اكتسبت القوى المعارضة لمسودة الدستور المصري الجديد التي أعدتها جمعية تأسيسية يهيمن عليها الإسلاميون، زخماً إضافياً بانضمام حزب «مصر القوية» بقيادة المرشح الرئاسي السابق الإسلامي المعتدل عبدالمنعم ابو الفتوح إليها، فيما طرح مؤسس حزب «الدستور» محمد البرادعي مبادرة لوضع «معايير تشكيل جمعية تأسيسية جديدة تكتب مسودة جديدة لمشروع دستور يمثل كل المصريين». وتفصل محكمة القضاء الإداري غداً في مصير دعاوى تطالب بحل الجمعية التأسيسية الحالية. وأعلن حزب «مصر القوية» في بيان أمس رفضه مسودة الدستور الجديد، معتبراً أنها «لا تلبي طموحات المصريين». ودعا إلى تعديلها «والاستجابة لقوى المجتمع الحية بما يجعل دستور مصر ملبياً لأهداف الثورة لتجنب المزيد من الفراغ الدستوري». وقال: «قررنا رفض مسودة الدستور المعروضة حالياً لعدم تعبيرها عن أهداف الثورة من عيش وحرية وكرامة إنسانية وعدالة اجتماعية، ولقصور رؤية اللجنة الحالية في إخراج دستور دائم ينظر إلى مستقبل تتبوأ مصر وشعبها فيه المكانة الطبيعية بين الأمم». وعدد الحزب أسباب رفضه لمسودة الدستور، مشيراً إلى أنها «افتقرت إلى النص في شكل صريح أكثر تفصيلاً على واجب الدولة في توفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، وعلى واجب الدولة في رعاية المهمشين مثل أطفال الشوارع والأشخاص ذوي الإعاقة وغيرهم». وأضاف أن «المسودة لم تتضمن النص الصريح على منع التمييز بين المواطنين، لمنع ذلك التمييز الحاصل حالياً في بعض الأمور مثل سن الإحالة على التقاعد، ومدة التجنيد الإجباري، وكذلك التمييز في الترشح للانتخابات بجعلها مقصورة على الحاصلين على التعليم الأساسي بما يحرم غالبية المصريين من حق الترشح». وقال البيان إن المسودة «فرضت نظاماً رئاسياً، على عكس ما توافقت عليه كل قوى المجتمع، ما يعطي للرئيس صلاحيات كبيرة مثل حقه في تشكيل حكومة من خارج أحزاب الغالبية البرلمانية وحقه في حل البرلمان من دون استفتاء شعبي في حال عدم توافق الرئيس مع البرلمان في تشكيل الحكومة، وحقه المطلق في حله مع عدم النص على استقالته في حال رفض الحل في الاستفتاء الشعبي وحقه المنفرد في اختيار رؤساء الأجهزة الرقابية ووضعه منفرداً للسياسات العامة للدولة». وأضاف أن «المسودة فرضت وجود مجلس وصائي تنفيذي يسمي مجلس الدفاع الوطني، به غالبية من العسكريين، يجعل المؤسسة العسكرية غير خاضعة للسلطة المنتخبة في مصر ويمنع رقابة موازنتها في مجلس النواب كما يعطي المجلس الحق في مراجعة القوانين الخاصة بشؤونها بما يخالف مبدأ الوحدة التشريعية، كما أصرت (المسودة) على الإبقاء على مجلس الشورى رغم التوافق على إلغائه من قبل، وإعطائه حق التشريع بالاشتراك مع مجلس النواب رغم تعيين ربع أعضائه من قبل الرئيس». وجاء في أسباب الرفض اعتراض الحزب على إلغاء مجلس القضاء الأعلى «بما يجعل السلطة القضائية بلا رأس يرعى شؤونها كإحدى سلطات الدولة، كما أغفلت المسودة طريقة اختيار رؤساء الهيئات القضائية، ما يجعلها عرضة للتقلب وللمصالح الحزبية والتوسع في الإحالة على القوانين في باب الحريات ما يفرغ الحقوق والحريات من مضمونها». وانتقد «عدم النص في شكل صريح على تجريم التعذيب، وفرض وصاية من الدولة على المجتمع مثل الحديث عن وحدة ثقافية وعن طابع أصيل للأسرة وعن تمكين للتقاليد المصرية وإعطاء وصاية دينية للأزهر بإيجاب أخذ رأيه (وهو ما يحمل معنى الإلزام) في ما يتعلق بالشريعة الإسلامية». مبادرة «الدستور» وأطلق حزب «الدستور» الذي يقوده البرادعي مبادرة دعا من خلالها «كل القوى والأحزاب السياسية إلى وضع معايير تشكيل جمعية تأسيسية جديدة، تكتب مسودة جديدة لمشروع دستور يمثل كل المصريين». وطالب بالبحث في مدى شرعية قيام الرئيس باختيار التشكيل الثالث للجمعية التأسيسية في حال إبطال تشكيلها الحالي قضائياً، داعياً إلى «وضع استراتيجية لحملة شعبية تتفاعل من خلالها الجماهير مع مبادرة من أجل دستور لكل المصريين». وأكد في بيان أمس أن «اللحظة الراهنة تقتضي من جميع القوى الوطنية والثورية إعلاء المصلحة العليا للوطن ووضعها فوق المصالح الذاتية الآنية، والعمل معاً من أجل تفادي أخطاء المرحلة الانتقالية». وشدد على «ضرورة البناء على ما حققته هذه القوى منذ انطلاق الثورة، بالوقوف صفاً واحداً أمام تحدي التشكيل الحالي غير المتوازن للجمعية التأسيسية للدستور، وما سيترتب عليه من مخاطر انقسام المصريين وتشرذمهم». وأشار إلى أن «ما تطرحه الجمعية التأسيسية للدستور بوضعها الحالي من مسودات لم يزد المشهد السياسي ارتباكاً وضبابية فحسب، بل يصطدم في الأساس بأهداف ومبادئ الثورة لما يعكسه بوضوح من تراجع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحريات العامة والخاصة، وتكريس استحواذ الرئيس على السلطات في شكل مبالغ فيه وتهديد استقلال القضاء». واعتبر أن «السبيل الوحيد للعبور الآن من هذا المخاض الصعب، هو توحد القوى الوطنية المؤمنة بمبادئ الثورة والدولة الديموقراطية، من أجل كتابة دستور يعبر في شكل حقيقي عن كل المصريين». ورأى أن «هذا الدستور هو الاستحقاق الأهم على الإطلاق في مسيرة التحول الديموقراطي، والضمانة الوحيدة لتجنيب البلاد خطر الانزلاق إلى مزيد من الفوضى، والعبور بالوطن من مضيق اللحظة الراهنة التي ربما تمثل نقطة التحول الأخطر في تاريخنا الوطني الحديث». إلى ذلك، كشفت انتخابات رئاسة حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، والتي حسمها سعد الكتاتني في مواجهة منافسه عصام العريان، أن جماعة «الإخوان» تمر بصراع تيارات، فرغم ظهور المتنافسين في ختام المشهد وهما يتبادلان الأحضان، سارع العريان إلى طلب الاستقالة من منصب نائب رئيس الحزب ومن منصبه مستشاراً للرئيس محمد مرسي. وعزا العريان قراره إلى «رفع الحرج عن الكتاتني والرئيس». غير أن مصدراً قيادياً في «الإخوان» أقر ب «حال من الضيق لدى العريان تجاه نتائج الانتخابات» التي دعم فيها صقور الجماعة، وعلى رأسهم نائب المرشد خيرت الشاطر، منافسه. وقال ل «الحياة» المصدر القريب من العريان إن الأخير «آثر الابتعاد عن المشهد السياسي في هذه المرحلة». وعلمت «الحياة» أن مرسي رفض استقالة العريان من هيئة مستشاريه «وأصر على وجوده»، فيما أُعلن أمس أن الكتاتني فوض العريان «للقيام بمهامه لحين عودته من رحلة الحج». وتعاني الجماعة صراع تيارين، هما «التنظيميون» أو من يسمون «صقور الجماعة» وتيار الإصلاحيين أو الشباب. تجميد أموال شفيق في غضون ذلك، قرر جهاز الكسب غير المشروع منع الفريق أحمد شفيق، رئيس آخر حكومات الرئيس المخلوع حسني مبارك، وبناته الثلاث من التصرف في أموالهم وممتلكاتهم، ووضع اسم شفيق المتهم بالفساد والفار إلى دولة الإمارات، على قوائم ترقب الوصول. وقال الناطق باسم وزارة العدل القاضي أحمد رشدي سلام، إن «هذا القرار يأتي على أثر التحقيقات الجارية في شأن اتهام شفيق بتضخم ثروته على نحو يمثل كسباً غير مشروع، في ضوء تقارير الجهات الرقابية». على صعيد آخر، أرجأت محكمة جنايات القاهرة إلى 25 الشهر المقبل محاكمة المتهمين بإنتاج الفيلم المسيء للإسلام وهم القس الأميركي تيري جونز ومصريون مقيمون في الولاياتالمتحدة، لتمكين المحامين المدعين بالحقوق المدنية من الإطلاع على أوراق الدعوى. وطالبت النيابة العامة بإعدام المتهمين الذين تشمل لائحة اتهامهم جرائم «المساس بوحدة الوطن واستقلاله وسلامة أراضيه، وازدراء الدين الإسلامي، وإذاعة أخبار وشائعات كاذبة والتعدي بطريق العلانية على الدين الإسلامي». ولم يحضر أي محام للدفاع عن المتهمين، إذ أن القانون المصري لا يجيز للمتهم الفار أن يبدي دفاعاً أمام محكمة الجنايات. في المقابل، قررت محكمة جنح مدينة نصر أمس إرجاء محاكمة الناشط السلفي المتشدد محمد عبدالله الشهير ب «أبو إسلام» وابنه إسلام والصحافي هاني ياسين، إلى 4 الشهر المقبل لاتخاذ إجراءات طلب رد المحكمة في قضية اتهامهم بازدراء الدين المسيحي وحرق نسخة من الإنجيل أمام السفارة الأميركية.