التي تعرف بأنها إحدى أكثر المدن احتجاجاً على السياسات الرسمية منذ «هبة نيسان» عام 1989، التي بدأت من المدينة وامتدت إلى مدن الجنوب، وانتهت بإسقاط حكومة زيد الرفاعي ونهاية الأحكام العرفية وعودة الأردن إلى المسار الديموقراطي. وبعد أيام على الاحتجاجات وأحداث العنف، حذر رئيس الوزراء الأردنيين أمس «من الذهاب ببلادهم نحو المجهول». وقال خلال لقاء مع مراسلي المؤسسات الإعلامية العربية والأجنبية في مقر الرئاسة «خالفت رأي الاستخبارات العامة بتحرير أسعار المشتقات النفطية... أنا الأقوى لأنني المسؤول عن تقارير الاستخبارات وتوصياتها». وقال ل «الحياة» عن طريقة التعامل الرسمية مع المتظاهرين المطالبين بإسقاط النظام، أن «رأس الدولة (الملك عبدالله الثاني) يترفع عن الرد على أي شتائم تنال منه». وأوضح إن «الأردنيين يخشون أن تتفاقم الأمور في المملكة، لأنهم شاهدوا تجارب من حولهم» في إشارة بدت واضحة إلى ما يجري من أحداث في سورية. إلى ذلك، أطلقت قوات الدرك الغاز المسيل للدموع على مئات المحتجين الذين حاولوا الوصول إلى قلب دوار الداخلية وسط عمان للدخول في اعتصام مفتوح ليل الجمعة السبت. واستمرت محاولات الكر والفر بين الطرفين حتى صباح أمس، قبل أن يعتقل الأمن عدداً من المتظاهرين. وأصيب أحد المحتجين في منطقة «أم القطين» المحاذية للبحر الميت ظهر أمس، بعد موجة من الاحتجاجات في تلك المنطقة. لكن مديرية الأمن العام الأردنية قالت في بيان إن «أحد المشبوهين وبرفقته مجموعة من الأشخاص كانوا يقومون بقطع الطريق بواسطة الإطارات المشتعلة والتعدي على المركبات المارة، قبل أن يوجهوا الأعيرة النارية تجاه عناصر الشرطة».