خسر مؤشر سوق الكويت للأوراق المالية ما نسبته 3.45 في المئة من قيمته الأحد، وهي أكبر خسارة يومية يتعرض لها المؤشر في ثلاث سنوات وتعادل الخسارة ثلاثة بلايين دولار. ويلعب الاحتقان السياسي في الكويت دوراً سلبياً في أداء الاقتصاد الكويتي عموماً وسوق الكويت للأوراق المالية خصوصاً. كذلك تلعب التفجيرات والاحتقان السياسي والأمني في لبنان دوراً سلبياً مماثلاً بالنسبة إلى أداء بورصة بيروت، ويصح الأمر ذاته على الاحتقان السياسي والاضطراب الأمني في البحرين حيث قفزت أخطار الاستثمار في سوق البحرين للأوراق المالية. وتتأثر بورصة الأردن سلباً بالأحداث الدامية في سورية، إضافة إلى تأثرها بالاضطرابات السياسية الداخلية، كما تعاني بورصات العراق وتونس وليبيا واليمن بالأحداث السياسية الداخلية والاضطراب الأمني. وتلاحظ في المقابل المكاسب الكبيرة التي حققتها بورصة مصر هذا العام نتيجة استقرار الأوضاع السياسية والأمنية في مصر، إذ شجع هذا الاستقرار معظم شرائح المستثمرين وفي مقدمهم الأجانب على الدخول إلى البورصة لاستغلال الفرص الاستثمارية التي توافرت في السوق نتيجة التراجع الكبير في أداء مؤشرات السوق العام الماضي بسبب الأوضاع السياسية والاجتماعية والأمنية غير المستقرة والتي أدت إلى خروج أعداد كبيرة من المستثمرين من السوق والتحول إلى أدوات استثمارية وادخارية أخرى ابتعاداً عن الأخطار. ويذكر ان أسواق المنطقة تأثرت أيضاً العام الماضي وهذا العام بالتصعيد السياسي والعسكري بين إيران من جهة والولايات المتحدة ودول أوروبا من جهة أخرى حول البرنامج النووي لطهران. تساهم الأوضاع الاجتماعية والسياسية والأمنية غير المستقرة في أي دولة في رفع مستوى الأخطار في الاستثمار سواء في الاقتصاد الحقيقي أو في الأدوات الاستثمارية ومنها أسواق الأسهم. ويتطلب ارتفاع الأخطار من المستثمرين تحقيق عائدات عالية تتناسب مع مستوى الأخطار. ويصعب تحقيق هذه العائدات العالية في ظل ظروف سياسية وأمنية استثنائية نتيجة انعكاس هذه الأوضاع على أداء الاقتصاد الوطني وبالتالي أداء الشركات المدرجة. وتؤثر أخطار الأوضاع السياسية والأمنية عادة سلباً في أداء أسعار أسهم كل الشركات المدرجة وفي مختلف القطاعات من دون تفريق بين الشركات القوية والضعيفة، فيحصل هبوط جماعي لأسعار أسهم كل الشركات المدرجة وتجري عمليات بيع على المكشوف تلجأ إليه بعض صناديق التحوط نتيجة المضاربة على انخفاض الأسعار وليس على ارتفاعها، وهذا ما حدث في بورصات المنطقة مع بداية «الربيع العربي». وساهمت الأوضاع السياسية والأمنية المستقرة في الإمارات، مثلاً، في ارتفاع مؤشر سوق دبي خلال هذا العام بنسبة 20 في المئة وارتفاع مؤشر سوق أبو ظبي بنسبة 10 في المئة، كما ساهمت في تحسن أداء العديد من القطاعات وفي مقدمها قطاعات الخدمات والسياحة والنفط وقطاع العقارات، إضافة إلى ان استقرار الأوضاع السياسية والأمنية أدى إلى تفاعل الأسواق مع نتائج الشركات سواء خلال النصف الأول من العام أو أداءها خلال الأشهر التسعة الأولى منه، والتي بدأ الإفصاح عنها مطلع الأسبوع الماضي، إضافة إلى تركيز المستثمرين على الأساسيات الاقتصادية والمالية والاستثمارية، سواء على صعيد أداء الاقتصاد عموماً أو أداء القطاعات المختلفة أو أداء الشركات. ويلجأ بعض المستثمرين في الأجل البعيد إلى استغلال الفرص التي تتوافر في بعض الأسواق نتيجة هبوط أسعار أسهم بعض الشركات إلى ما دون قيمها العادلة بنسبة كبيرة لأسباب ليست لها علاقة بأدائها أو مؤشرات نموها بل نتيجة عوامل سياسية أو أمنية استثنائية فيحتفظ المستثمرون بأسهم هذه الشركات لفترة زمنية وإلى حين عودة أسعارها السوقية إلى قيمتها العادلة ما يؤدي إلى تحقيق مكاسب رأسمالية كبيرة. * مستشار للأسواق المالية في «بنك أبو ظبي الوطني»