قاوم الرئيس الأميركي باراك أوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني التعب، وجابا أنحاء مختلفة في أميركا أمس، في اليوم ما قبل الأخير من الحملة المحتدمة في السباق إلى البيت الأبيض، فيما أظهر استطلاع جديد للرأي تعادلهما. وظهرت علامات الإرهاق على أوباما ورومني اللذين يقومان بجولات انتخابية من ولاية متأرجحة إلى أخرى في محاولة لإثارة حماسة المؤيدين وكسب تأييد ناخبين مترددين في آخر لحظة قبل انتخابات غد الثلثاء. وغادر أوباما إلى نيوهامبشر لحضور تجمع انتخابي السبت مع الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون. وفي جولة تنتهي في ويسكونسن في الساعات الأولى من فجر الثلثاء، توجه أوباما أمس، إلى فلوريدا وكولورادو وأوهايو، فيما توجه رومني إلى أيوا وأوهايو وفرجينيا. ويزور المرشح الجمهوري بنسلفانيا التي لطالما اعتبرت ولاية مؤيدة لأوباما لكن الجمهوريين يعتقدون الآن أنها أصبحت تضم عدداً من الناخبين المترددين. ويبدو أن أوباما أدرك في وقت متأخر أنه بعد إنفاق ملايين الدولارات والمشاركة في عدد لا يحصى من التجمعات الانتخابية والسفر لأشهر، فإن مصيره لم يعد بين يديه. وقال أمام حشد ضم حوالى 24 ألف شخص في ليلة باردة في بريستو فرجينيا: «أنا مجرد ركيزة للحملة»، مضيفاً أن «السلطة لم تعد بين أيدينا والتخطيط، وكل شيء نقوم به، لم يعد يهم». وأضاف: «الأمر كله بين أيديكم ولدى المتطوعين. أنتم لديكم السلطة. هكذا يجب أن تكون الديموقراطية». بيل كلينتون وقال كلينتون أمام الحشد إن أوباما قدم أفضل ما لديه ويستحق إعادة انتخابه. وأضاف: «لقد وضعت صوتي في خدمة الرئيس»، وذلك خلال تجمع انتخابي في ليلة باردة في ولاية فرجينيا الحاسمة. وكلينتون الذي يشكل دعامة أساسية بين مؤيدي أوباما، سيشارك في أربع تجمعات لمناصري أوباما الاثنين، في بنسلفانيا للتصدي لمحاولة رومني الأخيرة كسب أصوات في هذه الولاية. ويقول فريق حملة أوباما إن حملة رومني في هذا الاتجاه تدل على يأس واعتراف بأنه لم يعد بإمكانه جمع أصوات كبار الناخبين ال270 المطلوبة للفوز في الانتخابات في الولايات الحاسمة. ويشدد الفريق على أنه ليس هناك أي خطر في خسارة المعركة في تلك الولاية. وقبل يومين من الاستحقاق الرئاسي تحول التركيز في السباق إلى أداء أوباما الاقتصادي وماضي رومني كرأسمالي والتساؤلات حول ما إذا كان مستعداً للقيادة. لكن استطلاعات الرأي على المستوى الوطني للتصويت الشعبي تظهر تعادلهما تقريباً، إلا أن أوباما يبدو في موقع أقوى في المعارك الحاسمة، وإذا صحت توقعات هذه الاستطلاعات يبدو أنه سيفوز بولاية ثانية. وفي أحدث نبأ سار للرئيس، أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة «دي موين ريجستر» أن الرئيس يتقدم على رومني في أيوا بفارق خمس نقاط كما بدا في موقع قوي أيضاً في نيفادا وأوهايو وهي الولايات الثلاث التي تشهد أشد منافسة في هذه الانتخابات. تعادل على مستوى عام لكن آخر استطلاع لشبكة «أي بي سي نيوز» وصحيفة «واشنطن بوست» أظهر أن أوباما ورومني متعادلان وحصل كل منهما على 48 في المئة من نوايا التصويت. والسبت، كان المرشحان يتسابقان على المناطق التي ستقرر نتيجة الانتخابات وما إذا كان سيفوز أوباما بولاية ثانية أو إذا كان الجمهوريون سيعودون إلى البيت الأبيض. وعمد رومني ومرشحه لمنصب نائب الرئيس بول راين إلى التشديد على إيصال رسالة «وضع البلاد أولاً» للناخبين، فيما قاما بحملات في نيوهامبشر وايوا وكولورادو. وفي ميلواكي ساهمت نجمة البوب كايتي بيري في إثارة حماسة الحاضرين خلال التجمع الانتخابي المؤيد لأوباما وبلغ تعداده حوالى عشرين ألف شخص. وهاجم الرئيس الأميركي ما وصفه بخطة رومني لإعادة وول ستريت إلى الأيام السابقة حين كانت «حرة للقيام بما يحلو لها»، معتبراً أن ذلك هو ما أدى إلى المصاعب الاقتصادية «التي لا نزال نعمل للخروج منها». وكانت ويسكونسن تعتبر موالية للديموقراطيين بشكل مؤكد لكن عدة عوامل بينها تصاعد قوة الحزب الجمهوري وتراجع نسبة الحماسة لأوباما وكون راين يمثلها، أدى إلى جعلها من المناطق التي تشهد منافسة شديدة. ولاحقا توقف الرئيس في أيوا، الولاية الريفية وشارك في تجمع ضم حوالى خمسة آلاف شخص. وقال: «بدأت حملتي نحو