قدمت الدولة الأردنية رسائل بدت «إيجابية» لجماعة «الإخوان المسلمين»، المكون المعارض الأبرز في البلاد، عندما قررت أمس تعيين أحد قادة الجماعة رئيساً ل «ذراعها الاقتصادية» الذي تمثله جمعية «المركز الإسلامي» الخيرية بعد 6 سنوات على مصادرتها. وقررت حكومة عبدالله النسور تعيين القيادي «الإخواني» البارز جميل دهيسات رئيساً لجمعية «المركز» التي تعد «العصب الاقتصادي» لجماعة «الإخوان»، وتمتلك أفرعاً ومشاريع عدة في المحافظات المختلفة، كما تتعامل مع بليون دينار أردني سنوياً، وفق إحصاءات رسمية. وكان بيان مقتضب أصدرته الحكومة أكد «نبأ تعيين دهيسات رئيساً للهيئة الإدارية الموقتة اعتباراً من الخميس خلفاً لسليمان البدور». وفي رد هو الأول على قرار الحكومة، قال الرجل الثاني في جماعة «الإخوان» زكي بني ارشيد ل «الحياة» إن مثل هذا القرار يعد «خطوة إيجابية». وأضاف: «القرار جاء بلا أي ترتيبات مسبقة، ومن دون التشاور معنا». وأكد أن «تكليف قيادي إخواني ترؤس الجمعية من جديد غير مرتبط بالمواقف السياسية، خصوصاً موقف الجماعة من مقاطعة انتخابات (الصوت الواحد)» المقرر إجراؤها مطلع العام المقبل. وأوضح أن «جماعة الإخوان كانت دائماً تفصل ما بين مطالبها الإصلاحية وبين ملف جمعية المركز، وترفض منطق الصفقات أو التفاهمات في هذا الموضوع وسواه». في مقابل ذلك، كشفت مصادر مقربة من مطبخ القرار ل «الحياة» عن توجه رسمي ل «تسوية جميع الخلافات العالقة ما بين الجماعة والدولة عشية إجراء الانتخابات النيابية». وأكدت وجود «اتفاق مبدئي لدى الدولة والإخوان على استمرار التواصل والجلوس على طاولة الحوار، لكي لا تتسع فجوة الخلاف الناجمة عن قرار الجماعة مقاطعة الانتخابات وإعلانها اللجوء إلى الشارع». وأوضحت أن الدولة «تسعى إلى تهدئة الأجواء مع الحركة الإسلامية بعيداً عن خيارات كسر العظم، على رغم إصرار الأخيرة على عدم المشاركة بالانتخابات». وفي أول تصريح له عقب تكليفه برئاسة الجمعية، قال دهيسات ل «الحياة» إن «قرار الحكومة ينطوي على رسائل إيجابية الهدف منها مد جسور للتواصل ما بين الدولة والإخوان بعد أن شهدت علاقة الطرفين حالاً من الجمود والتوتر في محطات عدة». ويطالب «الإخوان» بشطب تسجيل نحو 1000 عضو في الهيئة العامة للجمعية عينتهم الحكومات المتعاقبة في السنوات ال 6 الماضية، ما أدى إلى تحول الغالبية التي كانت تسيطر عليها الجماعة لأقلية. كما تطالب الجماعة بحفظ قضايا أحالتها حكومات سابقة على المحاكم، تتهم فيها قيادات «إخوانية» بارزة بتجاوزات مالية وإدارية، وهي القضية التي اعتبرتها قيادات «الإخوان» بأنها «سياسية». وتعد جمعية المركز الإسلامي التي أسست عام 1964 كبرى الجمعيات الخيرية في الأردن، وتصنف على أنها الذراع الخيرية لجماعة «الإخوان»، لكن الحكومات كانت تتهم الجماعة باستغلال الجمعية لحشد الأصوات لها في الانتخابات، واعتبار الجمعية ذراعاً مالياً لها في مجالات غير معلنة. ولدى الجمعية 52 مركزاً خيرياً تعمل من أجل الوصول إلى المحتاجين وتقديم العون لهم، وتشرف على مستشفييْن خاصيْن هما المستشفى الإسلامي في عمان والمستشفى الإسلامي في العقبة، ولديها مراكز صحية متعددة. كما تشرف على رعاية نحو 13 ألف يتيم وترعى أكثر من 5 آلاف أسرة فقيرة.