لندن، غزة، القدسالمحتلة، القاهرة - «الحياة»، ا ف ب، رويترز، ا ب - نجح الفلسطينيون في دخول معادلة جديدة في الصراع مع اسرائيل عنوانها الأساسي «الردع»، وسجلوا مفاجأة جديدة امس عندما وصلت صواريخ «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، الى مستوطنات في القدسالمحتلة بعد تل ابيب، مثيرة معها حالاً من الهلع في المجتمع الاسرائيلي. وعقدت الحكومة الاسرائيلية في وقت متقدم من مساء امس اجتماعاً خوّلت خلاله رئيسها بنيامين نتانياهو إعطاء الأوامر للجيش بشن هجوم بري على غزة من دون العودة إلى هيئة حكومية، في وقت عُقدت آمال المجتمع الدولي على المساعي المصرية لوقف العنف وتثبيث التهدئة، كما أعلن ان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون سيتوجه الى المنطقة الثلثاء. وكانت التطورات الميدانية امس سجلت مفاجأة جديدة عندما أعلنت «كتائب القسام» قصف مستوطنات في القدسالمحتلة بثلاثة صواريخ هي مستوطنة «بسغات زئيف» و«غيلو» وجبل الخليل. وكانت «الكتائب» اعلنت اسقاط طائرة حربية اسرائيلية وسط قطاع غزة، واطلاق صاروخ «فجر 5» باتجاه الكنيست الاسرائيلية في القدس، اضافة الى اطلاق صاروخ سقط في البحر قبالة تل ابيب. وأكدت الشرطة الاسرائيلية سقوط صاروخ في منطقة مفتوحة في التجمع الاستيطاني «غوش عتصيون» قرب القدس. وهذه هي المرة الاولى التي يسقط فيها صاروخ قريباً جداً من القدس التي تبعد 65 كيلومترا عن قطاع غزة، علماً ان وزير الخارجية الاسرائيلي المتطرف افيغدور ليبرمان يقيم في مستوطنة «نوكديم» ضمن تكتل «غوش عتصيون». وجاء اطلاق الصواريخ على القدس وتل ابيب ليثير هلع المجتمع الاسرائيلي، اذ فتحت بلدية تل ابيب امس للمرة الاولى منذ 21 عاما (الحرب الاولى على العراق) الملاجئ في وجه مواطنيها بعدما دوت صافرات الانذار في ارجاء المدينة التي تعد عصب الحياة المركزي في الدولة العبرية ومدينتها التي لا تنام، فيما رفعت حال التأهب في جميع مستشفيات إسرائيل، وطلب الدفاع المدني من رؤساء البلديان تحضير مخازن طوارئ. وفي القدس، فأصيب الاسرائيليون بالصدمة عندما دوت صفارات الانذار بعد ظهر الجمعة، وسارع الدفاع المدني الى دعوة السكان الى اتخاذ تدابير لضمان سلامتهم، خصوصا عبر التوجه الى الملاجىء. وفوجيء المواطنون الفارون من البلدات الجنوبية إلى القدس بحثاً عن الأمن، بالصواريخ تلاحقهم، علماً ان القدس ليست جاهزة لحال الطوارئ، اذ استبعد الإسرائيليون استهدافها لوجود مئات آلاف الفلسطينيين فيها والمسجد الأقصى المبارك. وفي وقت متقدم من مساء امس، عُقد اجتماع غير عادي (مع دخول السبت) للهيئة الوزارية التسعية التي خوّلت نتانياهو ووزير الدفاع ايهود باراك إعطاء الأوامر للجيش بشن هجوم بري من دون العودة إلى هيئة حكومية. وافادت «القناة العاشرة» في التلفزيون الاسرائيلي ان وزيرين بارزين في «التسعية» يدفعان نحو توغل بري في القطاع لأيام كثيرة، علماً انه خلال الساعات ال 48 الأولى للعدوان، شن سلاح الطيران الإسرائيلي أكثر من 600 غارة على القطاع وأعلن تطويق القطاع. غير ان المعلق السياسي في القناة العاشرة اشار الى إن الهيئة الوزارية التسعية ليست مخولة إقرار عملية برية واسعة في القطاع انما صلاحياتها تخولها توسيع نطاق العملية الجارية الآن بشكل محدود، مضيفا ان الهيئة المخولة اتخاذ مثل هذا القرار هي الحكومة الأمنية المصغرة للشؤون الأمنية والسياسية. كما تضاربت الأنباء في شأن تجنيد 60 ألف جندي احتياط، إضافةً إلى ال 16 ألفاً الذين تم تجنيدهم الجمعة. وأعلن القائد العام للشرطة يوحنان دنينو ان الشرطة متأهبة ومنتشرة بقوات كبيرة في أنحاء إسرائيل وليس في الجنوب فقط «بعدما رأينا أن مدى الصواريخ الفلسطينية شمل مدناً كثيرة»، متوقعاً أن «يستمر التأهب أياماً ولا نريد