مع تزايد تلميحات القادة العسكريين والمدنيين الباكستانيين في الأيام الأخيرة الى احتمال شن هجوم واسع على اقليم شمال وزيرستان، المعقل الرئيس لحركة «طالبان باكستان» في منطقة القبائل (شمال غرب البلاد)، شكل الهجوم الانتحاري الذي استهدف مقر ميليشيا مؤيدة للحكومة في سوق بلدة درة أعظم خيل، بإقليم خيبر باكتونكوا القبلي، وأسفر عن سقوط 16 قتيلاً وحوالى 30 جريحاً، رسالة إنذار من الحركة الى إسلام آباد. وواكب ذلك كشف مصادر مقربة من الحركة عزمها على استئناف العمليات في جنوب وزيرستان ومناطق اخرى قبلية، في محاولة لتشتيت جهود القوات الحكومية والحد من قدرتها على شن هجوم واسع على شمال وزيرستان. وأعلن وزير الاعلام في اقليم خيبر باكتونكوا، معن افتخار حسين، ان الهجوم انتحاري استهدف «لجنة السلام المحلية» التي تضم عناصر سابقين من «طالبان» يتلقون اوامر من المجلس المحلي للوجهاء ومن الحكومة لمكافحة المتمردين، فيما لم يتسنَ احصاء عدد القتلى من افراد اللجنة، بسبب انفجار السيارة المفخخة في شارع مكتظ، ما ادى الى سقوط مارة من المتسوقين. وبات تراجع الجيش الباكستاني عن معارضته اقتحام شمال وزيرستان، والتي جعلته في خلاف مع الأميركيين، امراً اكثر ترجيحاً، بعد محاولة الحركة اغتيال الناشطة المناهضة لها ملالا يوسف زاي في منطقة وادي سوات الثلثاء الماضي، وإبداء زعماء قبليين استياءهم من استهداف المسلحين للمدنيين في مناطقهم وتنفيذ تفجيرات. وناقشت قيادة القوات البرية ومديرو اجهزة الاستخبارات الخميس الماضي، للمرة الأولى منذ فترة طويلة، التطورات الأمنية وامكان تنفيذ عملية عسكرية في شمال وزيرستان، ثم اطلعوا الرئيس آصف علي زرداري ورئيس الوزراء راجا برويز أشرف، على نتائج الاجتماع. وكشف وزير الإعلام في حكومة إقليم بيشاور، افتخار حسين ان الحكومة الإقليمية طالبت إسلام آباد باتخاذ الإجراءات اللازمة للقضاء على الجماعات المسلحة، ووقف هجماتها على مناطق الإقليم، ما يوحي بأن العملية باتت مقررة وتنتظر ساعة الصفر. وفي محاولة لحشد تعبئة اعلامية ضد «طالبان»، صرح وزير الداخلية رحمن مالك بأن وزارته التقطت مكالمة هاتفية بين حكيم الله محسود زعيم «طالبان باكستان» وأحد مقاتليه في منطقة راولبندي، يطالبه فيها بالعمل مع باقي الجماعات لإستهداف المؤسسات الإعلامية الأجنبية والباكستانية، بسبب موقفها المعادي للحركة وتحريضها المستمر ضدها. وأكد الوزير انه عرض على المؤسسات الإعلامية تكثيف حمايتها باستخدام رجال شرطة وعناصر من حرس الحدود. وتواصل أجهزة الإعلام الرسمية والخاصة منذ ايام حملتها على «طالبان»، خصوصا بعد محاولة اغتيال ملالا. وهي حضت المؤسسات التعليمية ومؤسسات المجتمع المدني والشرائح الليبرالية على الوقوف صفاً واحداً للمطالبة بتنفيذ عملية واسعة في شمال وزيرستان. وفي مواجهة هذه العاصفة، أعلنت «طالبان باكستان» أنها سترد على أي هجوم هناك، ما دفع مئات من سكان الاقليم الى الفرار.