تقر منال أحمد، أنها تعطي أطفالها الثلاثة، وأكبرهم في العاشرة من العمر، جرعات من أدوية البرد والكحة، بين الحين والآخر، «حتى لو لم يكونوا في حاجة صحية إليها» بحسب قولها، ولكنها من أجل تنويمها، فهي الطريقة الوحيدة التي تتيح لها الخروج من المنزل ليلاً، من دون أن تواجه ضغطاً منهم، لإجبارها على الخروج معهم، وبخاصة حين تعتزم حضور حفلات زفاف، أو مناسبات عائلية، أو اجتماعية، لا يفضل فيها اصطحاب الأطفال. ولكن مريم الدوسري، تستعمل هذه الأدوية لدوافع أخرى، فهي تقول: «أطفالي الأربعة لديهم فرط في الحركة، ولديهم نشاط كبير، ولا يمكنني متابعتهم، حتى مع وجود عاملة منزلية تساعدني». ولم تجد مريم طريقة تساعدها على ضبط «الفوضى» وحالات «الشغب» في المنزل إلا جرعات من أدوية الزكام والسعال، التي «إذا لم تنفعهم، فلن تضرهم» بحسب قولها. وتلجأ أمهات، وعاملات منزليات، ومربيات، إلى استعمال أدوية البرد والكحة والحساسية بكثرة، للتخلص من «نكد» الأطفال، عبر تنويمهم. على رغم تحذيرات أطباء من هذه الأساليب، التي اعتبروها «خاطئة». إلا أن الأمهات يجدن هذه الوسيلة هي «الأسهل»، في التغلب على «شقاوة» بعض الأطفال، التي لا يمكن أن يتجنبنها إلا بجلب النوم لهم، وبخاصة مع الأطفال الذين يعانون من فرط الحركة، واللعب الدائم، فيسهرون لساعات متأخرة من الليل. ما يجعلهم يخلدون إلى النوم لفترات طويلة، من دون الانتباه لما قد يترتب على ذلك من آثار صحية قد تصل إلى حد الإدمان. وذكر أطباء، أن إعطاء الأطفال هذه الأدوية «لا يمثل ظاهرة منتشرة. ولكنها تسجل تزايداً في الفترة الأخيرة»، مشيرين إلى أن الأم تعطي أطفالها أدوية «لمجرد إصابتهم بالرشح البسيط، وتلجأ إلى ذلك خوفاً على ابنها من إحساسه بالألم والسخونة، ونحو ذلك، فتعطيه دواء الكحة والسخونة والحساسية، لتضمن عدم معاناته من أي ألم». وقال اختصاصي الأنف والأذن والحنجرة الدكتور موسى سالم، ل «الحياة»: «إن الأمهات يخطئن بإعطاء أطفالهن الدواء مرتين، وبخاصة إذا كان الدواء مكوناً من تركيبة واحدة. ولكن الاسم التجاري مختلف»، لافتاً إلى أن الأم تسبب لطفلها «الضرر، وذلك بزيادة الجرعة في شكل مضاعف للطفل، بدافع خوفها عليه، مع ما في ذلك من خطورة، وبخاصة على من تقل أعمارهم عن 5 سنوات، فقد تسبب لهم سكتة دماغية، وأمراضاً أخرى خطرة». واعتبر سالم، أنه «من الخطأ استخدام الأدوية ذاتها مع الكبار، فضلاً عن الأطفال»، مردفاً أن «الأطفال يمكن أن يتأثروا بهذه الأدوية على المدى البعيد، وبخاصة في حال اعتادت الأم على إعطاء أطفالها جرعات كبيرة منها، وفي صورة مستمرة»، مشيراً إلى أن استخدام هذه الأدوية باستمرار «يؤدي إلى الضعف العام وإرهاق الجسد». بدورها، دعت الصيدلانية مها العمري، الأمهات إلى «اتباع طرق أخرى في التعاطي مع أطفالها، والاهتمام في صحتهم»، مضيفة أن «معظم الأمهات يلجأن إلى إعطاء أطفالهن جرعات بسيطة من أدوية البرد والحساسية، وبخاصة في المناسبات العامة والخاصة، التي تتطلب من الأم جهداً مضاعفاً في إنجاز الأعمال. وربما لجأت العاملات المنزليات والمربيات أيضاً إلى تلك الأدوية المضرة في الأطفال، من دون تفكير في العواقب التي تلحق في الصغار». من جانبه، حذر طبيب الأطفال الدكتور أحمد بارشيد، من أن «استخدام الأمهات للعقاقير من دون ضوابط يكون على حساب صحة الطفل، إذ يؤدي إلى تلف في خلايا وأنسجة الدماغ تدريجياً، إضافة إلى التأثير السلبي من الناحية النفسية، إذ تتضاعف نسبة الإصابة بالأمراض النفسية»، مشيراً إلى تأثيراتها المحتملة في «إحداث اضطرابات سلوكية في شخصية الطفل». وقال بارشيد: «لا يوجد أي نوع من الإيجابيات لاستخدام عقاقير منومة، لتوفير الراحة والهدوء للأمهات والعاملات المنزليات، وهناك مخاوف من المربيات اللاتي يحتضن الأطفال في منازلهن، إلا أنه بإمكان الأم التأكد من ذلك من خلال تحليل دم أو مراقبة تصرفات الطفل وبرنامج اليومي، وبمجرد ملاحظة تغييرات، يجب مراجعة المربية والطبيب على الفور».