سرت تكهنات حول الوضع الصحي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد غيابه عن الأضواء خلال الأسابيع القليلة الماضية، وإدخال تعديلات واسعة على جدول أعماله المعلن، اشتمل على تأجيل رحلات خارجية وإلغاء المشاركة في مؤتمرات إقليمية. وهزت إشاعات قوية تداولتها وسائل إعلام، صورة رجل روسيا «القوي» ولاعب الجودو السابق الذي يواظب على ممارسة الرياضة ويهوى الألعاب الخطرة، وبينها التزلج وقيادة الطائرات والغوص في المحيطات. ولم يبدد هذه الإشاعات نفي الديوان الرئاسي معلومات عن إصابة بوتين بعارض استدعى جراحة. وبرزت التساؤلات خلال الأسابيع الأخيرة عن سر الغياب اللافت لبوتين عن وسائل الإعلام وعن حضور نشاطات في البلاد في شكل يخالف التقاليد التي اعتادها الروس من «زعيم الأمة» خلال السنين العشر الماضية. وكان الكرملين أرجأ أخيراً زيارات إلى الخارج كانت مقررة خلال الشهرين الماضي والجاري. وأفادت وسائل إعلام بأن بوتين لم يغادر مقر إقامته قرب موسكو منذ نحو شهر، وعزا بعضها ذلك إلى تداعيات جرح قديم في عموده الفقري. وأشارت مصادر إعلامية إلى أن «الجرح القديم» تفاقم خلال ممارسة الرئيس الروسي قبل شهرين هواية الطيران الشراعي المعلق في سيبيريا. ولفتت مصادر إعلامية إلى أن الرئيس اضطر إلى الخضوع لجلسات علاج مكثفة وأوصاه الأطباء بالامتناع عن الرحلات والحركة النشطة أو الجلوس لفترات طويلة. ومن الفاعليات التي ألغى الكرملين مشاركة بوتين فيها، رحلة إلى سيبيريا لتدشين حقل مهم للغاز. كما أرجئت قمة رابطة الدول المستقلة التي كانت مقررة مطلع الشهر الجاري في تركمانستان. وأعلن رسميا أن سبب التأجيل هو البرنامج المثقل لرؤساء الدول، وبينهم بوتين. كما تأجلت زيارات بوتين لبلغاريا والهند وتركيا التي كانت مقررة الشهر الماضي، إلى الشهر المقبل. كما بدأت الشكوك تحوم حول قدرة بوتين على المشاركة في قمة «روسيا - الاتحاد الأوروبي» التي تنعقد في بروكسيل الشهر المقبل، إذ امتنع الكرملين، خلافا لعادته في الإعلان عن برنامج الرئيس سلفاً، تحديد ما إذا كان الرئيس سيشارك فيها. وكان الرئيس الروسي شارك في أيلول (سبتمبر) الماضي في قمة «آسيا والمحيط الهادئ» التي جرت في فلاديفستوك أقصى شرق روسيا، وشوهد حينها وهو يعرج. لكن الناطق باسمه ديمتري بيسكوف قال حينها إن الرئيس يعاني من جرح رياضي بسيط، لن يؤثر على جدول أعماله. كما ألغي اللقاء السنوي التلفزيوني الكبير الذي اعتاد بوتين إجراءه كل عام، علماً أن الرئيس الروسي لم يتخلف عن هذا التقليد منذ أن وضعه بنفسه العام 2001. وبوتين، الذي يحمل حزاماً اسود في رياضة الجودو، حرص منذ توليه الرئاسة للمرة الأولى العام 2000 على الظهور بمظهر الرجل القوي، وسبق أن نُشرت له صور وهو عاري الصدر على ظهر جواد أو يقود طائرة لإخماد الحرائق أو حتى سيارة «فورمولا واحد». واكتفى الناطق باسم بوتين بالقول إن الرئيس يفضل البقاء في مقر إقامته خارج العاصمة «كي لا يزيد زحمة السير فيها»، في إشارة إلى التدابير الأمنية التي ترافق موكبه وتفاقم من حال الاختناقات المرورية في الشوارع الرئيسة لموسكو.