وضع الرئيس الأميركي باراك أوباما العصي في عجلة قطار منافسه الجمهوري ميت رومني، بعد مناظرة ساخنة لم يتهاون فيها الأول وحافظ على نبرة هجومية في قضايا داخلية تهم المرأة وأخرى خارجية تتعلق بالاعتداء على القنصلية الأميركية في مدينة بنغازي الليبية. وسجلت الاستطلاعات فوز أوباما في المناظرة، الأمر الذي سيحاول توظيفه في الولايات الحاسمة هذا الأسبوع، فيما لم يبقَ سوى 19 يوماً قبل موعد الانتخابات الرئاسية. في المناظرة الرئاسية الثانية الأكثر سخونة منذ بدء السباق، رأت افتتاحية صحيفة «نيويورك تايمز»، أن أوباما عاد إلى «التحكم الكامل بأجندته وشرعيته، تاركاً ميت رومني يتخبط بين نصف إجابات وتصريحات مخادعة وخطأ سيبقى للذكرى». وبالفعل عوض أداء أوباما وتسديده نقطة تلو أخرى لمنافسه، الأداء الضعيف للرئيس في المواجهة الأولى بينهما مطلع الشهر الجاري. ورأت صحيفة «واشنطن بوست» أن أوباما كسب الجولة الثانية من المناظرات، فيما منح استطلاع محطة «سي أن أن» الفوز للرئيس في المناظرة بنسبة 46 في المئة، في مقابل 39 في المئة لرومني. وبين النقاط الأكثر سخونة في المناظرة الثانية، اعتداء بنغازي الذي أظهر إخفاق رومني بقوله إن «الرئيس لم يصف الاعتداء بأنه إرهابي»، وأنه «أبدى ضعفاً سياسياً في التعامل معه». ورد أوباما باتهام رومني بأنه يسعى إلى تسجيل نقاط سياسية عبر مسألة تتعلق بالأمن القومي، وشدد على أنه اعتبر الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي منذ اليوم التالي «عملاً إرهابياً». وبعدما أدرك رومني ارتكابه خطأ، حاول تصحيحه قائلاً: «من المثير للاهتمام، قول الرئيس إنه أكد أن ما حصل عمل إرهابي في اليوم التالي للهجوم». ورد أوباما: «هذا ما قلته»، فاستطرد رومني: «أريد أن أتأكد من وضع الأمور في نصابها الصحيح، لأن الرئيس لم يسمّ الهجوم على القنصلية في بنغازي عملاً إرهابياً إلا بعد 14 يوماً على حصوله». وفيما بدا رومني حائراً وغير واثق من نفسه، تدخلت الصحافية كاندي كراولي المشرفة على المناظرة، وصحّحت له، وأكدت أن أوباما وصف ما حصل بأنه «عمل إرهابي». وكان أوباما قال في 12 أيلول (سبتمبر) الماضي معلقاً على اعتداء بنغازي أن «أي عمل إرهابي لن يزعزع تصميم هذه الأمة العظيمة». وأحرجت هذه اللقطة رومني، كما دفعت معلقين ومستشارين للمرشح إلى انتقاد كراولي، واعتبار تدخلها غير جائز بهذا الشكل. داخلياً، كان حديث رومني عن حقوق المرأة، وعدم التزامه تأييد مشروع قرار يضمن أجراً متساوياً للمرأة مع الرجل، وإسرافه في الحديث عن تجربته حين كان مديراً لشركة «باين للاستشارات»، وإحضار مجلدات مليئة بأسماء نساء، قاصدا جمعيات تعنى بشؤون المرأة، لطلب مساعدته في العثور على عمل. ورأى الديموقراطيون إن «رد رومني كشف كم أن عدد النساء قليل في دائرته المقربة، وتفادى عبره الرد مباشرة على مسألة المساواة في الأجور». كما سخرت مواقع على الإنترنت من تصريحاته وعبارة «مجلدات مليئة بالنساء». وقد تساهم هذه الهفوة في إضعاف حضور رومني بين الناخبات، وهي نقطة يتراجع فيها حالياً. في المقابل، شدد أوباما على دعمه منظمات نسائية تعنى بصحة المرأة، كان رومني أكد أنه سيسعى إلى قطع التمويل عنها. وتميز المرشحان بالسياسة الضريبية، والتي اتهم أوباما فيها رومني ب «حماية الأثرياء وضمان إعفاءاتهم الضريبية». وفي حين لم تتضمن المناظرة أي ضربة قاضية من المرشحيَن، فهي ساعدت أوباما على وقف زخم رومني، واستعادة بعض بريقه العام 2008 والذي يتوق إليه أنصاره. واعتبرت المعلّقة في محطة «أم أس أن بي سي» رايتشل مادو أن المناظرة «هي الأفضل لأوباما» منذ دخوله معترك السياسة. وسارع المرشحان إلى استئناف حملتيهما في الولايات الحاسمة، خصوصاً أيوا وأوهايو وكولورادو التي ستحسم السباق حسابياً. وسيتواجه رومني وأوباما للمرة الأخيرة الاثنين المقبل، في مناظرة تتناول السياسة الخارجية وقضايا الأمن القومي.