يمثل الإسباني فرناندو توريس، المنتقل حديثاً إلى إيه سي ميلان الإيطالي قادماً من تشلسي الإنكليزي، أحد الحالات الشاذة في كرة القدم، فعلى الرغم من تتويجه بدوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي وكأس الاتحاد الإنكليزي وكأس الأمم الأوروبية (مرتين) والمونديال مرة واحدة ، إلا إنه يعد دوماً هدفاً للانتقادات التي تصل في أحيان كثيرة إلى حد السخرية. يمتلك توريس كل مقومات رأس الحربة الصريح من القوة البدنية لطول القامة للتميز في الألعاب الهوائية، ولكنه منذ انتقاله لتشلسي الإنكليزي في 2011 افتقد أهم ميزة تهم أي لاعب في مركزه وهي الحس التهديفي، الكثير من الفرص الضائعة والسهلة والغريبة التي جعلت قيمته تسقط من أنظار محبيه. وكانت أرقامه مع أتلتيكو مدريد مبشرة للغاية، بعدما شارك في 244 مباراة محرزاً 91 هدفاً، وهو المعدل التهديفي الذي أهله للانتقال إلى ليفربول الإنكليزي ليمثل ألوانه لمدة أربعة مواسم ويحرز 81 هدفاً في 142 مباراة، وتوقع الجميع أن تزيد أهدافه مع تشلسي. وعلى عكس المتوقع انخفض المعدل التهديفي للاعب الإسباني بشدة، إذ لم يحرز سوى 45 هدفاً في 172 مباراة، وقد يعود ذلك إلى الخطط الدفاعية التي انتهجها مدربو «البلوز» طوال المواسم الماضية بداية بالبرتغالي جوزيه مورينيو مروراً بالإسباني رافائيل بينيتيز والإيطالي دي ماتيو، خصوصاً وأن قوة توريس تعتمد في التمركز داخل منطقة الجزاء وإنهاء الكرات من لمسة واحدة. يُعرف المهاجم الإسباني بلقب ال«نينيو» وهي كلمة إسبانية تعني «الطفل» وهو اللقب الذي اكتسبه بسبب ملامح وجهه الصغيرة. المشكلة أن توريس في الوقت الحالي أمام المرمى أشبه بالفعل بالطفل الذي لا يعرف كيف يسدد الكرة، لم يعد كسابق عهده قوياً مثل الإعصار الذي يفتك بشباك الخصم، ولكن خطوة انتقاله نحو إيه سي ميلان الإيطالي، ربما تكون البوابة الأخيرة لعودة النجم الهداف الذي اعتاد عليه الجميع، أو لتخيلد نفسه ك«ملك للفرص الضائعة». انتقال توريس نحو ميلان له عدة فوائد للطرفين، ولكن أغلبها تصب بشكل أو بآخر بصورة أكبر في صالح مهاجم ليفربول الإنكليزي وأتلتيكو مدريد السابق، فهو على رغم التصريحات الأخيرة لمدرب تشلسي جوزيه مورينيو بخصوص أنه يحتاج لاستمراره في صفوف فريقه هذا الموسم، إلا أنه في نفس الوقت كان يدرك استحالة مشاركته بانتظام. السبب واضح ومعروف وهو انتقال لاعب ال«روخيبلانكوس» السابق، دييغو كوستا نحو ال«بلوز» بجانب عودة أسطورة تشلسي، الإيفواري ديدييه دروغبا لصفوف النادي اللندني، كل هذا مع العلم بأن كوستا هو المشروع الذي يعمل فيسينتي ديل بوسكى على تجهيزه ليكون مهاجم منتخب إسبانيا الأول خلال الفترة المقبلة بعد سيناريو منحه الجنسية ورفضه اللعب لمنتخب البرازيل في مونديال 2014. سيصب رحيل توريس نحو ميلان سواء في مصلحة اللاعب محلياً وبالتالي دولياً، فجلوسه كبديل لكوستا إذا ما كان قد استمر في تشلسي سيعني بالتبعية وبصورة كبيرة اعتماد ديل بوسكي بصورة أكبر على اللاعب برازيلي الأصل في المنتخب، أما انتقاله نحو ال«روسونيري» فسيفتح أمامه فرصة إثبات ذاته مجدداً. عدم ممانعة توريس في الانتقال نحو إيه سي ميلان لا تحتاج للكثير من التفسيرات: الأمور واضحة لأنه مع رحيل المشاكس ماريو بالوتيلي نحو ليفربول الإنكليزي، أصبح النادي الإيطالي لا يوجد به رأس حربة صريح سوى غامباولو باتسيني، لذا فلن توجد منافسة محتدمة كما الحال في تشلسي.. ستتاح لل«نينيو» فرصة اللعب في مناخ جديد والابتعاد عن أسلوب مورينيو العصبي والمزاجي المعتاد، تحت قيادة فيليبو إنزاغي الذي ربما يكون بوابة نحو عودة ال«نينيو» مجدداً لحسابات ديل بوسكي. رهان توريس سيتطلب منه الكثير من العمل، فالجميع يعلم كيف هو الحال مع الجمهور الإيطالي، وبالأخص مشجعي إيه سي ميلان الثائرين في الوقت الحالي على رئيس النادي المثير للجدل سيلفيو برلسكوني. أداء توريس وحده هو ما سيثبت إذا ما كان اختياره صحيحاً أم «فرصة ضائعة» جديدة أهدرها اللاعب بنفسه.