بدأت العلاقات السعودية الفرنسية منذ 1926 في وقت كانت فيه كل من سورية ولبنان تقعان تحت الانتداب الفرنسي، وفي 10 تشرين الثاني (نوفمبر) 1931 وقع البلدان «معاهدة الجزيرة»، وقعها نيابة عن الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وزير الخارجية آنذاك الأمير (الملك) فيصل بن عبدالعزيز- رحمه الله - وعن الرئيس الفرنسي القائم بأعمال باريس في الحجاز ونجد وملحقاتها حامل وسام ضابط في جوقة الشرف (كما جاء تعريفه في نص الوثيقة) ج - ر - ميجريه، وفي المادة الأولى من المعاهدة «تعترف الحكومة الفرنسية بأن مملكة صاحب الجلالة ملك الحجاز ونجد وملحقاتها دولة حرة ذات سيادة ومستقلة استقلالاً تاماً مطلقاً»، فيما أوضحت المادة الثانية - بحسب نص الوثيقة المنشور في موسوعة مقاتل من الصحراء - أن «يعلن الفريقان الساميان المتعاقدان رغبتهما الأكيدة في أن يحافظا دائماً على علاقات السلم والصداقة بينهما، وفي أن يحلا بهذه الروح ما يقع من الخلافات بينهما». وفي ذات العام، وقّعت الحكومة السعودية ونظيرتها الفرنسية التي كانت تنوب عن كل من سورية ولبنان معاهدة أخرى تضمنت «حقوق وشؤون التعامل بين رعايا الطرفين وطرق معاملتهم في أراضي الغير» كما أفردت فصلاً خاصاً لتنظيم «تنقل العشائر والقبائل ومزولة التجارة وفض المنازعات وممارسة الحرف والصناعات في كل من نجد والحجاز وسورية ولبنان». وبعد أن حملت المملكة اسم «المملكة العربية السعودية» في 1932، تعاونت البلدان في ما بينهما، واستفاد المؤسس الملك عبدالعزيز بالخبرات الفرنسية في تأسيس أول مصنع للذخيرة في مدينة الخرج، وبعد استقلال سورية ولبنان عن فرنسا ودعم الملك المؤسس الكبير لهذا الاستقلال ومساعدة كلا البلدين في تحقيقه، زاد حجم التبادل التجاري والاقتصادي بين كل من السعودية وفرنسا. وإن كانت الرياض وباريس تحتفظان في ذاكرتيهما بنص الحوار التاريخي، الذي دار بين كل من الملك فيصل بن عبدالعزيز، ومؤسس الجمهورية الفرنسية الحديثة الجنرال شارل ديغول، ونقل تفاصيله السياسي السوري الدكتور معروف الدواليبي، الذي عمل مستشاراً في الديوان الملكي عام 1956، وفيه أن الجنرال شارل ديغول مخاطباً الملك فيصل قائلاً: «يتحدث الناس أنكم يا جلالة الملك تريدون أن تقذفوا بإسرائيل إلى البحر، وإسرائيل هذه أصبحت أمراً واقعاً، ولا يقبل أحد في العالم رفع هذا الأمر الواقع»، فأجابه الملك فيصل: «يا فخامة الرئيس أنا أستغرب كلامك هذا، إن هتلر احتل باريس، وأصبح احتلاله أمراً واقعاً، وكل فرنسا استسلمت إلا (أنت) انسحبت مع الجيش الإنكليزي، وبقيت تعمل لمقاومة الأمر الواقع حتى تغلبت عليه، فلا أنت رضخت لأمر الواقع، ولا شعبك رضخ، فأنا أستغرب منك الآن أن تطلب مني أن أرضى بالأمر الواقع، والويل يا فخامة الرئيس للضعيف إذا احتلّه القوي، وراح يطالب بأن الاحتلال إذا أصبح واقعاً فقد أصبح مشروعاً». وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز زار فرنسا حينما كان رئيساً للحرس الوطني في حزيران (يونيو) 1973، وفي كانون الثاني (يناير)1985، إذ وصفت الصحافة الفرنسية الزيارة بالتاريخية، وتناول فيها العلاقات بين البلدين في المجالين الدفاعي والأمني، وحذّر فرنسا من رفض المملكة «بقاء القوات الإسرائيلية في لبنان بعد اجتياحه»، كما قام في 2001 و2005 لفرنسا حينما كان ولياً للعهد بزيارتين، أكّد فيهما الموقف السعودي من الأحداث التي تمرُّ بها المنطقة.