أثار إصدار مذكرة قضائية لاعتقال محافظ المصرف المركزي العراقي الشبيبي، بينما كان في اليابان، ومن ثم إقالته وتعيين بديل عنه، استياء ومخاوف بعض الكتل السياسية من «وجود توجه لإعادة هيمنة السلطة التنفيذية على كل مؤسسات الدولة». وفيما شبهت القائمة «العراقية» الإجراء ب «ما كان يقوم به النظام السابق»، انقسم «التحالف الوطني» الشيعي. وكان مجلس الوزراء العراقي اعلن مساء أول من امس إقالة الشبيبي من منصبه بتهم فساد وتعيين عبد الباسط تركي، رئيس ديوان الرقابة المالية بدلاً منه، بعد يوم واحد من صدور مذكرة لاعتقال الشبيبي، على رغم وجوده في اليابان بمهمة رسمية. واعتبرت القائمة «العراقية» الإجراء «خطيراً يهدد الاحتياط المالي». وقال عدنان الدنبوس ل»الحياة» إن «هذا الموضوع تكرر كثيراً وهو إرسال المسؤولين إلى خارج البلاد بمهمات رسمية ومن ثم إقالتهم والتشهير بهم»، معتبراً أن «هذا الإجراء يشبه ما كان رئيس النظام السابق صدام حسين يفعله». وأضاف أن «العراقية لا تقبل التشهير بأحد لا سيما سنان الشبيبي لأنه من عائلة معروفة، ويجب عدم استخدام الإعلام للتشهير بالناس قبل صدور قرار إدانة من القضاء». وأكد أن «الشبيبي نزيه لا تحوم حوله الشبهات»، مشيراً إلى أن «مشكلتنا هي في محاولة السلطة التنفيذية السيطرة على كل شيء ولا تسمح بوجود هيئات مستقلة». واعتبر «إقالة الشبيبي خطوة نحو الهيمنة على المصرف المركزي وهذا يهدد الاحتياط الذي نجح الشبيبي في المحافظة عليه». إلى ذلك، انتقد عضو لجنة النزاهة النيابية النائب المستقل صباح الساعدي، الحكومة، معتبراً أن «إدارتها المالية فاشلة». وقال خلال مؤتمر صحافي إن «الإدارة المالية في العراق حمقاء كررت حماقات النظام البائد لكن بصورة اكبر». وأوضح أنه «منذ تأسيس الدولة العراقية 1920 حتى عام 2003 لم تتجاوز موازنات العراق اكثر من 18 بليون دولار» ، لافتاً إلى إن «موازنات منذ أعوام 2006 ولغاية 2012 تبلغ 614 بليون دولار وهذا يكفي لبناء عراق جديد، لكن ما الجديد الذي تحقق ؟ لا شيء». وحذرت «كتلة المواطن» التي تمثل»المجلس الأعلى الإسلامي» بزعامة عمار الحكيم من «عودة ديكتاتورية الشخص الواحد بعد السيطرة على الهيئات المستقلة». ونفى النائب عزيز العكيلي وهو عضو لجنة النزاهة النيابية «أن «يكون هناك دور للجنة النزاهة في موضوع التحقيق مع البنك المركزي أو التوصية بإقالة الشبيبي». وأعلن أن لجنة التحقيق مكونة من النائب الأول لرئيس البرلمان قصي السهيل (من تيار الصدر)، ورئيس اللجنة المالية النيابية حيدر العبادي (ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي)، وعضو اللجنة المالية هيثم الجبوري (ائتلاف المالكي) وعضو من ديوان الرقابة المالية»، لافتاً إلى أن «لجنة النزاهة أرادت التدخل لكن قالوا لنا إنها ليست مسألة فساد بل مسألة فنية». وأكد أن «اتهام وإقالة الشبيبي مسألة معد لها سلفاً»، لافتاً إلى أن «السلطة التنفيذية منذ اكثر من سنة ونصف السنة وهي تحاول إخضاع البنك المركزي لسيطرتها وتقوم بتدخلات سافرة في عمله». وزاد أن «القضية ليست قضية فساد وإنما استهداف سياسي ومحاولة للسيطرة على الهيئات المستقلة والآن تمت السيطرة عليها جميعاً وهذا إنذار بتحجيم دور البرلمان وإنهائه وبداية الشروع بدولة الرجل الواحد والشخص الواحد». وتابع أن «جميع رؤساء الهيئات المستقلة الذين رفضوا الخضوع لأوامر السلطة التنفيذية تعرضوا إلى حملة تشويه، فرئيس مفوضية الانتخابات فرج الحيدري وجهت إليه 124 تهمة لكن محكمة التمييز برأته لأنه لم يعد في منصبه ولم يعد خطراً على احد». وأشار إلى أن «المواد الدستورية من 102-108 تنص على استقلالية الهيئات المستقل ودور البرلمان رقابي عليها فقط ، لكن السلطة التنفيذية جمدت كل صلاحيات الشبيبي ومنها عدم إمكانيته تعيين أي موظف أو إقالة المدراء العامين الفاسدين وبالتالي هو لا يتحمل مسؤوليتهم». وعبر عن تشاؤمه من «وضع العراق لأن هذا الإجراء سيشوه سمعة المصرف المركزي أمام المصرف الدولي وفي المحافل الدولية وسيعرض العملة العراقية إلى أخطار كبيرة «. واستبعد أن «يتخذ البرلمان أو الكتل السياسية أي اجراء بسبب تفكك الكتل ولهاثها وراء مصالحها الضيقة، لذلك فنحن متجهون إلى حكم الشخص الواحد والرجل الواحد». وعبر عن استغرابه «صدور مذكرة لاعتقال الشبيبي وهو خارج العراق»، مبيناً أن «هذا الأمر تكرر إذ تمت إدانة وزير التجارة السابق عبد الفلاح السوداني أثناء وجوده في بريطانيا، كما تمت صدور مذكرة اعتقال بحق نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وهو في كردستان، وصدرت مذكرات اعتقال بحق وزير الاتصالات السابق علي علاوي وهو خارج العراق أيضاً، ما يدل أن هناك عملاً مقصوداً لتسقيط الشخصيات السياسية وتشويه سمعة المسؤولين».