أسواق الأسهم من أكثر الأسواق وأسرعها تأثراً بأي أوضاع اقتصادية أو مالية أو سياسية أو اجتماعية أو استثمارية استثنائية، سواء كانت إيجابية أو سلبية، وتعتبَر أسواق الأسهم بالتالي البارومتر الذي يقيس أو يعكس أداء الاقتصاد الوطني ويعكس استقرار الأوضاع السياسية والاجتماعية والأمنية والمالية المحلية أو الإقليمية أو العالمية. وأدى انفتاح اقتصادات المنطقة على الاقتصاد العالمي وانفتاح أسواق الأسهم في المنطقة على الاستثمار الأجنبي إلى ارتباط هذه الأسواق وتفاعلها مع أي تطورات إقليمية أو عالمية. والملاحظ نتيجة الظروف السياسية الاستثنائية التي تعيشها المنطقة والظروف الاقتصادية والمالية الاستثمارية العالمية في ظل أزمة الديون السيادية وأزمة المصارف الأوروبية، ان مؤشرات أسواق المنطقة شهدت خلال النصف الأول من العام تقلبات حادة أدت إلى ارتفاع أخطارها. وانعكس ذلك في صورة واضحة على مؤشرات أداء البورصات، خصوصاً قيمة التداولات اليومية وعدد الصفقات المنفذة وعدد الأسهم المتداولة، إضافة إلى مؤشر الأسعار، إذ تراجعت مؤشرات أسعار سبع بورصات، وفي مقدمها بورصة المغرب نتيجة تأثرها بالكثير من العوامل الداخلية إضافة إلى تأثرها الشديد بالأزمات الأوروبية فالمغرب يرتبط بعلاقات اقتصادية قوية بأوروبا. وانخفض مؤشر البورصة بنسبة 8.7 في المئة خلال ستة شهور. وحل ثانياً مؤشر سوق فلسطين الذي تراجع بنسبة 6.90 في المئة، تلاه مؤشر بورصة عمّان بنسبة 5.67 في المئة نتيجة الأوضاع الاقتصادية والمالية والسياسية المحلية، إضافة إلى تأثره بالأوضاع الأمنية والسياسية في سورية. وتراجع مؤشر بورصة قطر بنسبة 7.47 في المئة ومؤشر سوق البحرين بنسبة 1.48 في المئة، ومؤشر سوق مسقط بنسبة 0,9 في المئة. وكان للأوضاع الاقتصادية والاستثمارية والمالية العالمية، إضافة إلى تراجع أسعار النفط في النصف الأول من العام، تأثير واضح في أداء معظم البورصات الخليجية، هذا إضافة إلى التصعيد السياسي بين إيران والولايات المتحدة. وقلصت أسواق الأسهم السعودية والإماراتية المكاسب الكبيرة المحققة في الثلث الأول من العام حين تفاعلت إيجاباً مع نتائج الشركات المساهمة عن العام الماضي والربع الأول من العام الجاري. وأدت تطورات الأزمة الأوروبية وانعكاسها على أداء الأسواق العالمية والاقتصاد العالمي إلى تراجع سوق دبي المالية بواقع 7.28 في المئة، وسوق أبو ظبي بنسبة 1.89 في المئة، وسوق الأسهم السعودية بنسبة 4.55 في المئة، وسوق الكويت بنسبة 0.43 في المئة. ونتيجة تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في مصر شهد مؤشر البورصة المصرية تقلبات حادة ما بين ارتفاع وانخفاض لتبلغ مكاسب المؤشر خلال النصف الأول من العالم نحو 30 في المئة بعدما كسب المؤشر 50 في المئة في بداية العام. وكانت تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى بورصات المنطقة خلال النصف الأول من العام متقلبة ومرتبطة بتطورات الأوضاع الاقتصادية والمالية المحلية والإقليمية والعالمية وتميزت بالسخونة أي الدخول والخروج السريعين وبالتالي لم تساهم في استقرار هذه الأسواق. وسيطر على قرارات الاستثمار الفردي المهيمن على حركة معظم أسواق المنطقة، حذر وخوف وترقب نتيجة تدفق الأخبار السلبية المحلية والإقليمية والعالمية، وفي مقدمها تحركات أسواق الأسهم العالمية. وخوفاً من أخطار الاستثمار في أسواق المال ارتفع حجم الودائع لدى المصارف في معظم دول المنطقة على رغم انخفاض عائداتها. وأسواق المنطقة خلال الفترة الحالية في انتظار نتائج أداء الشركات فترة النصف الأول من العام. ويتوقع بعض المحللين المتفائلين ان تتفاعل هذه الأسواق إيجاباً مع النتائج المتميزة التي تحققها بعض الشركات المدرجة، ما سيمثّل حافزاً للشراء لأصحاب القلوب القوية والمستثمرين في الأجل البعيد، في ظل تجاهل نسبة مهمة من المستثمرين الفرص الجيدة في الأسواق استناداً إلى مؤشرات الأسعار العادلة لأسهم الشركات المدرجة وذلك نتيجة سيطرة عوامل نفسية سلبية. * مستشار لأسواق المال في «بنك أبو ظبي الوطني»