بدأت أجواء الانتخابات العامة المبكرة في إسرائيل، كما كان متوقعاً، تطغى على نشاطات الأحزاب المختلفة وقادتها بحثاً عن الأصوات، إذ أفادت الإذاعة العامة أمس أن زعيم «ليكود» رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو يعتزم أن يطرح للتصويت على جدول أعمال حكومته في إحدى جلساتها المقبلة أجزاء من «تقرير إدموند ليفي» الذي يدعي أن إسرائيل ليست دولة احتلال، وعليه يمكن شرعنة الاستيطان في الضفة الغربيةوالقدس المحتلتين، فيما ينوي زعيم الحزب الوسطي الجديد «ييش عتيد» (هناك مستقبل) الاحتفال بإطلاق حملته الانتخابية رسمياً في مستوطنة «أريئل» في قلب الضفة الغربية. وكان القاضي المتقاعد إدموند ليفي أعدّ تقريراً في حزيران (يونيو) الماضي، بناء لطلب من الحكومة، عن الوضعية القانونية للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خلص إلى أن إسرائيل ليست دولة احتلال «بحسب القانون الدولي ومعاهدة جنيف الرابعة»، وقدم توصيات للحكومة في شأن المكانة القانونية للأراضي في الضفة المسجلة في «الطابو» وكيفية الاستيلاء عليها «لأغراض عسكرية»، وإلغاء أوامر عسكرية تحول دون تمكين المستوطنين من السيطرة على أراض (فلسطينية) زراعية. ورحب في حينه قادة اليمين بالتقرير، ومارسوا ضغوطاً على نتانياهو كي يطرحه على جدول أعمال الحكومة لتبنيه، إلا أنه فضّل «وضعه على الرف» لإدراكه بأن قراراً كهذا معناه ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى إسرائيل، ما من شأنه أن يستدعي رد فعل دولياً شديد اللهجة، «خصوصاً من الولاياتالمتحدة». وعزت الإذاعة نية نتانياهو المصادقة السريعة على أجزاء من التقرير إلى ضغوط عدد كبير من وزراء حزبه «ليكود» بهدف نيل رضى المستوطنين عشية الانتخابات العامة، علماً أن نحو 400 ألف منهم من أصحاب حق الاقتراع وعشرات الآلاف منهم انتسبوا إلى «ليكود»، ما يعني أنه سيكون لهم ثقل كبير في انتخاب لائحة الحزب الانتخابية. وأضافت أن نتانياهو معني باسترضاء المستوطنين لمنع اتساع شعبية أحزاب اليمين المتطرف على حساب حزبه. وأكد موظف حكومي كبير النبأ، لكنه أضاف أن الحكومة لن تتبنى تقرير ليفي كاملاً «إنما فقط أجزاء ذات شأن» التي من شأنها تسهيل إجراءات التخطيط والبناء في المستوطنات وشرعنة البؤر غير القانونية وتسهيل إجراءات شراء مستوطنين أراض فلسطينية. وأضاف أن قرار الحكومة لن يتطرق إلى الأجزاء السياسية في تقرير القاضي المتقاعد التي اعتبرت الضفة الغربية منطقة ليست محتلة، وأن النشاط الاستيطاني فيها ليس مخالفاً للقانون الدولي أو لمعاهدة جنيف الرابعة. في غضون ذلك، دعا وزير الخارجية زعيم «إسرائيل بيتنا» اليميني المتطرف أفيغدور ليبرمان رئيس الحكومة إلى تبني «تقرير ليفي» كاملاً بداعي أن الأمر سيحلّ مشاكل على الصعيد المحلي والدولي، مضيفاً أن «قول لجنة ليفي بأن المناطق الفلسطينية (المحتلة) ليست محتلة هو صحيح ومهم، ومن شأن تبني هذا التأكيد والتقرير كله أن يقوّي دولة إسرائيل». من جهته، حذر وزير الدفاع ايهود باراك من «النتائج عكس المرجوة» من تبني توصيات تقرير ليفي، وحذر من أن قراراً كهذا سيتسبب في ضرر كبير لمكانة إسرائيل في الساحة الدولية. ويرى مراقبون أن الخطوة المتوقعة من نتانياهو لتبني أجزاء من التقرير تؤشر إلى اتجاه «ليكود» نحو مزيد من التطرف لمجاراة المعسكر اليميني المتشدد. وفي السباق المحموم لاسترضاء المستوطنين، أفادت صحيفة «معاريف» أن زعيم حزب «ييش عتيد» الجديد يئير لبيد يعتزم عرض برنامجه الانتخابي على الجمهور الإسرائيلي العريض في شكل رسمي في اجتماع انتخابي سيعقد بعد أسبوعين في مستوطنة «أرئيل» القابعة في قلب الضفة، وسط توقعات بأن يعلن هناك تأييده إبقاء الكتل الاستيطانية الكبرى غرب الضفة وفي محيط القدس المحتلتين تحت السيادة الإسرائيلية في إطار أي اتفاق مستقبلي، في مقابل إخلاء بعض المستوطنات التي بقيت شرق جدار الفصل الذي أقامته إسرائيل في قلب الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأضافت الصحيفة أن لبيد سيعلن أن حزبه يتبنى وجوب بقاء «القدس الموحدة خاضعة للسيادة الإسرائيلية». وفي ذلك لا يختلف لبيد بشيء تقريباً عن برنامج حزب «كديما» المتهاوي وعن «المعسكر المعتدل في «ليكود» وأوساط واسعة في «العمل»، وهو ما يأخذه عليه مراقبون يرون أن لبيد لا يأتي إلى الساحة الحزبية بشيء جديد إنما فقط بأسماء شخصيات جديدة يأمل منها أن تجذب أصوات الناخبين الإسرائيليين، مثل الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العامة «شاباك» يعقوب بيري الذي أعلن مساء أول من أمس انضمامه إلى الحزب الجديد.