اقترحت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل أمس إنشاء «صندوق تضامن» أوروبي مشترك لمساعدة دول منطقة اليورو المتعثرة مالياً، وجددت التأكيد بعد انتقادها بطء الحكومة اليونانية في تنفيذ التزاماتها على أن حكومتها متمسكة ببقاء اليونان في منطقة اليورو. وفي بيان حكومي حول أوروبا قدمته أمام البرلمان الألماني، دعمت مركل الطروحات الأخيرة لوزير المال فولفغانغ شويبله، الداعية إلى زيادة صلاحيات المفوضية الأوروبية على حساب البرلمانات الوطنية لأعضاء الاتحاد، بخاصة أن المفوضية أعلنت أول من أمس رفضها التام للأمر. وذكر مراقبون أن موقف المستشارة ينبئ بالسجالات التي ستسيطر على أعمال القمة الجديدة على خلفية إصرار الحكومة الألمانية على نظرتها حول كيفية التغلب على أزمة الديون. وتوقعوا أن تنتهي القمة الأوروبية من دون إقرار شيء يذكر، بخاصة أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، عاد ليطرح بقوة فكرة قيام «البنك المركزي الأوروبي» بشراء مباشر لسندات الدول المتعثرة لحمايتها من مضاربات القطاع الخاص على فوائد القروض، ما ترفضه برلين وبعض الدول الإسكندنافية. وأكدت مركل التمسك بالعملة الأوروبية الموحدة وقالت إن اليورو «يمثل رمزياً وحدة أوروبا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية»، وطالبت القمة التي انعقدت أمس في بروكسيل ب «بذل جهود إضافية للتغلب على الأزمة». وأكدت أنها مع إعطاء المفوضية الأوروبية صلاحية فرض عقوبات وتدابير فعلية في حق البرلمانات الوطنية التي تقر موازنات غير متوازنة، مطالبة «بأن تنحصر الصلاحية التنفيذية في شخص مفوض النقد الأوروبي». لكنها اعترفت بأن هذا الاقتراح «لا يلاقي الموافقة لدى الكثير من الدول الأعضاء حتى الآن، إلا أن هذا لا يمنعنا من أن ندعو بقوة إليه». وفي موضوع الوحدة المصرفية حذّرت المستشارة من اتخاذ قرارات متسرعة، مشيرة «إلى أن النوعية تتقدّم على السرعة، ومعالجة المسائل المعقدة تتطلب حلولاًً، وإلا فإن التقدم لن يتحقق،» في إشارة إلى أن برلين تعتبر الفترة المحددة من المفوضية الأوروبية لتحقيق الوحدة غير واقعية. وتبعاً لتصور المفوضية سيكون على المصرف المركزي ممارسة الرقابة على الوحدة المصرفية شيئاً فشيئاً، بدءاً من العام المقبل، كما أن الرقابة المشتركة على المصارف ستكون شرطاً ليقدم صندوق الإنقاذ الأوروبي الذي أنشئ أخيراً بقيمة 500 بليون يورو، قروضاً إلى المصارف لزيادة رأسمالها». واتهمت المستشارة في خطابها اليونان «بالتخلف عن تنفيذ الإصلاحات الموعودة»، ونبّهت إلى أن الوضع في هذا البلد «غير سهل أبداً، إذ إن الكثير من الأمور يسير ببطء، خصوصاً إصلاحات البنى التحتية»، لكنها شددت على «أن الهدف هو الحفاظ على اليونان داخل اليورو، لأن ذلك ليس في مصلحة البلد فحسب، وإنما في مصلحة مجمل دول اليورو والاتحاد الأوروبي». وتابعت أن حكومتها ستنتظر بهذه الروحية التقرير الذي ستقدمه ترويكا الاتحاد الأوروبي والمصرف المركزي الأوروبي و«صندوق النقد الدولي» حول وضع اليونان. وانطلاقاً من مبدأ التضامن اقترحت مركل إنشاء صندوق تضامن لمساعدة الدول الأوروبية المتعثرة في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة على أن يجري تمويله من الضرائب التي ستفرض قريباً على التحويلات المالية في أوروبا. أما عن إسبانيا المتعثرة، فاكتفت بالإشارة إلى أن الأمر يعود إلى حكومتها فقط لتقرير ما إذا كانت تريد مساعدة من صندوق الإنقاذ الأوروبي إضافة إلى طلبها مساعدات مالية لإعادة الاستقرار إلى قطاعها المصرفي.