أن نفاجَأ. ونأخذ في الحسبان احتمالات عمليات تفجير داخل المدن الإسرائيلية». وبموازاة الاستعدادات الاسرائيلية لتوسيع العمليات، تواصلت المساعي لوقف العنف، اذ طلبت واشنطن «من مصر استخدام نفوذها في المنطقة للمساعدة على تهدئة الوضع»، ومثلها فعلت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل. كما اعلن الكرملين ان «الرئيس (فلاديمير بوتين) يدعم الجهود التي تقوم بها القاهرة للتوصل لاعادة الوضع لطبيعته»، فيما اجرى الاتحاد الاوروبي مشاورات مع قادة في المنطقة، بينهم نتانياهو والرئاسة المصرية بهدف التهدئة. واعتبرت «القناة العاشرة» ان الرئيس باراك اوباما شريك فاعل في المساعي المصرية للتوصل إلى وقف النار، مضيفاً ان إسرائيل ليست معنية بوقفه الآن «وهي بحاجة إلى يومين إضافيين على الأقل. مع ذلك، إسرائيل ليست معنية بإسقاط حكم حماس». من جانبه، توعد الرئيس محمد مرسي بثمن باهظ إذا استمر العدوان على غزة، وارسل رئيس حكومته هشام قنديل الى غزة لايصال رسالة دعم وتضامن. وافادت وكالة «أنباء الشرق الأوسط» ان الرئيس محمود عباس طلب من الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي زيارة غزة السبت أو الأحد. كما اعلنت الجامعة العربية عقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب بعد ظهر اليوم في مقرها في القاهرة برئاسة لبنان. ومن المقرر ان تتقدم مصر وفلسطين بمشروع قرار مشترك لإدانة العدوان والطلب من مجلس الأمن التحرك الفوري. في هذه الاثناء، افادت مصادر ديبلوماسية ان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يتجه لزيارة القاهرة وتل أبيب ورام الله الثلثاء في جولة لم تكن مقررة مسبقاً، في ضوء «تفاقم التصعيد في غزة وإسرائيل»، فيما لم يعرف أمس ان كان سيزور قطاع غزة خلال جولته. وحض بان في بيان «كل المعنيين على بذل كل ما يمكن لوقف التصعيد الخطير وإعادة الهدوء»، مشيراً الى أن «هجمات الصواريخ (من غزة) غير مقبولة، ويجب أن تتوقف، وعلى إسرائيل أن تمارس أقصى درجات ضبط النفس». وشدد على ضرورة احترام كل الأطراف التزاماتها بموجب القانون الدول الإنساني واحترام سلامة المدنيين»، معتبراً أن «دورة جديدة من السفك الدماء لن تجعل أياً من الإسرائيليين أو الفلسطينيين أكثر أمناً، ولن تفتح الباب أمام مفاوضات تحقق حل الدولتين». وأشار في بيانه الى أنه سيزور المنطقة «قريباً» دون تحديد محطات جولته أو موعدها. وقالت مصادر ديبلوماسية ل «الحياة» إن بان «ألغى جولة كانت مقررة الى أفريقيا بسبب التطورات في غزة وإسرائيل»، وأنه «سيصل الإثنين الى اليمن، قبل ان ينتقل الثلثاء الى القاهرة فتل أبيب ثم رام الله». وشددت السلطة الفلسطينية في رسالة أمس الى مجلس الأمن على ضرورة «تحمل المجلس مسؤولياته والتحرك لحماية المدنيين الفلسطينيين تحت الإحتلال الإسرائيلي ووقف جرائم الحرب الإسرائيلية فوراً وتوجيه رسالة قوية الى إسرائيل لوقف حملتها العسكرية». وتكثف التحرك العربي في الأممالمتحدة مع تقدم المغرب بمشروع بيان في مجلس الأمن «يدعو كل الأطراف الى وفق كل الأعمال العسكرية فوراً»، فيما واصلت المجموعة العربية مشاوراتها «لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة في أسرع وقت»، حسب ما قال السفير المصري معتز خليل الذي اكد ايضا أن وفداً عربياً ضم سفراء فلسطين ولبنان والمغرب ومصر وقطر وعمان والعراق والسودان والجامعة العربية، اجتمع مع بان ورئيس مجلس الأمن السفير الهندي هارديب سينغ بوري، للغاية نفسها. وأوضح أن بوري أكد للوفد العربي «استعداده لبحث أي طلب عربي بتحرك إضافي في مجلس الأمن، بما فيه عقد جلسة علنية أو إصدار بيان أو تبني قرار»، كما أنه «أكد مساندة الهند للمسعى الفلسطيني في الجمعية العامة للحصول على صفة الدولة المراقبة».