تعهد الرئيس باراك أوباما إدخال تغييرات على سياسات البيت الأبيض خلال ولايته الرئاسية الثانية، كما أقر بحجم التحديات التي تواجهه، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه مفعم بالأمل بشكل أكبر من أي وقت مضى. وأكد انه يريد لأميركا أن تكون بلاداً «آمنة ومحترمة»، ولفت إلى أن عقداً من الحرب ينتهي، في إشارة إلى حربي العراق وأفغانستان. وفي خطاب النصر الذي ألقاه أمام آلاف من أنصاره في مقر الحزب الديموقراطي في مدينة شيكاغو (ولاية ايلينوي) ليل الثلثاء - الأربعاء، أبدى الرئيس الأميركي اعتزازه بسير الديموقراطية في بلاده، قائلاً: «هناك أناس في دول أخرى يجازفون بحياتهم لكي تسمع أصواتهم». وأشار إلى أنه يتطلع للعمل من أجل خلق وظائف «وتحرير أنفسنا من النفط الأجنبي». وقال أوباما: «الليلة، في هذه الانتخابات، ذكرتمونا بأن الرحلة صعبة وشاقة، لكننا نعلم أن الأفضل مازال آتياً». وأشار إلى أنه اتصل بمنافسه الجمهوري ميت رومني وهنأه على حملته الانتخابية، مؤكداً أنهما خاضا هذه الانتخابات «لأنهما يحبان أميركا بشدة ويحرصان على مستقبلها». وأشاد أوباما برومني وأسرته ومساهماتهم لصالح أميركا، قائلاً أنه يتطلع للجلوس مع المرشح الجمهوري لاستكشاف سبل العمل معاً لدفع أميركا إلى الأمام. وحرص أوباما في كلمته على شكر نائبه جو بايدن الذي وصفه بأنه «محارب أميركا السعيد». كما أبدى الرئيس امتنانه لزوجته ميشيل، مؤكداً أنه لم يكن ليصبح الشخص الذي هو عليه، «لو لم توافق ميشيل على الزواج مني قبل 20 سنة». وخاطبها قائلاً: «لم أحبك قبلاً مثلما أحبك الآن». كذلك شكر ابنتيه ساشا وماليا، مبدياً فخره بهما، ومازحهما قائلاً إنه «لن يشتري كلباً آخر في البيت الأبيض». ولم يفت أوباما شكر المتطوعين الذين عملوا في حملته، ووصفهم بالأفضل في التاريخ السياسي، قائلاً: «سأظل ممتناً لكم ما دمت حياً، فقد حملتموني على طول الدرب، وسأكون ممتناً دوماً للعمل العظيم الذي قمتم به». وتطرق أوباما إلى ما صاحب الحملة الانتخابية من تجاذبات، قائلاً إن الاختلافات التي ظهرت بين المعسكرين الديموقراطي والجمهوري «قد تبدو سيئة لكنها دليل على الحرية». وأشار في هذا الصدد إلى انه «فيما نتحدث الآن هناك أناس في دول أخرى تموت لكي تُسمع أصواتها وكي تفعل ما فعلناه اليوم»، في ما اعتبره مراقبون إشارة إلى ما يجري في سورية. وعن رؤيته المستقبلية، أكد أوباما على ضرورة أن تكون «أميركا قائدة العالم في التكنولوجيا، وأن يعيش أطفالها في بلد غير مهدد بالديون أو التغييرات المناخية، وأن تكون هذه الدولة آمنة ومحترمة تحظى بالإعجاب ويدافع عنها أفضل جيش في العالم وأفضل جنود في التاريخ. دولة تحقق السلام المبني على الكرامة لكل إنسان، أميركا متسامحة وكريمة». نهاية عقد وأكد الرئيس المنتخب أن «الاقتصاد الأميركي آخذ في التعافي، كما أن عقداً من الحرب ينتهي، وحملة انتخابية طويلة انتهت بالفعل»، واستطرد قائلاً: «لقد استمعت لكم وتعلمت منكم وقد جعلتموني رئيساً أفضل. وأتعهد بأن يصبح البيت الأبيض متوافقاً مع أحلامكم وتطلعاتكم». وتابع أوباما قائلاً: «هذه البلاد هي الأكثر ثراء في العالم لكن ليس هذا ما يجعلنا أغنياء، لدينا أفضل الجيوش، لكن ليس هذا ما يجعلنا أقوياء، بل ما يجعلنا دولة استثنائية هو الرابط الذي يجمعنا، والحريات التي قاتل الأميركيون من أجلها، والتي تأتي بمسؤوليات يجب تحملها، ذلك هو ما يجعل أميركا عظيمة». وأضاف: «نريد أميركا سخيّة وعطوفة ورؤوفة ومتسامحة. هذه رؤيتنا وهذا مسارنا». وقال إن «اقتصادنا يتعافى، أنا استمعت لكم وتعلمت منكم وجعلتموني رئيساً أفضل، وهذا يجعلني أعود أكثر تصميماً إلى البيت الأبيض من أجل مستقبلكم... لقد انتخبتمونا لنركّز على الوظائف وليس لأشياء أخرى». وتعهد بالعمل مع القادة الديموقراطيين والجمهوريين لخفض عجز الميزانية الفيديرالية وإصلاح قانون الضرائب وقانون الهجرة. وأشار إلى أنه يتطلع للعمل مع الحزبين خلال الأسابيع المقبلة من أجل خلق الوظائف «وتحرير أنفسنا من النفط الأجنبي». وختم أوباما خطاب النصر، قائلاً: «على رغم كل الإحباط في واشنطن، لم أكن قط أكثرَ أملاً في مستقبلنا وفي أميركا»، مؤكداً أن «أميركا ليست دولة تنتمي إلى الحزب الديموقراطي أو إلى الحزب الجمهوري، بل هي دولة واحدة، ستستمر لتكون أفضل دولة على الأرض بإسهامات شعبها». وبعد نهاية كلمته، انضم إليه نائبه جو بايدن وأسرتاهما، وقاموا جميعاً بتبادل التهاني والتلويح لآلاف الأنصار، الذين لم يتوقفوا عن الصياح والتلويح بالأعلام الأميركية، فيما نقلت شاشات تلفزيون عملاقة الحدث لآلاف آخرين احتشدوا في شوارع شيكاغو على رغم البرد القارس.