الرئاسة هنا في هذه الولاية، بعد سنتين من الحملات وبعد أربع سنوات كرئيس»، مضيفاً: «أنتم تعرفونني الآن». وفي كولورادو سبرينغز قال رومني إن الثلثاء «سيكون المحطة التي ننظر فيها إلى المستقبل، وتصور ما يمكننا القيام به لوضع هذه السنوات الأربع وراءنا». وأضاف: «نحن قريبون جداً من ذلك الآن» وقال: «الباب نحو مستقبل مشرق أكثر مفتوح». نيويورك على صعيد آخر، هدد النقص الكبير في مادة الفيول محاولات نيويورك التعافي من الإعصار «ساندي»، فيما زادت برودة الطقس من معاناة السكان المستمرة منذ أسبوع بسبب الفيضانات التي غمرت منازل وحركة النقل العام المحدودة. وأعيدت الكهرباء إلى كل أنحاء مانهاتن السبت بعدما أغرقت الفيضانات نصف المنطقة الأكثر اكتظاظاً في نيويورك في الظلام. وقال بوب ماكجي الناطق باسم شركة كهرباء «كون اديسون» إن مانهاتن لن تشبه بعد الآن «مدينة أشباح أو فيلم رعب». وتعمل فرق أيضاً على إعادة تجهيز المدارس التي ستفتح أبوابها مجدداً الاثنين ومراكز اقتراع تمهيداً للانتخابات الرئاسية الثلثاء. لكن 40 في المئة من الذين حرموا من التيار الكهربائي أو حوالى 900 ألف شخص، لا يزالون يشهدون بعض الانقطاع في التيار سيستمر لقرابة أسبوع آخر، كما قال حاكم نيويورك أندرو كومو للصحافيين. وبالنسبة لكثيرين ذلك يعني الحرمان من التدفئة، فيما تدنت بقوة درجات الحرارة في منطقة نيويورك وتترافق مع رياح قوية وتوقع عاصفة خريفية الأربعاء. وفي لونغ آيلاند لا يزال هناك 550 ألف شخص من دون تيار كهربائي بعدما كانوا 1,2 مليون شخص كما أضاف كومو. وقالت وزارة الطاقة الأميركية إن إجمالي 2,5 مليون شخص لا يزالون من دون كهرباء في سبع ولايات ضربها الإعصار. وفيما أعلنت شرطة نيوجرزي عن ارتفاع حصيلة القتلى في الولاية إلى 22 لتصل بذلك الحصيلة الإجمالية للإعصار 103 قتلى، تبقى العقبة الرئيسية أمام العودة إلى الحياة الطبيعية النقص الكبير في الفيول. واصطفت سيارات كثيرة في محطات الوقود، فيما أعلن حاكم نيوجرزي كريس كريستي عن تقنين. وبدءاً من السبت كان يسمح فقط للسائقين الذين تنتهي أرقام تسجيل سياراتهم برقم مفرد بتعبئة الوقود في التواريخ المفردة الأرقام أيضاً، وكذلك هي الحال بالنسبة للأرقام المزدوجة. وفي هذا الوقت، أعلن مسؤولو نيويورك عن نشر صهاريج فيول تابعة للجيش تؤمن عشر غالونات (38 ليتراً) من الفيول للسائقين من دون مقابل. وقال كومو إن هذا الوضع قد يتغير بسرعة لأنه تمت معالجة التأخير في وصول سفن الفيول. وأضاف: «لقد تم تسليم ثمانية ملايين غالون من الفيول، وستسلم 28 مليون غالون في اليومين المقبلين، وبالتالي سيتراجع الضغط بسرعة، ولا داعي للذعر». وأظهرت الأرقام الجديدة من إدارة معلومات الطاقة الفيديرالية أن 38 في المئة من محطات الوقود في محيط نيويورك كانت لا تزال عاطلة من العمل. وبدأ عمل قطارات الأنفاق بنسبة 80 في المئة وأوقفت سلطات النقل تعليق الرسوم الذي كان يتيح لسكان نيويورك التنقل مجاناً خلال فترة ما بعد الإعصار. وأعلن رئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبرغ أيضاً أن حوالى مليون تلميذ سيعودون إلى المدارس الاثنين، على رغم أن هناك 65 مدرسة خارج الخدمة بسبب الأضرار أو لأنها تستخدم كملاجئ موقتة. وفي هذا الوقت أعلن الجيش أنه قدم لمسؤولي الطوارئ مليون وجبة لتوزيعها على المحتاجين في نيويورك ونيوجرزي وسيقدم مليون وجبة إضافية الأسبوع المقبل. لكن الاستياء يتزايد في الشوارع التي كانت أكثر تضرراً من مرور العاصفة. وتحدث أوباما الذي يواصل حملته الانتخابية من على متن الطائرة الرئاسية «اير فورس وان» إلى حاكم نيوجرزي وإلى عضوي مجلس الشيوخ تشاك شومر وكريستن غيليبراند عن نيويورك لمناقشة احتياجات المنطقة كما أعلن البيت الأبيض. كما أثار إلغاء ماراتون نيويورك السنوي فجأة أمس، بلبلة، وكان يفترض أن يشارك فيه 47 ألف شخص من كل أنحاء العالم. وعبر الكثير من العدائين الذين أتوا إلى نيويورك ودفعوا تكاليف باهظة، عن استيائهم، لكنهم قالوا إنهم يتفهمون ضرورات الوضع. والعاصفة المرتقبة الأربعاء من غير المتوقع أن تكون بضخامة «ساندي»، لكنها من المؤكد ستكون صعبة على الأشخاص الذين يعيشون في منازل تضررت من جراء الفيضانات ولا يزالون محرومين من التدفئة.