ركّزت أسئلة حضور الأمسية التي نظمها «بيت الشعر» في نادي الرياض الأدبي أخيراً للشاعر حسين عجيان العروي، على غياب هذا الشاعر وعن سبب اختفائه وعزلته عن المشهد الشعري لأعوام، بعد أن أحدث ضجيجاً بقصائده، وكتب عنه نقاد كبار مثل الدكتور عبدالله الغذامي وسواه. افتتح الأمسية التي أدارتها عضو لجنة بيت الشعر هند المطيري رئيس النادي الدكتور عبدالله الوشمي، بالإشارة إلى الصلة بين العروي وآبائه الكبار ومنهم الأعشى وإلى الاحتفاء الذي يحمله الجيل الجديد لتجربة حسين العروي. وعلى مدى ساعتين حلّق الشاعر، وأطرب الحضور بقصائد عدة، وصفها الحضور ب«العذبة»، معبراً عن اشتياقه لسماعها بصوته. ومن القصائد التي ألقاها عجيان العروي «المعلقة العربية الأخيرة» و«سمندلية الدم» و«سامرية» و«سبع وعشرون» و«قصيدتك». وبناء على طلب الحضور، ألقى الشاعر قصيدة غزلية، على رغم أنه رد على طالبها بأن من تجاوز ال50 عليه ألا يلقي قصائد غزل. وكانت قصيدته الغزلية بعنوان «هديتك في العيد من.. عائد إليك». وشهدت الأمسيات حضوراً لافتاً للعديد من المداخلات والتعليقات التي أشادت بالشاعر، وسأل أحدهم عن الشاعر المفضل للعروي، فقال: «إن النص هو شاعره المفضل، فمتى ما طربت للنص فصاحبه هو الشاعر المفضل لدي، سواء كان قديماً أم حديثاً». ووعد العروي بعدم الغياب عن ساحة الشعر مرة أخرى، وقال الكاتب أحمد العرفج، إنه لا يجد نفسه في شعر العروي الحديث على العكس من القديم، وطالب الشاعر بضرورة تسجيل قصائده على قرص مدمج، حتى يطلع الشباب على قصائده. من جهة أخرى، حذّرت الباحثة فوزية الحربي في محاضرة نظمها النادي أخيراً، وأدارتها الدكتورة منى البليهد، من الابتعاد عن اللغة العربية، «لأنها انقطاع عن الجذور التاريخية، وتنكر لنظم المجتمع والهروب من الهوية الوطنية». وأكدت أن اللغة الأجنبية «تعمل على تفتت الثقافة المحلية، وانتشار التباين الثقافي والصراع الاجتماعي، وتؤدي بعد ذلك إلى الاغتراب». وقالت الحربي في محاضرتها التي عنوانها «اللغة والهوية الوطنية في منتديات الأطفال الإلكترونية»، الإنترنت: «إن الحديث عن أطفال أمر أصبح حتمياً في ظل التوقعات التي تنتج عن ملاحظة كثرة عدد المنتديات الخاصة بالأطفال، كما أن الطفرة التقنية والمعلوماتية جعلت معظم الأسر السعودية توفّر جهاز حاسب آلي لجميع أفراد الأسرة في غرفهم الخاصة، وهذا ما دفعنا إلى رصد علاقة الأطفال بالإنترنت، ومن ثم التعرف على المنتديات التي يدخلون إليها». وعن العلاقة بين اللغة والهوية، أوضحت الحربي أن هوية أية أمة «هي صفاتها التي تميزها عن بقية الأمم، لتعبر عن شخصيتها الحضارية، كما أن الباحثين والمهتمين يؤكدون على أن الهوية تتكون من ثلاثة عناصر، هي العقيدة واللغة والتراث، فاللغة تأتي في المرحلة الثانية بعد الدين كعامل مميز للشعوب عن بعضها»، مشيرة إلى أن اللغة «التي نتكلم بها ليست مجرد أداة تعبير ووسيلة تخاطب، وإنما هي لغة عقيدتنا، وهي منظومة القيم التي تمثل مرجعيتنا في السلوك، ويستخدم الأطفال في المنتديات الإلكترونية الكثير من اللغات المزدوجة، مثل اللهجة المحكية واللغة العربية واللغة الإنكليزية، وهذا تشتت وتخبط، سيكون على حساب اللغة العربية».