كان الشعب الكردي في سورية، ومعه كل مكونات الشعب السوري، على موعد مهم، في العاشرة من ليلة الأول من تشرين الأول (اكتوبر)، مع شاشة «أورينت» السورية، وهي تنطق بالكردية. القناة التي بدأت تبث نشرات خبرية بالكردية ل 30 دقيقة، طيلة أيام الأسبوع، عدا يوم السبت، خطت خطوة رائدة، لجهة انفتاحها، كأول قناة عربية، على الشعب الكردي، وبثها بلغته الأم. ولا تنحصر أهميتها فقط على مستوى الاعلام السوري، الرسمي والمعارض، بل على مستوى كل القنوات الفضائية العربية. وعلى رغم ان العراق دولة فيديرالية، ودستوره يعترف بالشعب الكردي كقومية ثانية في البلاد، واللغة الكردية، هي اللغة الرسمية الثانية، لم تفرد الحكومة المركزية، او اي من الاحزاب السياسية العربية، التي في الحكومة او التي في المعارضة، ولو 10 دقائق للبث بالكردية في قنوات التلفزة التابعة لها. من هنا، تظهر جلياً الأهمية السياسية والثقافية والاخلاقية والوطنية للخطوة التي اعتمدتها قناة «أورينت» على صعيد ضرورة عكس التنوع في البث التلفزيوني. والمأمول ان تتوسع هذه الخطوة، وتترسخ دستورياً في سورية، وألا تكون عابرة وموقتة، لزوم البهرجة والديكور. بداية الفكرة عن فكرة اطلاق نشرة خبرية بالكردية في قناة سورية معارضة للنظام، قال مقدم النشرة الكردية، الكاتب والناشط الكردي فايق اليوسف ل «الحياة»: «الفضل يعود إلى أسرة الفضائية التي وافقت على مشروع تقدم به أحد شباب الثورة السورية، عندما قال: أتعرفون، أن أمي مثلاً، لا تستطيع متابعة الأخبار بالعربية. لو عرضتم برنامجاً بالكردية، لتوسعت دائرة المشاهدين للفضائية التي أصبحت الآن، فضائية الثورة، لأنها منذ بدايتها، كانت سباقة إلى تبني خطاب الثورة، وصارت لسان حالها، بلا أي تردد. هذا الشاب مقيم الآن في تركيا، بعدما لجأ إليها، وكان يتواصل من الداخل مع الفضائية، ولا يزال، من خلال إرساله الفيديوات. وأمامه مشروع إعلامي طموح، سيديره عما قريب». وأشار اليوسف الى ان النشرة الخبرية الكردية على شاشة «أورينت»، سبقتها تحضيرات وتدريبات استمرت أسابيع، «تحت إشراف خيرة مدربي الفضائية، والخبراء المتعاونين معها». وأوضح ان «هناك طموحاً من إدارة الفضائية بتمديد فترة البث الكردي»، مؤكداً ان نشرتها «لاقت ترحيباً كبيراً من الوسط الكردي. وإن موعد النشرة، يشهد اهتماماً واسع النطاق، ليس عند ملايين الكرد في سورية والشتات فقط، بل عند الشعب الكردي في عموم كردستان». وعن التحديات والصعوبات، قال اليوسف: «إطلاق النشرة، ومنذ أول بث لها، في شكل حي، كان خطوة جريئة من أسرة الفضائية. وتفاجأنا عندما وجدنا أن كل الصعاب ذللت، لمجرد أن أصبح البث على الهواء، ونحن واثقون بأن الأيام المقبلة ستشهد تطوراً كبيراً للنشرة التي استُقبلت بطريقة ممتازة، اذ رفِعت لافتات في التظاهرات السورية، تُحيي هذه الفضائية التي كانت أول تلفزيون سوري ينصف أبناء الشعب الكردي. بما يؤكد أن سورية المستقبل ستكون لجميع السوريين، بعد التخلص من النظام ومخلفاته البائسة الاستبدادية التي مارسها بحق الشعب السوري كله». وأشار الى انه كان للكرد السوريين «نصيب كبير من الظلم الواقع على كاهله من النظام السوري، بدءاً من منع لغته، ومحاولة تذويبه، وغير ذلك من السياسات الفاشلة». الاختلاف معلوم ان القنوات الكردية في أوروبا وكردستان العراق، لديها برامج ونشرات اخبار تبث بالعربية. وعن أوجه الاختلاف بين ما يقدم بالكردية في «أورينت» وما تقدمه القنوات الكردية، أفاد اليوسف، بأنه لدى القناة خطتها المرتكزة الى تبني «المهنية العالية، والموضوعية»، وألا تكون «طرفاً في الخبر الكردي»، وأن تعطى الأطراف كلها «حرية إبداء رأيها». وهذا ما لاقى «ارتياحاً كبيراً» كما نقل إليها. وأضاف اليوسف: «نحاول أن نكون لسان الثورة، كما هي الفضائية، ونعكس أخبارها باللغة الأم لأبناء ثاني أكبر قومية في سورية. وللآخرين أن يحكموا على خصوصيتنا التي أؤكد أنها بدأت تثمر، بدليل، هذا التعاون الكبير مع هذه النشرة الخبرية التي أراحت الشارع الكردي، كما أراحت السوريين عموماً، وهم يسمعون للمرة الأولى عبارات كردية كثيرة، مثل «إيفار باش (مساء الخير)». وعن دلالة اطلاق قناة «اورينت» نشرة بالكردية وهل هو اجراء موقت؟ ام انها بداية تقليد جديد في الاعلام السوري؟ أجاب اليوسف: «إدارة القناة جادة، وهي تعتبر الأمر من صلب مهماتها الوطنية، في التأسيس لإعلام وطني سوري، لجميع أبنائه، وعلى اختلاف لغاتهم. وهي فعلاً حصلت على قصب السبق في ما قامت به. وسيسجل ذلك لها». وأكد انه «لا يمكن أن يكون هناك إعلام في سورية المستقبل من دون إعلام وطني كردي». واختتم حديثه قائلاً: «إننا نطمح للكثير. وكما علمنا، فإن لدى الإدارة مشروعاً طموحاً ستشهده الفترة المقبلة»، من دون ان يوضح تفاصيل هذا المشروع.