أثار تبني الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله المسؤولية عن طائرة الاستطلاع «أيوب» التي أطلقتها المقاومة فوق الأجواء الفلسطينيةالمحتلة، ردود فعل واسعة ومتباينة على الساحة اللبنانية. ورأى الرئيس اللبناني ميشال سليمان «أن عملية إرسال طائرة من دون طيار فوق أراضي العدو الإسرائيلي تظهر مدى الحاجة إلى إقرار إستراتيجية دفاعية تنظم مسألة الإفادة من قدرات المقاومة للدفاع عن لبنان ووضع آلية لإصدار القرار باستعمال هذه القدرة بما يتلاءم مع خطط الجيش وحاجاته الدفاعية والمصلحة الوطنية حصراً في أي ظرف من الظروف، مع التأكيد أن الخروق الإسرائيلية اليومية للسيادة والأجواء اللبنانية هي موضع شكاوى لبنان الدائمة إلى مجلس الأمن، والتي أصبح ملحّاً اليوم وقفها فوراً ووضع حد لها تطبيقاً للقرار 1701 وحفظاً للسلم والأمن في المنطقة». ونبه سليمان من جهة ثانية إلى «ضرورة تجنيب المناطق اللبنانية سقوط القذائف، كما حصل اليوم (امس) في عمق منطقة مشاريع القاع (البقاعية)، حيث سقط عدد من القذائف، بسبب الأعمال العسكرية الدائرة على الجانب المتاخم للحدود اللبنانية السورية». وكانت وكالة «اخبار اليوم» أعادت نشر حديث لسليمان كان أدلى به أمام الصحافة الأرجنتينية خلال جولته أخيراً في أميركا اللاتينية بنصه الكامل. ورأى مراقبون أن إعادة النشر لها دلالة، غداة كلام السيد نصر الله خصوصاً من خلال التذكير بقول رئيس الجمهورية إنه «يجب عدم خلط الأمور بين سلاح حزب الله أو ما هو سلاح المقاومة»، قائلاً: «سلاح المقاومة يندرج في إطار استراتيجية دفاعية نقوم بتحضيرها من ضمن هيئة الحوار، حيث يستعمل فقط للدفاع عن لبنان ضد أي اعتداء إسرائيلي وفقط لدعم الجيش اللبناني وفقاً لقرار السلطة السياسية، أما السلاح الذي يشهر في الداخل، فهو ممنوع ويجب نزعه، أكان من حزب الله أو من السلفيين أو من الآخرين». وأبدى تفاؤله «بإمكان نزع السلاح المنتشر في الداخل»، مشيراً إلى «أننا نعمل لذلك ولكن لم نصل إلى هذه المرحلة الآن»، مشدداً على أن «هذا الموضوع أدرج أيضاً في الدعوة إلى الحوار، والمرحلة الأولى هي في تجميد استعماله في الداخل والمرحلة الثانية تكون بنزعه». واعتبر الرئيس السابق للحكومة سليم الحص، «أن المسافة التي قطعتها الطائرة قبل أن يتم اكتشافها وإسقاطها كانت كافية للدلالة على أن المقاومة استطاعت عبر الأيام أن تطور قدراتها التقنية على الوجه الذي مكّنها من جبه التحديات الإسرائيلية بكفاءة عالية»، وقال: «بناء على ذلك، لا يسعنا إلا أن نحيّي المقاومة على القدرات التي بلغتها، والتي هي مفخرة لكل لبناني وعربي. ونتمنى أن تواصل المقاومة تطوير إمكاناتها على الوجه الذي يمكِّن العرب في نهاية المطاف من التغلب على العدو الغاشم وتحرير أرضهم». «المستقبل»: لبنان منصة ايرانية وأشار عضو كتلة «المستقبل» النيابية أحمد فتفت، إلى أن «موقف السيد نصرالله لم يأتِ في اتجاه إسرائيل فقط، إنما كان هناك رسائل متنوعة، أبرزها موجهة لرئيس الجمهورية»، لافتاً إلى