قال مسؤولون سعوديون ل«الحياة» أمس إن الجهات المتخصصة في المملكة ستنخرط في اجتماعات على مستويات عدة لاستخلاص الدروس من أخطاء موسم حج عام 1433ه، والعمل على استحداث مزيد من التحسينات على أداء القطاعات التابعة لها في موسم الحج المقبل. وأشاروا إلى أن السعودية ستنفذ خلال السنة الهجرية الجديدة (1434ه) مشاريع جديدة لمصلحة ضيوف الرحمن الذين تمضي أعدادهم في تنامٍ كلَّ عام، خصوصاً محاولة سد الثغرات بوجه عمليات التسلل من خلال بناء سور حول مشعر الله الحرام عرفات بحسب ما أعلن أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أول من أمس. وقال خبراء في شؤون إدارة الحشود تحدثت إليهم «الحياة» في جدة أمس إن من شأن سور عرفات أن يغلق الطريق بأوجه الحجاج غير النظاميين، وجلُّهم مقيمون في السعودية، ويؤدي بالتالي إلى تقليص ظاهرة الافتراش التي تعرقل سلاسة المرور في المشاعر المقدسة، وتتسبب في الزحام وزيادة كميات النفايات. لكن متخصصين لاحظوا أن السور المزمع الذي أقر مجلس الوزراء السعودي إنشائه لن يعالج جذور ظاهرتي التسلل والافتراش، والتي تتمثل في ارتفاع أسعار حملات حجاج الداخل، وخلو ما رخصت كلفته من الخدمات للحجاج. وذكر مسؤولون أن ملاحظات أبداها وزير الداخلية السعودي رئيس اللجنة العليا للحج الأمير أحمد بن عبدالعزيز، في مؤتمره الصحافي في منى عشية يوم التروية، تطرقت إلى سلبيات حملات الحج الفاخرة، واقتطاعها مساحات على حساب المساحة المحدودة أصلاً في منى وعرفات. وأنهى المتبقون من حجاج بيت الله الحرام أمس (الإثنين) مناسك حجهم، بعد أن منّ الله عليهم أداء الركن الخامس من الإسلام. ورمى الحجاج أمس - آخر أيام التشريق - الجمرات الثلاث، مبتدئين بالجمرة الصغرى، فالوسطى ثم جمرة العقبة. وتوافد الحجاج على المسجد الحرام لأداء طواف الوداع، تصاحبهم استعدادات وتجهيزات يشرف عليها رجال الأمن العام وقوى الأمن الداخلي والحرس الوطني والمرور والكشافة والدفاع المدني وغيرهم من الجهات المعنية بخدمة الحجيج لتنظيم حركة التفويج لمنع الاختناقات والتدافع فضلاً عن سيارات الإسعاف التابعة لوزارة الصحة وهيئة الهلال الأحمر السعودي التي توزعت في مناطق عدة. وتشهد المسجد الحرام كثافة كبيرة من الحجاج لأداء طواف الإفاضة والوداع، وقد امتلأ صحن المطاف بكامل طاقته الاستيعابية والتي تقدر بأكثر من سبعين ألفاً في الساعة، وتحويل الفائض عن الطاقة الاستيعابية للمطاف إلى الدور الأول من المسجد الحرام وسطح المسجد الحرام. ولم يحدث أي تدافع بين الحجاج، على رغم الكثافة الكبيرة. وجندت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ستة آلاف موظف، تم توزيعهم على أروقة وأدوار المسجد الحرام لتوعية وتوجيه وإرشاد الحجاج وتنظيم الدخول والخروج من وإلى المسجد الحرام، ومنع الجلوس في المشايات والممرات المؤدية إلى صحن المطاف، وتوزيع الكتيبات والمطويات التوعوية بعدد من اللغات، علاوة على تكثيف برامج الوعظ والإرشاد والتوجيه، والرد على أسئلة واستفسارات وفود الرحمن، ومراقبة عملية الطواف والسعي، وتخصيص عدد من العربات للسعي بالمجان، وعربات خاصة بذوي الحاجات الخاصة. ونشرت إدارة الدفاع المدني أكثر من ألف مسعف في ثلاثين نقطة في صحن المطاف والمسعى والمداخل الرئيسية للمسجد الحرام، لتقديم الخدمات الإسعافية للحالات الطارئة التي قد تحدث لبعض الحجاج كالإجهاد وغيره، إضافة إلى المراكز الصحية الموجودة داخل المسجد الحرام المجهزة بكل ما تحتاج إليه من كوادر طبية ومستلزمات طبية. وتوجهت جموع الحجاج بعد إكمال نسكها إلى منافذ المغادرة البرية والبحرية والجوية، فيما اتجهت بعض الجموع إلى المدنية المنورة لزيارة المسجد النبوي. وشرعت المؤسسة الأهلية للإدلاء بالمدينةالمنورة في تنفيذ المرحلة الثانية من خطتها التشغيلية لموسم حج هذا العام التي تستهدف خدمة أكثر من 750 ألف حاج، من المتوقع أن تستقبلهم المدينةالمنورة. وأوضح رئيس مجلس إدارة المؤسسة الدكتور يوسف بن أحمد حوالة لوكالة الأنباء السعودية أن المؤسسة تقدم في إطار هدفها العام أفضل الخدمات الممكنة لضيوف الرحمن ورعايتهم من حين قدومهم إلى المدينةالمنورة وحتى مغادرتهم. وأضاف أن المؤسسة تؤدي الواجبات والمسؤوليات المناطة بها نحو حجاج بيت الله الحرام وزوار المسجد النبوي الواردة في قرار إنشائها. وتمر مراحل العمل بخطوات تبدأ من أعمال الاستقبال والإسكان ومتا وكان وزير الداخلية السعودي هنأ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمس بنجاح موسم حج هذا العام – في برقية رفعها إليه – مؤكداً توفير التسهيلات والخدمات كافة لضيوف الرحمن، «وهو ما مكّنهم والحمد لله من الوقوف على صعيد عرفات الطاهر على أحسن حال، وهم ينعمون بما أفاء به الله عليهم من أداء هذا الركن العظيم في أجواء مفعمة بالسكينة والإيمان، وسط منظومة متكاملة من الخدمات والتسهيلات المقدمة لهم على مدار الساعة وفق خطط أمنية، وخدمية، وصحية، وتنظيمية، ووقائية، عالية الدقة ومحكمة التنفيذ، وهو ما سهل حركة جموع الحجيج بانسيابية تامة بين المشاعر المقدسة، وفي أوضاع صحية مستقرة لم تشهد بفضل الله ثم بالجهود المبذولة ظهور حالات وبائية أو وقوع حوادث تعرقل تحركات هذه الحشود الكبيرة في أزمنة معلومة وأمكنة محدودة».