زار جون برينان، أبرز مستشار للرئيس الأميركي باراك أوباما في مجال مكافحة الارهاب، طرابلس أمس الأربعاء لبحث التحقيق في الهجوم الدموي الذي استهدف في 11 أيلول (سبتمبر) القنصلية الأميركية في بنغازي شرق ليبيا. وجاء ذلك في وقت قال محامون أمام المحكمة الجنائية الدولية إن سيف الإسلام القذافي يواجه خطر الإعدام شنقاً إذا حوكم في ليبيا. وقال مصدر رسمي ليبي إن لقاءات برينان شملت رئيس المؤتمر الوطني الليبي محمد المقريف ومسؤولين في وزارتي الخارجية والداخلية. وتأتي هذه الزيارة بعد حوالى شهر على الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي الذي أدى إلى مقتل السفير كريس ستيفنز وثلاثة أميركيين آخرين. وتتزامن الزيارة مع جلسة الاستماع لأربعة مسؤولين أمام أعلى لجنة تحقيق في الكونغرس بادارة الغالبية الجمهورية في مجلس النواب التي تندد بوجود ثغرات في مجال الامن والاستخبارات في هذه القضية. وأعطت طرابلس وادارة باراك أوباما عدة روايات حول ظروف ودوافع الاعتداء. ومع احتدام حملة الانتخابات الرئاسية يوجه المرشح الجمهوري للبيت الأبيض ميت رومني يومياً انتقادات إلى الديموقراطيين ومرشحهم الرئيس باراك اوباما آخذاً عليهم التأخر في الاقرار بأن الهجوم على القنصلية كان «اعتداء ارهابياً» دبره تنظيم «القاعدة» والتقليل من خطورة الظروف الأمنية والتهديدات المعادية للأميركيين في ليبيا. وعرضت الخارجية الأميركية الثلثاء سرداً مفصلاً للهجوم المسلح «غير المسبوق» على قنصليتها في بنغازي، عشية جلسة الاستماع في الكونغرس أمس. وقال مسؤولون في وزارة الخارجية الاميركية في مؤتمر صحافي عبر الهاتف انه في مساء 11 أيلول في ليبيا قام عشرات العناصر المجهزين بأسلحة حربية بمهاجمة القنصلية في بنغازي واحراقها ومطاردة الموظفين الذين كانوا فيها. وقال الديبلوماسيون ان هذا الاعتداء الذي قتل فيه السفير ستيفنز وثلاثة اميركيين لم يكن على صلة اطلاقاً بالفيلم المسيء للإسلام الذي كان في ذلك الوقت بدأ يثير اضطرابات في العالم العربي والاسلامي. وقال المسؤولون إن الهجوم «غير مسبوق في ليبيا ... وفي تاريخ الديبلوماسية الحديث»، مؤكدين ان واشنطن لم يكن لديها «أي معلومات يمكن استخدامها» بشأن «اعتداء مخطط له أو وشيك». وروى أحد المسؤولين ان الهجوم بدأ في الساعة 21.40 (19.40 تغ) بعدما كان السفير ستيفنز أوى إلى مقر الإقامة التابع للقنصلية وقد انهى آخر مقابلة على جدول اعماله في الساعة 20.30، مشيراً إلى ان مشارف البعثة القنصلية كانت في ذلك الوقت «هادئة». وبعد ساعة سمعت اصوات اطلاق نار وانفجارات وشاهد عناصر الامن على شاشات المراقبة «عدداً كبيراً من المسلحين يجتاحون مجمع» القنصلية. وقال المسؤول ان المهاجمين كانوا يحملون «اسلحة اوتوماتيكية من طراز ايه كاي 47 وقاذفات صواريخ وصفائح من الوقود» استخدمت لحرق المباني ومقر الاقامة القنصلية. وحاصرت النيران و «دخان كثيف» ستيفنز وعنصرين من العاملين في القنصلية بينهم شون سميت فلجأوا الى قسم آمن فيه ماء ونافذة لكنهم كادوا يختنقون من كثرة الدخان فخرجوا من مخبئهم وتفرقوا بالرغم من النيران الكثيفة والقاء القنابل اليدوية. وتابع المسؤول الرسمي انه عثر في نهاية المطاف على جثة سميث بين الانقاض لكنه «لم يكن من الممكن العثور» حينها على السفير، مكرراً ما سبق ان اعلنته وزارة الخارجية في 12 ايلول (سبتمبر). وبعد ذلك عثر على السفير ونقل من دون ان يعرف في حينه إن كان لا يزال على قيد الحياة الى احد مستشفيات بنغازي قبل ان تسلم جثته لاحقاً إلى الطاقم الديبلوماسي الأميركي. وفي لاهاي، أكد المحامون الذين عينتهم المحكمة الجنائية الدولية لتمثيل سيف الإسلام نجل العقيد الليبي الراحل معمر القذافي انه في حال حوكم موكلهم في ليبيا فسيحكم عليه حتماً بالاعدام شنقاً وسيتم اعدامه. وقالت ميليندا تايلور خلال جسلة عامة في لاهاي حيث مقر المحكمة الجنائية «حتى وإن تجنبت الحكومة الليبية الموضوع فلنقل الأمور بوضوح: إذا حوكم في ليبيا سيعدم سيف الإسلام القذافي شنقاً». واستمع القضاة الثلثاء والاربعاء الى مرافعات طرابلس وممثلي المحكمة الجنائية لاتخاذ قرار حول مكان المحاكمة. ولا يتوقع أن يصدر أي قرار قبل أسابيع. وقالت المحامية ميليندا تايلور الأربعاء إن محاكمة سيف الاسلام في ليبيا «لن تكون بدافع احقاق العدالة بل رغبة في الانتقام» وان حقه في محاكمة عادلة لا يزال ينتهك. وأضافت أن «القذافي ليس شخصاً (تقوم السلطات الليبية) باختبار عليه، انه فرد له حقوق. لا يفترض أن يقبع في السجن في حين تسعى ليبيا الى بناء نظام قضائي».