انطلقت في السابعة من ليل أمس مسيرات نظمتها المعارضة الكويتية تحت عنوان «مسيرة كرامة وطن» احتجاجا على توجه الحكومة لتعديل قانون الانتخاب بما يخدم، بحسب قولها، موالين للسلطة. واستخدمت قوات الأمن القوة لمنع المسيرات واطلقت الغازات المسيلة للدموع، واعتقل رجال أمن مقنعون من «القوات الخاصة» عناصر قيادية من المعارضة ابرزهم النائب وليد الطبطبائي. وعلى رغم اجراءات الأمن المشددة واغلاق معظم طرق العاصمة بالحواجز والآليات ونشر العناصر المسلحة، توافد عشرات الآلاف للمشاركة في المسيرات التي غيرت اتجاهاتها مرات عدة بسبب الاحتكاكات المستمرة بقوى الأمن، وسقط عدد من المصابين خصوصاً في مجمع «برج التحرير» بوسط العاصمة الذي لجأ اليه عشرات من الناشطين بعد هجوم قوات الامن عليهم، في حين حلقت طائرات وزارة الداخلية المروحية فوقهم بشكل مستمر. وزعمت المعارضة ان الاصابات لحقت ايضا بناشطات من النساء شاركن في المسيرة وان نواباً تعرضوا للضرب المتعمد منهم خالد المطيري وصيفي الصيفي، بينما شارك قطب المعارضة مسلم البراك في المسيرة وهو مطلوب القبض عليه من قبل النيابة العامة. وكانت أكثر المسيرات نجاحا تلك التي انطلقت من «ابراج الكويت» على شارع الخليج العربي، اذ ضمت عشرات الآلاف بحسب مصادر المعارضة، فيما تفرقت مسيرات في اتجاهات أخرى من العاصمة بسبب اجراءات الأمن وتدخل قوات مكافحة الشغب. وكانت خطة المعارضة ان تلتقي 3 مسيرات في «ساحة الارادة» أمام مجلس الامة (البرلمان)، وهي موقع سمحت وزارة الداخلية بالتظاهر فيه بدون مسيرات، لكن المعارضة اصرت على تحريك مسيرات. وكانت قطاعات واسعة سياسية واجتماعية ودينية عبرت في الايام الاخيرة عن مطالبها وتمنياتها للقيادة السياسية بعدم تغيير قانون الانتخاب وترك ذلك للمجلس المقبل، الا ان الحكومة اصدرت اول من امس مرسوما يغير القانون ويخفض حق الناخب في الانتخاب من 4 مرشحين الى واحد، مما اطلق مسيرات الاحتجاج. وبحسب مرسوم الانتخاب الجديد، ستجرى الانتخابات في مطلع كانون الاول (ديسمبر) المقبل، غير ان غالبية قوى المجتمع الكويتي اعلنت مقاطعتها منذ الآن. يذكر ان الامير الشيخ صباح الأحمد لم يصدق رسمياً حتى أمس على مرسوم الحكومة، وهذا هو خط الرجعة الوحيد المتاح للسلطات لنزع فتيل الازمة التي دخلتها الكويت. وكانت النيابة العامة امرت امس بحجز نواب سابقين من المعارضة هم فلاح الصواغ وخالد الطاحوس وبدر الداهوم عشرة أيام على ذمة التحقيق، بعد أن وجهت إليهم تهمة «المساس بالذات الأميرية»، كما مددت حجز النائب السابق أسامة مناور يوماً آخر للتهمة نفسها، بينما لا يزال عدد من النشطاء و «المغردين» رهن الحجز ويتم استدعاء آخرين للتحقيق في تهم مشابهة. وتعود تهمة «المساس بالذات الأميرية» إلى تعليقات أدلى بها هؤلاء النواب خلال ندوات سياسية وكذلك تعليقات كتبها «مغردون» على موقع «تويتر». ونشرت في الصحيفة الرسمية «الكويت اليوم» أمس نصوص قوانين أصدرتها الحكومة بمراسيم منها قانون «حماية الوحدة الوطنية» الذي ترى المعارضة أنه «مطاط ويمكن تكييفه ضد أي شخص»، وتنص المادة الأولى منه على أنه «يحظر القيام أو الدعوة أو الحض بأي وسيلة من وسائل التعبير (...) على كراهية أو ازدراء أي فئة من فئات المجتمع أو إثارة الفتن الطائفية أو القبلية أو نشر الأفكار الداعية إلى تفوق أي عرق أو جماعة أو لون أو أصل أو مذهب ديني أو جنس أو نسب، أو التحريض على عمل من أعمال العنف لهذا الغرض أو إذاعة أو نشر أو طبع أو بث أو إعادة بث أو إنتاج أو تداول أي محتوى أو مطبوع أو مادة مرئية أو مسموعة أو بث أو إعادة بث إشاعات كاذبة تتضمن ما من شأنه أن يؤدي إلى ما تقدم». وتابع أن هذا القانون «يسري على كل شخص يرتكب خارج إقليم دولة الكويت فعلاً يجعله فاعلاً أصلياً أو شريكاً في الجريمة إذا وقعت كلها أو بعضها في إقليم دولة الكويت». ويعد من وسائل التعبير شبكات المعلوماتية والمدونات التي تنشر عليها وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة. وينص القانون على عقوبة تصل إلى السجن سبع سنوات وغرامة بين 10 آلاف و100 ألف دينار لمن يدان بمثل هذه الجرائم. وتنتقد المعارضة صدقية الحكومة في محاربة الطائفية والقبلية، كونها «حمت وساندت ومولت أشخاصاً ومحطات تلفزيون ارتكبت أعمالاً حاضة على الكراهية وحقرت فئات اجتماعية خصوصاً بعض القبائل».