الرئيس باراك أوباما خسر المناظرة التلفزيونية الأولى مع منافسه الجمهوري ميت رومني، وفاز في الثانية. واليوم المناظرة الثالثة والأخيرة بين الرجلين، والفوز يعطي هذا أو ذاك تقدماً واضحاً على الآخر في سباق الرئاسة، أما التعادل فيصبّ في مصلحة الرئيس. كان أوباما قدَّم أداء سيئاً باهتاً في المناظرة الأولى فاجأ أنصاره قبل خصومه لأن شهرته أنه خطيب محترف ذكي، غير أن نائب الرئيس جو بايدن استرد بعض ما خسر الرئيس في مناظرته التالية مع بول ريان، المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس. وكان هناك اهتمام خاص بهذه المناظرة لأن الرجلين من الطائفة الكاثوليكية، غير أن خبرة بايدن كسبت الجولة، وانتهى ريان وليس له من رأي في السياسة الخارجية سوى عدد المرات التي قابل فيها أوباما رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو. أوباما أدرك خطأه في الدفاع عن سياسته في المناظرة الأولى، ولجأ إلى الهجوم الذي يُقال أنه أحسن وسائل الدفاع في المناظرة الثانية، وفي حين لم تكن هناك ضربة قاضية، فاستطلاعات الرأي العام والصحف الأميركية الكبرى أجمعت على فوز الرئيس، وقرأت أنه كال لمنافسه لكمة بعد بكمة. أكتب في الصباح، وفارق الوقت مع الولاياتالمتحدة يعني أن المناظرة موعدها بعد ساعات، وهي ستتناول السياسة الخارجية حيث يُفترض أن أوباما أوسع خبرة بكثير من رومني. المنافس الجمهوري يكاد يكون استئنافاً لسياسة جورج بوش الابن، أي سياسة المحافظين الجدد التي أدت إلى خسارة أميركا الحروب وإلى إطلاق أزمة مالية مستمرة. غير أن رومني بعد المناظرة الثانية وجد أن سياسة وسطية أكثر شعبية بين الناخبين، فأخذ في الأيام الأخيرة يُدلي بتصريحات هدفها كسب الوسط الأميركي. والصحيح أن رومني من دون سياسة خارجية أصلاً وإنما يقول ما يعتقد أن المستمعين يريدون سماعه، لذلك وجدت أن هناك رومني لكل المناسبات، من أقصى اليمين حتى اليسار. المنطق يقول أن الابتعاد عن سياسات بوش مطلوب فالولاياتالمتحدة تخوض في أفغانستان أطول حرب لها منذ تأسيسها، فهي في سنتها الثالثة عشرة، مع خسائر بترليونات الدولارات، غير أن رومني أحاط نفسه بمجموعة من غلاة المحافظين الجدد الذين لعبوا دوراً في خسارة الحرب والمال، وهم مستعدون لمزيد من الخسائر لو أعطوا فرصة. ثمة مفارقة غريبة في المناظرة التلفزيونية الثالثة، فهي من ناحية ستركز على السياسة الخارجية قبل أي موضوع آخر، وأهم ما في الحملة الانتخابية اليوم هو الولايات المتأرجحة بين المرشحَيْن التي لم تحسم أمرها بعد، فهي ستقرر مَنْ يفوز. غير أن السياسة الخارجية آخر هموم الناخب الأميركي في أكثر هذه الولايات، حيث الوضع الاقتصادي الخانق يطغى على كل اعتبار آخر. لم أعد أعرف كم مرة زار الرئيس أوباما ولاية أوهايو، ولكن أعرف أنه زارها قبل المناظرة، وسيزورها بعدها، فهي من تلك الولايات المقسومة تقريباً مناصفة بين المرشحَيْن. والفائز يحتاج إلى كسب غالبية من ولايات أخرى غير محسومة لأي مرشح مثل فرجينيا وفلوريدا وأيوا ووسكنسن وكولورادو ونيفادا. إذا كان الاقتصاد يتقدم كل اعتبار آخر عند الناخب الأميركي، فان السياسة الخارجية الأميركية هي العنصر الأكثر تأثيراً في مصالح العرب والمسلمين في بلادهم. وهنا الموضوع محسوم، فالمرشح الجمهوري حليف نتانياهو وداعية حروب جديدة على إيران وغيرها، أما أوباما فهو لم ينفذ ما وعد به في ولايته الأولى، وخيَّب الآمال التي عُلِّقت عليه، إلا أنني أرجح أن يسعى في ولاية ثانية إلى تنفيذ ما وعد في ولايته الأولى، وما لم ينفذ تحت ضغط لوبي إسرائيل وخصومه الجمهوريين. أرجح أن يكون أفضل ولا أجزم، فطريق العلاقات بين الولاياتالمتحدة وبلادنا معبَّد بخيبات الأمل، ولعل باراك حسين أوباما يكون الاستثناء على قاعدة معروفة. [email protected]