أنه «بكلامه يثبت ان لبنان سيبقى منصة إيرانية طالما قرر هو ذلك، وبذلك ينقض اتفاق وإعلان بعبدا وكل ما جاء في طرح سليمان، ما استدعى رد سليمان الديبلوماسي عليه». وأكد «أننا فعلاً أمام حالة خطيرة جداً، إذ إن نصرالله حاول أن يلغي مفاهيم الدولة اللبنانية، كما انه يدعم النظام السوري بشتى الطرق، عندما أكد أن «حزب الله» لديه عناصر تقاتل في قرى معينة بسورية». وطالب الحكومة بأن «تأخذ قراراً بإقفال كل الحدود لمنع المخاطر على لبنان، ونشر الجيش، أما في الأماكن التي لا يستطيع الجيش أن يقوم بدوره جيداً، فعلى الحكومة أن تطبق القرار 1701 ونشر قوات «يونيفيل»، إذ إن ذلك أصبح حاجة ماسة لكي لا يدخل لبنان حرباً مدمرة لا دخل له فيها». ورأى عضو الكتلة نفسها عمار حوري، أن «حزب الله أثبت أنه من يحدد السياسة الهجومية في الوقت الذي يراه مناسباً»، وأكد أن «نصرالله عندما تحدث عن جغرافية السلاح تخطى الحدود الحمر، فوزع سلاحه على ال 10452 كلم2، وكأنه هو الدولة». واعتبر عضو الكتلة أيضاً النائب جان اوغاسبيان، أن «كلام نصرالله يتعارض مع طرح رئيس الجمهورية للاستراتيجية الدفاعية، وهو ينسفها». وقال: «ما سمعناه من السيد حسن هو خروج عن وثيقة بعبدا، ويؤكد مشاركة حزب الله بالمعارك في سورية». ورأى عضو الكتلة ذاتها سمير الجسر في إطلاق طائرة الاستطلاع «لفت الانتباه عما يجري في سورية وعن تورط عناصر من الحزب في المعارك التي تجري في الداخل السوري». وأشار عضو كتلة «المستقبل» النائب زياد القادري، إلى أن «بعد هذا الكلام وبعد التصريحات التي يطلقها القادة الإيرانيون، يصبح البحث في الإستراتيجية الدفاعية مضيعة للوقت». «القوات»: لافتعال حرب وأكد عضو كتلة «القوات اللبنانية» أنطوان زهرا، أن كلام نصرالله «يخلق حذراً لدى بقية اللبنانيين من أن يعمد بطلب من النظام الإيراني أو السوري إلى افتعال حرب في مكان ما لتخفيف الضغط عنهم، ولإعادة اكتساب مشروعية للمقاومة بعدما تحولت إلى الهجوم للدفاع عن النظام السوري أو عن المشروع الإيراني الإقليمي انطلاقاً من لبنان». ولفت إلى أن «اختراق طائرة حزب الله الأجواء الإسرائيلية رسالة ومحاولة لإعادة رسم حدود عمل الحزب على الصعيد الإقليمي وليس المحلي». واعتبر «قول نصرالله إن المعارضة والموالاة في سورية يأخذون سلاحاً من لبنان لأن الحدود فالتة، هو إدانة له ولكل الاتهامات التي أطلقتها منظومة 8 آذار». أما العلاّمة السيد علي محمد حسين فضل الله، فأشار إلى أن «العدو الصهيوني تحدث عن أن دخول طائرة من دون طيار إلى أجواء فلسطينالمحتلة أمر خطير جداً، لكنه لم يعتبر أن من الخطورة أن يواصل عدوانه اليومي على الأجواء اللبنانية ويستبيح الكثير من الأجواء العربية». وقال: «إننا في الوقت الذي نهنئ المقاومة الإسلامية على متابعتها العمل في مواجهة العدو بالمنطق نفسه، ندعو الدول العربية والإسلامية إلى أن تأخذ قرارها في صناعة مواقع قوتها وعدم الرضوخ لكل من حاول إقناعها بأنها لا تستطيع أن توجد توازناً مع العدو أو أن تتفوق عليه».