يلازم السهر منير منذ سنوات تربو على العشر، على رغم أنه ليس من هواته، ولكنه «سهر بالإكراه»، هكذا يصفه. فلقد أضناه السهاد، حتى أصبح النوم باكراً من «قائمة المستحيلات»، والسبب هي نوبات تكسر الدم الحادة التي تدهم جسده النحيل، خصوصاً في الليل، فتحيل أوصاله إلى «نار مشتعلة»، وعلى رغم أن هذه النوبات خفت كثيراً في السنوات الأخيرة، ولكنه اعتاد على السهر. الأمر ذاته يتكرر مع سلوى منذ أن خضعت قبل سنوات لجراحة استأصلت خلالها كليتيها، وزرعت واحدة تبرعت بها أختي منى، حتى أصبح السهر عنواناً لمنزلهما وتقول سلوى: «تعرضت لفشل في الكليتين، ما جعل شقيقتي تبادر إلى التبرع بكليتها لي»، مضيفة: «كنت أسهر وحدي، أكابد الألم، فيما كانت والدتي تنام وتصحو، لتفقد حالي، وإن كنت بحاجة لمعاينة طبيب». وبعد عام كامل من الألم المبرح أثناء البحث عن متبرع، بادرت شقيقتها إلى التبرع بكليتها. وجاءت نتائج التحاليل والفحوصات مطابقة، وأن شقيقتها يمكنها التبرع لها بكلية وتقول: «دخلنا المستشفى، وتم زرع كلية شقيقتي لي في جسدي، وطلبنا أن نكون في غرفة واحدة، سواءً في المستشفى أو المنزل، وكنا نعين بعضنا على الألم، وكلما مرت الأيام وتحسنت حالنا، كنا نستمتع بوجودنا معاً وسهرنا طوال الليل». فيما قالت منى: «وضعنا الصحي أجبر كل من في المنزل على السهر، فانقلب حال الجميع، ولم تعد هناك ساعات معينة للنوم، وأخرى للاستيقاظ، فهم مقيدون في وقت يقظتنا ونومنا». وعلى حد تعبيرها «السهر الإجباري أشبه بالعذاب المتواصل، مع وجود الرغبة الشديدة في النوم». وعلى مدى ثلاث سنوات، كان السهر من نصيب فاطمة، ليس لأنها من محبيه، إلا أن وضع والدتها الصحي «المتدهور» أجبرها على ذلك وتقول: «كبر السن له أحكامه، وكانت والدتي تعاني من هشاشة العظام، ولا تستطيع أن تتحرك وحدها. وكانت تئن طوال الليل، فلازمتها في غرفتها، ولا أكاد أغفو حتى تناديني. إما رغبة في دخول دورة المياه، أو أنها تعبت من الاستلقاء، وتريد الجلوس. وكانت هذه حالي طوال ثلاث سنوات حتى يوم فارقت والدتي الحياة». وعلى رغم أنه مر على وفاتها أكثر من عامين، إلا أن فاطمة (في العقد الرابع من العمر) فقدت علاقة «الود» مع النوم. وتضيف: «بات نومي قليلاً جداً، ولا أغفو إلا بعد جهد جهيد. وكأني اعتدت على السهر، فيما لم يؤثر ذلك في استيقاظي صباحاً»، لافتة إلى أنها تتلقى «نصائح بتعديل نظام نومي، لأن هذا سيؤثر في صحتي مستقبلاً، إلا أن سهري أصبح رغماً عني».