استعدت المعارضة الروسية لإطلاق موجة جديدة من التظاهرات والاعتصامات، في تحدٍّ لتدابير أجهزة الأمن ضد ناشطيها، وآخرها أمس، عبر اعتقال سيرغي أودالتسوف، بعد اتهام لجنة التحقيق إياه في مواجهات 6 أيار (مايو) الماضي، ب «تحضير اضطرابات واسعة»، والمدوّن المناهض للفساد ألكسي نافالاني، وايليا اياشين زعيم حركة «سوليدارنوست» المعارضة. وشارك في تحرّك غير مرخّص له نظّم أمس في موسكو حوالى 200 شخص دعماً للمعتقلين الثلاثة، تحت شعار «إننا ضد القمع وعمليات التعذيب»، وسط مراقبة مشددة من قوات الأمن التي حضرت بأعداد كبيرة. وأعلن «المجلس التنسيقي للمعارضة» الذي تشكّل أخيراً ليجمع أطيافها وينسّق نشاطاتها، في أول اجتماع عقده في موسكو أمس، تحضير اعتصامات واسعة في العاصمة الروسية ومدن أخرى بعد غدٍ الثلثاء، في حين أكد معارضون أن استهداف شخصيات لجأت إلى خارج البلاد هرباً من التضييق الأمني «يُمهد لمرحلة جديدة من المواجهات مع السلطة». وتوقع معارضون أن يكون تشرين الثاني (نوفمبر) «ساخناً، ويشهد تنظيم سلسلة فعاليات مماثلة»، كما كتب ناشطون في المجلس على شبكات التواصل الاجتماعي. وقبل ساعات من اعتقاله، أعلن رئيس «الجبهة اليسارية» أودالتسوف أن الشعار الأساسي للاعتصام المقبل هو المطالبة بالإفراج فوراً عن المعتقلين السياسيين. واعتبر أن هذا المطلب «بات ملحاً بعدما ازداد تعسّف سلطات الأمن وملاحقتها المعارضين داخل روسيا، وصولاً إلى اللاجئين في الخارج». وكان حادث اختطاف المعارض الروسي ليونيد رازفوزجايف من أوكرانيا ونقله إلى سجن في موسكو، أثار موجة غضب، وتوقعات بأن السلطات تنوي توسيع نطاق حملتها الأمنية ضد المعارضين. وفرّ عدد من رموز المعارضة من روسيا بعدما فتحت السلطات القضائية تحقيقات ضدهم، واتهمتهم بتلقي أموال من سياسيين في جورجيا المجاورة لزعزعة الوضع في البلاد وإطلاق حملات احتجاج. وإضافة إلى رازفوزجايف، يواجه قسطنطين ليبيديف وهو معارض من حزب «روسيا العادلة» حكماً بالسجن لسنوات، كما وجهت الأجهزة الروسية التهمة ذاتها رسمياً قبل يومين ضد أودراتسوف فارضة عليه الإقامة الجبرية في منزله إلى حين النطق بالحكم. واستندت أجهزة التحقيق الروسية عند توجيه الاتهام على شريط وثائقي التقطته كاميرات خفية، وبثته محطة «ان تي في» القريبة من الكرملين أخيراً، واتهمت فيه شخصيات معارضة بتلقي أموال من نائب جورجي بهدف تنظيم اضطرابات شاملة في البلاد. وظهر رازفوزجايف فيه وهو يقول خلال جلسة خاصة أنه «لا بدّ من إطاحة هذه السلطة بأي طريقة». في غضون ذلك، أعلن «المجلس التنسيقي» أنه شكّل هيئته القيادية في ضوء انتخابات مفتوحة نظمت على شبكة الإنترنت، بمشاركة حوالى 80 ألف ناشط. وبذلك يغدو المجلس الذي تضم قيادته 45 شخصاً ويرأسه ليونيد فولكوف أوسع إطار يجمع المعارضة، التي تعهدت بتوحيد جهودها ووضع برامج متكاملة لنشاطاتها بهدف زيادة فعالية عملها ميدانياً. وانطلقت أعمال الاحتجاج الواسعة في روسيا نهاية العام الماضي بعد ظهور نتائج انتخابات مجلس الدوما (البرلمان)، واتهم المعارضون السلطات بتزوير النتائج لصالح حزب «روسيا الموحدة» الحاكم. ومنذ ذلك الحين شهدت المدن الروسية اعتصامات وتظاهرات لا سابق لها لجهة اتساع حجمها، وانضمت إليها لاحقاً أحزاب المعارضة التقليدية وبينها «الشيوعي الروسي» و «روسيا العادلة». ورفع المشاركون في الاحتجاجات شعارات تطالب برحيل الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء ديمتري مدفيديف، ومحاكمة المسؤولين عن «تزوير الانتخابات»، والشروع بعملية إصلاح شاملة للنظام الانتخابي وإطلاق المعتقلين السياسيين. كما شملت شعارات المحتجين خلال الشهور الأخيرة مطالب معيشية بعد تفاقم الوضع بسبب موجة الغلاء التي أرهقت المواطنين.