تعود قضية المرأة والرياضة وتفرض نفسها من جديد على الساحة الإعلامية والاجتماعية ولكن ليس كممارسة لها هذه المرة، وإنما كمشجعة ومتفرجة في الملاعب. ولقد لاقى خبر نشرته إحدى الصحف المحلية، بتخصيص أكثر من 15 في المئة من استيعاب ملعب مدينة الملك عبدالله الرياضية للعائلات السعودية والذي سينجز في 2014، ترحيباً إعلاميا دولياً، واعتبرته بعض الصحف تطوراً مهماً ونقلة نوعية ستغير واقع المرأة التي كانت محظورة من دخول الملاعب. ويبدو أن هذا الخبر شجع على تواجد نسائي خجول في تصفيات كرة اليد بين المنتخب السعودي ونظيره الإماراتي في جدة لتشجيع الفريق الوطني من جهة، وربما لإثبات حضور من جهة أخرى. وبعد تناقل الصحف المحلية صور الحاضرات أصدرت الرئاسة العامة لرعاية الشباب بياناً ينفي اتخاذ أي قرار رسمي يسمح للنساء بالدخول إلى الملاعب، مؤكدة أن ما تناقلته وسائل الإعلام من أخبار وصور كان لإعلاميات حضرن لتغطية الفعاليات فقط! بدأ الجدل الاجتماعي المعتاد، واعتبر البعض أن هناك قضايا أكثر أهمية تخص المرأة السعودية غير دخول الملاعب، إضافة إلى رفض المجتمع للاختلاط لمحافظته على عفة المرأة، وفي الملاعب مفسدة لابد من درئها لأنها قد تؤدي إلى تبرج المرأة، وسفورها، وغيرههما من ما لا تحمد عقباه! ويمكننا أن نستمر في التخيل ووضع الافتراضات لما سيحدث، ونخرج بدراسات تناقش سلبيات دخول المرأة للملاعب على غرار دراسات ترى في ممارسة المرأة الرياضة وقيادتها السيارة فساداً، ثم تُصدر الفتاوى المُحَرمة، وتُخلق دوامة يصعب الخروج منها من أجل قضية بسيطة لا تستحق أي نوع من العراك الاجتماعي. قد لا تكون قضية دخول المرأة للملاعب أولوية، وقد يتأخر مكانها في قائمة الحقوق المطالب بها، ولكن تأتي أهميتها في رمزيتها لما تعكسه من القيود المفروضة على المرأة على أساس الجنس والتي تسعى لعزلها عن مجتمعها. فكثير من الحقوق البدهية والطبيعية التي يمارسها الذكر في مجتمعه تمنع عنها المرأة لكونها «أنثى»، وهذه قضايا لا يمكن تجاهلها لما فيها من ممارسة التمييز ضدها، الذي يسهم عموماً في تعطيل المجتمع وإعاقته. فوجود المرأة داخل الملعب لا يختلف عن وجودها في الشوارع، والأسواق، والمطاعم، والمتنزهات، ولا يفترض أن يشكل هاجساً أو يسبب مشكلة. فمن حقها أن تدخل الملعب، إن أرادت، لتشاهد وتُشجع، كما من حقها أن تمارس الرياضة في المدارس، وأن تتمكن من ممارستها في النوادي الرياضية، وأن تُكوّن فرقاً رياضية نسائية، وأن تُنشئ نوادي رياضية كمشاريع استثمارية. من حقها أن تُحترم وتحصل على حقوق المواطنين في المشاركة في الأنشطة الترفيهية والرياضية والثقافية لأنها إنسان في المقام الأول. التشنج لن يفيد، و«فوبيا المرأة» التي خلقها المجتمع لن تزيد الأمر إلا تعقيداً، لأنه ببساطة لن يتمكن من إقصاء نصفه الآخر، وإسكاته عن المطالبة بحقوقه وإن كانت في أبسط المُشاركات، فلقد أصبح للمرأة صوت يُسمع! [email protected] DaliaGazzaz@