مما لا شك فيه أن خروج المنتخب السعودي من التصفيات المؤهلة لكأس العالم للمرة الاولى منذ تصفيات مونديال ايطاليا عام 1990م شكل صدمة كبيرة جداً للشارع الرياضي السعودي باعتبار أن المنتخب السعودي يعد واحداً من أعرق المنتخبات في القارة الصفراء وغيابه عن تمثيل آسيا في كأس العالم يعد مفاجأة ووصول كوريا الشمالية لجنوب افريقيا عبر بوابة استاد الملك فهد الدولي. المتابعون لكرة القدم الآسيوية يدركون بأن المنتخب السعودي يعد من أفضل منتخبات القارة على الصعيد الكمي والنوعي، ويمتلك من امكانات ما يؤهله لأداء دور مشرف في أي بطولة يشارك فيها، ولكن ما سبب الانتكاسة الكبيرة التي يمر بها المنتخب في الوقت الحاضر؟ للإجابة على هذا السؤال ينبغي أن نعود بالزمن قليلاً إلى عام 2007م وبالتحديد وقت اقامة البطولة الآسيوية الأخيرة، فالمنتخب السعودي في تلك البطولة قدم أداء راقياً وكان فعلا افضل المنتخبات المشاركة في البطولة، ولولا ارادة الله ثم سوء التوفيق لتوج المنتخب ببطولة كان سيستحقها بكل حيادية، وعلى الرغم من أن اغلب العناصر المشاركة في البطولة الآسيوية منها من مثلت المنتخب في تصفيات كأس العالم إلا اننا وجدنا تبايناً كبيراً في أداء المنتخب في كلا المرحلتين،وتفسيري الوحيد للهبوط الحاد الذي صاحب مستوى المنتخب السعودي يكمن في غياب روح الفريق عن عناصر المنتخب، فمدرب المنتخب السعودي في بطولة آسيا البرازيلي "انجوس" استطاع ان يخلق في الفريق روح الجماعة وأن كل لاعب يلعب لمصلحة الفريق، ولا فرق بين لاعب يلعب في أحد أندية الصفوة وبين لاعب يلعب في نادٍ ينافس على تفادي الهبوط، فالكل يخدم مصلحة الوطن وعلى الجميع أن يبذل أقصى ما لديه لرفع اسم وسمعة الكرة السعودية، ولذلك رأينا عزيمة اللاعبين ورغبتهم في المحافظة على كيان المنتخب، ولا أنسى صورة أحد اللاعبين وهو يبكي على اضاعته لفرصة كانت من الممكن أن تمنح الفوز للمنتخب في احدى المباريات، هذه هي الروح التي يجب أن يكون عليها أي لاعب يمثل وطنه وهذا هو الحافز الذي لا بد على المدرب أن يزرعه في صدور جميع اللاعبين الذين يتشرفون بتمثيل المنتخب السعودي. من المستحيل على أي مدرب - مهما كانت قدراته التكتيكية - أن ينجح مع أي فريق طالما لم يزرع فيهم الروح وعقلية الانتصار وكيفية اللعب من اجل الفوز، هذه الامور لا يمكن شراؤها بالمال ولكنها تحتاج إلى قائد يستطيع أن يغرس في اللاعبين المعنى الحقيقي لشعار المنتخب وكيف انني مستعد لفعل أي شيء في سبيل تحقيق الفوز. لا أنسى طبعاً الدور السلبي الذي تمارسه بعض وسائل الاعلام وبعض الجماهير المتعصبة والتي تقوم بالتطبيل للاعبي انديتها المفضلة وتستحقر من لاعبي الاندية الأخرى رغم ان الجميع يلعب تحت لواء الوطن، وهذه الطريقة من التشجيع لم ولن تساعد المنتخب على النجاح، فالانتماءات للأندية يجب أن تندثر حينما يلعب المنتخب السعودي، ولا بأس أن يلعب أي لاعب لا ينتمي لفريقي طالما أن ذلك سيصب في مصلحة المنتخب، هذه هي النظرة الحقيقية التي يجب أن يكون عليها الاعلام والجمهور حينما يلعب أي لاعب لتمثيل الوطن. عموماً خروج المنتخب السعودي ليس نهاية المطاف، فهناك منتخبات عالمية خرجت من تصفيات كأس العالم ولكنها عادت لتكون أقوى بعد ذلك،لا اتحدث عن رغبتي في رؤية المنتخب السعودي بطلا لكأس العالم عام 2014م ولكنني اتحدث عن التصحيح فالمنتخب السعودي الآن يحتاج إلى من يبنيه من جديد أكثر من حاجته لمن يدربه، ليس شرطا ان يعود أنجوس لتدريب المنتخب ولكننا نحتاج لشخص يعيد بناء الروح في المنتخب مثلما فعل انجوس، ويجب علينا أن نصبر على من سيدرب المنتخب إن أردنا أن نجني ثمار صبرنا في كأس العالم القادم عام 2014م بإذن الله، كما يجب على الإعلام والجمهور أن يرمي انتماءه للأندية في كل مباراة يلعب فيها المنتخب وأن نشجع جميع لاعبينا حتى وإن لم ينتموا لأنديتنا المفضلة، فالوطن في النهاية أكبر من أي شيء. المستشار القانوني/ حاتم ابراهيم الشدوي [email protected]