قبل نحو 60 يوماً، كان العالم يتناقل صورة تتويج جمال أوتار سلطانوف خلال تتويجه بذهبية أولمبياد لندن، لكن فرحته وهو يعض ميداليته لا تضاهي سعادته بالتواجد بالمشاعر المقدسة في هذه الأيام، والتي يعتبرها أغلى من نصره العالمي 100 مرة. «المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف».. هذا ماكان يتردد في ذهن المصارع الروسي جمال أوتار سلطانوف (25 عاماً)، وهو يقضي على خصمه بلكمة من قبضة يده في حلبة المصارعة الحرة في أولمبياد لندن 2012، ليحقق الميدالية الذهبية للأولمبياد، لكنه لم يتوقع أنه سيشعر بفرحة أكثر وأكبر وأعمق من الفوز العالمي عند دخوله للمشاعر المقدسة، وتواجده في مشعر منى لأداء فريضة الحج، فقد شعر بفرحة أكبر وتحقيقه إنجاز هادئ. ورغم أن سلطانوف عانى كثيراً وأسرته من التهجير من بلادهم الشيشان إلى سيبيريا، بيد أنك ترى جلياً من خلال عينيه سلسلة جبال القوقاز الشاهقة التي تعد الحد الفاصل بين قارتي أوروبا وآسيا، إذ تعرف بيئة القوقاز الموحشة باحتواء بريتها على أشرس أنواع الحيوانات كالنمور والذئاب والدببة، فهو يحمل صفات بيئته التي نشأ بها في حديثه ونظراته. ويكشف جمال سلطانوف عن أن قدوته الأولى في المصارعة الحرة الخليفة عمر بن الخطاب، والذي كان يشتهر بقوته التي لا تقهر في حلبات المصارعة قبل 14 قرناً، وبالتحديد في احتفاليات سوق عكاظ، إضافة إلى تأثره الشديد بسيرة الصحابي حمزة بن عبدالمطلب كونها تشحذ همته حينما يتذكرها قبل صعوده على حلبة الصراع. الرياضي الروسي جمال هب مسرعاً بعد حصوله على الميدالية الذهبية لتسجيل أوراق والديه المسنين للذهاب لأداء مناسك الحج، لا سيما وأن والديه حاولوا مراراً أداء الفريضة العام الماضي، لكن ظروفهم المادية لم تسمح بذلك، فهو حقق أمنية كبيرة لوالديه اللذين كانا يحلمان بها كثيراَ. ولا يخفي المصارع جمال فرحته الكبيرة عندما حصل على ميدالية الأولمبياد الذهبية، ولكن الأمر اختلف عندما وطأت قدماه المشاعر المقدسة، بالقول «لم أكن أتخيل أنني ذات يوم سأكون سعيداً أكثر من لحظات فوزي بالميدالية الذهبية، ولكن عندما علمت بذهابي لأداء الحج كنت في غاية الشوق طوال رحلتي من روسيا حتى وصلت إلى مكة، وراودني شعور بالفرحة ليس له مثيل، فذاك إنجاز دنيوي، وهذا إنجاز ديني». بقوته الهائلة ونظراته الجادة تلمح جمال منزوياً في أنحاء المخيم مختلياً بنفسه في أجواء روحانية مبتهلاً فيها إلى الله عز وجل، إذ ينزعج كثيراً حين يرى بعض المصارعين المسلمين من أبناء جلدته مقصرين في الالتزام بدينهم.