يتمتع السويسري جوزيف بلاتر الذي ترشح أمس رسمياً لولاية جديدة على رأس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) التي تجري انتخاباتها في أيار (مايو) 2015 بمواهب عدة، لا تقتصر فقط على نجاحاته في تقديم عروض باهرة وإجادته أكثر من لغة خلال توليه سحب القرعة في كؤوس العالم أو غيرها من البطولات. يملك بلاتر، المولود في 10 آذار (مارس) 1939 في فييج (سويسرا) ذكاء حاداً ودراية في معالجة أكبر المشكلات التي تعترض طريقه بديبلوماسية مشهودة، فضلاً عن أنه صاحب مبادئ لا يتراجع عنها ويذهب بأفكاره حتى النهاية. وبعد أن لمع طالباً، ثم نال شهادة في الاقتصاد والتجارة من جامعة لوزان (سويسرا)، بدأ مسيرته عام 1959 أميناً عاماً لهيئة السياحة في فاليه، قبل أن يصبح عام 1964 مديراً في الاتحاد السويسري للهوكي، وما لبث أن عيّن بعد عامين رئيساً للجمعية السويسرية للصحافة الرياضية. ولقيت حياته تحولاً جذرياً عندما بلغ ال32، إذ تعاقدت معه شركة لونجين السويسرية لصناعة الساعات، وأوكلت إليه منصب مدير العلاقات العامة والتسويق فيها، وشارك مع هذه المؤسسة بصفتها الراعية الأساسية للتوقيت في أولمبياد ميونيخ (ألمانيا) عام 1972. وانضم بلاتر إلى «فيفا» عام 1975 بعد عام واحد على انتخاب البرازيلي جواو هافيلانج رئيساً، وأوكل إليه منصب المدير الفني عام 1977، قبل أن يعيّن الأمين العام 1981 خلفاً للألماني هلموت كايزر. ويروي بلاتر: «منذ تعييني الأمين العام لم أعش سوى لكرة القدم، لقد تزوجت فيفا على حساب عائلتي وحياتي الشخصية»، وبلاتر مطلق وله ابنة تدعى كورين. ولأنه خضع لدورات تدريبية في صفوف الجيش السويسري كسائر مواطنيه، فإنه حالياً برتبة كولونيل وهي أعلى رتبة لغير العاملين في الجيش بصفة رسمية. انتخب بلاتر في 2002 لولاية جديدة، ثم تكرر الأمر عام 2007، وأخرى رابعة في 2011، ويبدو أن السويسري البالغ من العمر 78 عاماً لا يعرف معنى للكلل، لأنه أكد ترشحه لولاية خامسة في الانتخابات التي ستقام عام 2015. وكان بلاتر (78 عاماً) ألمح في شباط (فبراير) الماضي إلى إحدى الإذاعات السويسرية بأنه لن يتردد في الترشح لولاية جديدة في حال طلبت منه الاتحادات الأعضاء في «فيفا» ذلك. وقال بلاتر حينها: «إذا كانت صحتي جيدة وهو الواقع حالياً، لا أرى سبباً في وقف العمل الذي أقوم به، خصوصاً ذلك المتعلق بتعزيز فيفا». ويعتبر الموقف الحالي لبلاتر مخالفاً عما صدر عنه بعد انتخابه في 2011 لولاية رابعة حين أعلن اعتزامه عدم الترشح لولاية خامسة في 2015. ويواجه بلاتر الكثير من الانتقادات، خصوصاً أن اسمه لم يكن بعيداً على الإطلاق عن الفضائح لا سيما تلك التي سلط الضوء عليها في 2012 من مجلس أوروبا الذي رأى بأن السويسري تستر على فضيحة «آي إس إل»، الشريك التسويقي السابق للسلطة الكروية العليا والذي أفلس عام 2001. وألقت قضية «آي إس إل» بظلالها على معظم الأعوام التي أمضاها بلاتر في رئاسة «فيفا»، وشككت مجدداً في مسعاه من أجل تحقيق الإصلاح في السلطة الكروية العليا التي عاشت فترة عصيبة نتيجة الفساد والتهم بالفساد التي أدت إحداها إلى إيقاف رئيس الاتحاد الآسيوي القطري محمد بن همام مدى الحياة على خلفية اتهامه بدفع الأموال من أجل الحصول على الأصوات في انتخابات رئاسة «فيفا» التي ذهبت مجدداً لمصلحة بلاتر، المرشح الوحيد! وتعهد بلاتر بعد انتخابه في 2011 لولاية رابعة بأن يكافح الفساد وأن يطلق سراح كل الملفات المهمة التي تكشف من هم العاملين في «فيفا» الذين حصلوا على الرشوة، لكنه لم يصدق في تعهده مدعياً أن ليس بإمكانه القيام بهذه الخطوة طالما أن هناك دعاوى استئناف مقدمة أمام المحكمة العليا في سويسرا من أشخاص لم تحدد هويتهم. لعب بلاتر دوراً قيادياً في المفاوضات لحقوق النقل التلفزيوني والعقود التسويقية والتسويق الحديث لكأس العالم إلى جانب سلفه البرازيلي جواو هافيلانج. أعطت أعوام الخبرة الطويلة التي أمضاها بلاتر في مناصب ريادية مختلفة في كرة القدم، الخبرة والرؤية التي تعتبر من الشروط الرئيسة في الألفية الجديدة للسيطرة على التحديات في العصر الجديد لكرة القدم.