في كل مونديال هناك نجم أو نجوم تكتب أسماؤهم في سجل «كأس العالم» بأحرف من ذهب، ومنهم الفرنسي جول ريميه الذي يعد «نجم النجوم» في المونديالات كافة و«الأب الروحي»، لأنه صاحب فكرة إقامة كأس العالم التي أبصرت النور بإقامة أول نسخة عام 1930 في الأوروغواي التي أحرزت اللقب الأول حينها. وُلِد ريميه عام 1874، وظهرت عليه علامات القائد باكراً، ففي سن ال23 أسس في باريس مع شقيقه مودست وبعض الأصدقاء نادي رد ستار، وحتى عام 1890 كانت كرة القدم الفرنسية غير قادرة على تنظيم نفسها بوجود اتحادات عدة مشتتة تتنافس في ما بينها، لكن بعد ستة أعوام نضجت شخصيته ونضج معها أيضاً حسه التنظيمي وروعة التعبير لديه، فأصبح رئيساً للجنة للفرنسية التي تضم اتحادات المناطق، ثم رئيساً للدوري الفرنسي عام 1910، وكان منطقياً أن ينتخب رئيساً للاتحاد الفرنسي الجديد لكرة القدم في 7 نيسان (أبريل) 1919، وبقي في هذا المنصب حتى 1949. وبالتوازي مع هذه الوظيفة، لم يألُ جول ريميه جهداً على الصعيد العالمي داخل الاتحاد الدولي (فيفا) الذي أسس عام 1904، فبعد الحرب العالمية الأولى انسحب الإنكليز الذين كانوا يسيطرون على لعبة كرة القدم من «فيفا»، لأنهم لا يستطيعون العيش مع «الأعداء»، فلم يتأثر الاتحاد الدولي حينها بانسحابهم. وفي 1 آذار (مارس) 1921، انتخب جول ريميه رئيساً ل«فيفا» خلال مؤتمر انفير في بلجيكا، بناء على طلب من الدول الاسكندنافية، فلم يتوانَ في العمل لأجل إنشاء مسابقة تدعى «كأس العالم»، وتم ذلك بالفعل، ونظمت البطولة الأولى في الأوروغواي، بينما في عام 1946 احتفل مؤتمر الاتحاد الدولي لكرة القدم في لوكسمبورغ بالذكرى ال25 لتوليه منصب الرئيس، وأطلق على الكأس اسم «كأس جول ريميه». وفي 21 حزيران (يونيو) 1954 تخلى عن منصبه وعُين رئيساً فخرياً ل«فيفا»، ثم غيبه القدر في 16 تشرين الأول (أكتوبر) 1956 عن عمر 82 عاماً. وبعد 44 عاماً على تخلي ريميه عن منصبه ورحيله، وبعد تناوب أربعة رؤساء على المنصب، وصل السويسري جوزيف بلاتر إلى سدة رئاسة السلطة الكروية العليا عام 1998، إذ يتمتع بلاتر المولود في 10 مارس 1939 في فييج السويسرية بمواهب عدة، تتمثل بذكاء حاد ودراية في معالجة أكبر المشكلات التي تعترض طريقه بديبلوماسية مشهودة، فضلاً عن أنه صاحب مبادئ لا يتراجع عنها، ويذهب بأفكاره حتى النهاية، كما يجيد أكثر من لغة. وبعد أن لمع طالباً ثم نال شهادة في الاقتصاد والتجارة من جامعة لوزان (سويسرا)، بدأ مسيرته عام 1959 أميناً عاماً لهيئة السياحة في فاليه، قبل أن يصبح عام 1964 مديراً في الاتحاد السويسري للهوكي، وما لبث أن عين بعد عامين رئيساً للجمعية السويسرية للصحافة الرياضية. ولقيت حياته تحولاً جذرياً عندما بلغ ال32، إذ تعاقدت معه شركة لونجين السويسرية لصناعة الساعات، وأوكلت إليه منصب مدير العلاقات العامة والتسويق فيها، وشارك مع هذه المؤسسة بصفتها الراعية الأساسية للتوقيت في أولمبياد ميونيخ (ألمانيا) عام 1972. ثم انضم بلاتر إلى «فيفا» عام 1975 بعد عام واحد على انتخاب البرازيلي جواو هافيلانغ رئيساً، وأوكل إليه منصب المدير الفني عام 1977، قبل أن يعين أميناً عاماً في 1981، خلفاً للألماني هلموت كايزر. ويقول بلاتر: «منذ تعييني أميناً عاماً لم أعش سوى لكرة القدم. تزوجت «فيفا» على حساب عائلتي وحياتي الشخصية»، وبلاتر مطلق وله ابنة تدعى كورين (44 عاماً)، ساعدته في حملته الانتخابية التي أدت إلى فوزه خلفاً للبرازيلي هافيلانغ عام 1998. ولأنه خضع لدورات تدريبية في صفوف الجيش السويسري كسائر مواطنيه، فأنه حالياً برتبة كولونيل، وهي أعلى رتبة لغير العاملين في الجيش بصفة رسمية. وانتخب بلاتر في 2002 لولاية جديدة، ثم تكرر الأمر عام 2007، وأخرى رابعة في 2011، غير أن السويسري البالغ من العمر 78 عاماً لا يعرف معنى للكلل، لأنه أكد أخيراً ترشحه لولاية خامسة في الانتخابات التي ستقام عام 2015. وقال بلاتر الذي احتفل بعيد ميلاده ال78 في 10 مارس الماضي لصحيفة «بليك» السويسرية: «أنا مرشح من جديد. انتهت ولايتي. لكن مهمتي لم تنتهِ بعد»، فيما ألمح بلاتر في شباط (فبراير) الماضي إلى إحدى الإذاعات السويسرية بأنه لن يتردد في الترشح لولاية جديدة في حال طلبت منه الاتحادات الاعضاء في «فيفا» ذلك، إذ قال بلاتر: «إذا كانت صحتي جيدة وهو الواقع حالياً فلا أرى سبباً في وقف العمل الذي أقوم به، خصوصاً ذلك المتعلق بتعزيز «فيفا» ». ويعتبر الموقف الحالي لبلاتر مخالفاً عما صدر عنه بعد انتخابه في 2011 لولاية رابعة، حين أعلن أنه يعتزم عدم الترشح لولاية خامسة في 2015. بينما يرى رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم بأن «الشغف هو العامل الذي يحدث الفارق، لكني لست ضد تحديد عدد ولايات الرئيس، إذ يتم تطبيق هذه القاعدة في الكثير من الديموقراطيات، ولكن في هذه الحال يجب تطبيقها على الجميع». وكان للموقف الصادر عن جوزيف بلاتر أثره في اللجنة التنفيذية ل«فيفا»، التي قررت تأجيل البحث بموضوعي عدد الولايات والسن القانونية حتى اجتماع الجمعية العمومية المرتقب في يونيو المقبل في ساو باولو، فيما سبق له أن اقترح في فبراير الماضي تمديد رئاسة السلطة الكروية الأعلى من أربعة إلى ثمانية أعوام، في حين أشار رئيس «فيفا» إلى أنه «إذا قام رئيس الاتحاد الدولي بعمل جيد فسيتوقف بعد 8 أعوام، وإذا قام بعمل ممتاز فبإمكانه حينها مواصلة مهماته لأربعة أعوام إضافية».