أكّد وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة أنه على رغم التحولات «التي مسّت المنطقة الخليجية، حين استحالت إلى دول تحظى بمكانة محترمة في المنظومة السياسية الإقليمية والدولية، أصبحت الثقافة مظهراً مميزاً في مجتمعات دول المجلس». وقال خوجة خلال الاجتماع ال18 للوزراء المسؤولين عن الثقافة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي عقد أمس في فندق الريتز كارلتون: «إنه بات ابن الصحراء والبحر والجبل والواحة يسأل في مختلف الأدب والفكر، وأضحت هذه المنطقة صانعةً لخطابات أدبية وثقافية، تعمل في خريطة الثقافة العربية باتساعها في المكان والزمان، من دون أن ينسى مثقف هذه المنطقة من دنيا العرب نخلة تغمر وجدانه، ورملة تدغدغ وجهه، وموجة تُثير أشجانه». وأضاف: «إن تعريف أحد المفكرين للثقافة بأنها «ما تبقى عند نسيان كل شيء»، عبارة تحمل في طياتها قدر ما للثقافة من أهمية في تراث الإنسانية، فهي الجذر والملامح، وهي ما تبقى أصيلاً في الذاكرة والوجدان، مهما تبادلت الأزمان وتعاقبت الأجيال». وأشار إلى أن «الثقافة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ذات جذور غائرة في التاريخ، وترتكز في أساسها على مصدرين عظيمين، هما: الإسلام والتراث العربي اللذان تشكلت منهما معالم الثقافة والتراث الإنساني لإنسان هذه المنطقة من العالم، وتألفت منهما قيم تؤمن بالتسامح والانفتاح على الآخر، إذ كانت الثقافة أصلاً أصيلاً في سلوك إنسان هذه الأرض، وجدت معالمه واضحة في أسواق العرب التي تأثرت في مختلف مناطق الجزيرة العربية». وأضاف أن الشعر والخطابة والتبادل اللغوي أبرز نشاط تلك الأسواق، «وعُرف ابن هذه النواحي كيف ينتقل من السهل والجبل والصحراء والساحل والواحة، فتألفت خصائص عجيبة مكونة الجغرافيا الثقافية لهذه المنطقة، وهي ثقافة تربط الصحراء بالبحر والجبل والواحات في رباط واحد، وتصهر في داخلها ما استوعبته هذه المنطقة عبر تاريخها الطويل من حضارات متعاقبة». وأوضح الدكتور عبدالعزيز خوجة أن الثقافة وتراثها الإنساني «لم تنقطع عن إنسان هذه المنطقة، إذ ظلت ماثلة في حداء البدو في صحرائهم وفي اليامال، إذ يهزج بها البحارة يبتغون الرزق العميم وفي العرضة والمزمار والدانات وأغنيات الصيد وفي القصيد والزجل وألوان البناء والأزياء وتحمل الأمل والصبر والمعاناة». وتابع قائلاً: «إن الفكرة البناءة التي بدأت في اجتماعات مؤتمر وزراء الثقافة في دولة الإمارات العربية المتحدة، أصبحت واقعاً جميلاً وتقليداً رائعاً، سيتكرر كل عام لنحتفل بمبدعينا في جميع المجالات الثقافية»، لافتاً إلى أن ما يقدم للمكرّمين الآن «ما هو إلا عرفان رمزي باسم الثقافة الخليجية، لما بذلوه من جهود جبارة وإبداع مميز، يكون تقديراً لهم وتحفيزاً لإبداع جديد ومبدعين آخرين». من جانبه، ألقى الأمين العام لمجلس التعاون للشؤون الثقافية والإعلامية بالأمانة العامة لمجلس التعاون كلمةً، قال فيها: «إن اجتماعنا هذا هو امتداد لجهودكم المثمرة في دعم العمل الثقافي المشترك في ظل ظروف وتغيرات عدة تواجهها منطقتنا العربية، خصوصاً دول المجلس على الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية كافة، تحتم علينا الانطلاق نحو آفاق أوسع من عملنا الثقافي المشترك، فالثقافة هي البوتقة التي تنصهر فيها مختلف المتغيرات، لتظهر في ما بعد في قالب جديد ينبئ عن منجزاتنا في مجال الثقافة ومناحي المجتمع الأخرى». وثمّن جهود الوزراء في قيادة الوعي الثقافي في دول المجلس وانعكاس ذلك على جيل الشباب والمهتمين في قضايا المجتمع الثقافية والإبداعية، وأضاف: «يطالبنا المجتمع بتحقيق طموحات أبنائه الشباب، وتوفير البرامج الثقافية الإثرائية الداعمة للفكر الإيجابي، وصولاً إلى شخصية سوية ملتزمة بأخلاقيات مهنية في جميع التخصصات، وتراعي عادات وتقاليد وقيم المجتمع الخليجي»، وكرّم أمس وزراءُ الثقافةِ والإعلام الخليجيون 18 أديباً ومثقفاً وتشكيلياً ومسرحياً، وهو تقليد بدأ يأخذ مجراه من العام الماضي.