تطغى صعوبات النظام المصرفي الأوروبي والديون السيادية وآفاق اندماج منطقة اليورو على جدول أعمال القمة الأوروبية اليوم وغداً في بروكسيل (تحمل الرقم 19 منذ اندلاع ازمة اليونان). ويسعى قادة الدول الأعضاء إلى حلول وسط قد تساعد في طمأنة أسواق المال إلى امتلاك أوروبا القدرة على إنقاذ منطقة اليورو من خطر التفكك من خلال دعم النظام المصرفي في إسبانيا ب 100 بليون يورو وقبرص بأربعة بلايين. وتبحث القمة في وسائل تعبئة موارد استعادة النمو والتضامن بين الدول التي تجتاز ضائقة شديدة في جنوب أوروبا ودول الشمال التي تملك قدرات الائتمان وضمان القروض. وتجري النقاشات على خلفية التباعد في وجهات النظر بين المستشارة الألمانية أنغيلا مركل التي تتحفظ على اقتراح إصدار سندات أوروبية مشتركة باليورو وبين الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي يدعو إلى تعبئة موارد لحفز النمو وتعزيز التضامن بين الشركاء. وتتجه الأنظار إلى المحور الألماني - الفرنسي إذ راوحت النقاشات مكانها منذ فوز الرئيس الاشتراكي في أيار (مايو). ويرتبط جزء من الحلول التي تقتضيها منطقة اليورو بالوفاق بين الطرفين. ويحاول المسؤولون في مؤسسات الاتحاد مسايرة مركل حول وجوب الالتزام بالمراقبة المشتركة لموازنات الدول الأعضاء. تقرير وسيقدم رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي ورئيس المفوضية خوسيه مانويل باروزو ومحافظ المصرف المركزي الأوروبي ماريو دراغي ورئيس مجموعة اليورو جان كلود يونكر تقريراً مشتركاً حول تعزيز الاتحاد النقدي بإنشاء اتحاد مصرفي يتولى مراقبة المصارف الأوروبية وحماية المدخرين وضمان ودائعهم. ويقترح المسؤولون الأربعة خطوة نوعية تمكن من إصدار سندات أوروبية مشتركة في مقابل تمكين المؤسسات المشتركة (المفوضية والبرلمان والمجلس) تعديل مشاريع موازنات الدول الأعضاء. ويشدد التقرير على أهمية «أن يصادق الرأي العام على الإصلاحات بسبب تأثيراتها العميقة في الحياة اليومية للأوروبيين»، ويستبعد دفع عملية الاندماج إلى المستوى الفيديرالي وانتخاب رئيس للاتحاد، لكنه يقتضي نقل جزء من السيادة الوطنية إلى الحيز المشترك في مجال إعداد الموازنات ومراقبة تنفيذها وفرض تعديلها إذا تجاوزت المعايير المحددة (ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للعجز العام). وقد يثير المقترح حفيظة البرلمانات الوطنية التي ستجد فيه مساً بالسيادة الوطنية. وتشدد فرنسا على أنها حريصة جداً على احترام دور البرلمان في سيادة تحديد الموازنة. ويرشح التقرير المصرف المركزي الأوروبي للإشراف على المصارف ومراقبتها، ويتجاوب مع تطلع فرنسا إلى التضامن بين الدول الأوروبية إذ يشير إلى إمكانية أن يكون «صندوق الاستقرار المالي» الجهة القادرة على التدخل وإقراض الدول والمصارف. لكن التقرير يستبعد التفاوض في مستقبل قريب حول السندات المشتركة ويضعها من ضمن الآفاق ذات الأمد المتوسط، على خلفية المعارضة الشديدة من جانب مركل لمبادلة ضمانات الديون السيادية. وقد تكون القمة بداية لوضع خريطة طريق لمنطقة اليورو تكفل تعزيز الاتحاد النقدي والاقتصادي وإنشاء الاتحاد المصرفي. مركل وتنتظر مركل استقطاب الأضواء والانتقادات لأنها تضع أهداف التوازن المالي قبل غيرها من أهداف الاندماج والتضامن بين الدول الأعضاء في مجال ضمان الديون السيادية. واستبقت مركل اجتماعها ليل أمس بهولاند بالتعبير عن القلق من أن تشهد الاجتماعات «كثيراً من الكلام حول ضمان الديون السيادية وقليلاً من الأفكار حول الإجراءات الحازمة لمراقبة الإنفاق العام في منطقة عملة يورو». ويتوقَّع أن تحدد القمة آليات حفز النمو الاقتصاد من خلال تعبئة واحد في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي عبر صناديق التنمية الأوروبية و«البنك الأوروبي للاستثمار» بعد زيادة رأس ماله. وفي خطاب ألقتة في البرلمان قالت مركل مجدداً: «لا حل سريعاً وسهلاً للأزمة» ودعت إلى «حلول دائمة وغير آنية». وأضافت: «لا شك لدي في أن هناك حاجة إلى وسائل إضافية للتضامن (بين الدول الأوروبية) لكن السندات الأوروبية هي الطريق الخاطئ» و«لا تتماشى مع الدستور الألماني». ولفتت إلى أن الإصلاحات البنيوية في البلدان التي تواجه صعوبات «ستكون من أولويات» القمة، موضحة أنها تتوقع «جدلاً» بين الشركاء وأن «تكون الأنظار متجهة إلى ألمانيا». وأضافت أن ألمانيا لا تملك قدرات غير محدودة وأعطت كثيراً من الضمانات لأوروبا.