كشف مسؤولون في محافظة البصرة (590 كيلومتراً جنوب بغداد) عن ازدياد حالات الانتحار بين أوساط الشباب الذين تم إنهاء عقودهم في الشركات الأهلية بسبب عدم وجود قانون يحمي الموظفين في القطاع الخاص. وقال نائب محافظ البصرة أحمد الحسني ل «الحياة»: «انتشرت في المحافظة حوادث الانتحار نتيجة تزايد حالات إنهاء العقود في الشركات الأهلية والتي تكثر في هذا الوقت من السنة حيث تعمل الشركات على مراجعة ملاكها ورفض ما تراه زائداً». وذكر الحسني ان العراق «يفتقر الى قانون يرعى حقوق العاملين في القطاع الخاص وأن إنهاء عقد موظف حالياً لا يتوقف إلا على رأي المسؤول في الشركة ولا توجد ضوابط تلزم رب العمل بعدم تسريح الموظف أو تلزمه بدفع مستحقات نهاية الخدمة، لذلك فإن بعض الشباب الذين خسروا أعمالهم أقدموا على الانتحار، لأنهم يرون أن الحصول على وظيفة في القطاع العام أو الخاص أصبح شبه مستحيل». معظم العقود والاعمال التي تنفذ من جانب الشركات النفطية وجولات التراخيص هي اعمال وقتية ومرحلية، فمتى انتهى العقد يتم تسريح العاملين». وتعاني غالبية الشركات من قضية ادخال العمالة الاجنبية بسبب الروتين الحكومي في العراق، لذلك تلجأ إلى العمالة العراقية ولكنها تتحكم بعقودهم كيفما شاءت. وطالب الحسني بإقرار قانون لحماية الموظفين في القطاع الخاص «كأن تكون لهم مكافاة نهاية خدمة إن كانت عقودهم قصيرة الأمد أو أن تكون لهم حقوق تقاعدية إن كانت عقودهم طويلة الأمد وذلك من خلال النسبة المعتادة للاستقطاع التقاعدي التي تستقطع من مرتبات الموظفين الحكوميين وتذهب الى خزينة الدولة». وتحتوي محافظة البصرة على الكثير من شركات النفط والمقاولات والأمن والمصارف التي تستخدم مهندسين وعمالاً لإنجاز مشروع معين يتم التعاقد من أجله، ولكنها تنهي العقد الذي تكون قيمته الشهرية عالية بالنسبة الى المرتبات الحكومية بعد انتهاء المشروع الذي تصل مدته إلى عام واحد ويكون الموظف قد دفع مبلغاً يعادل مرتب ثلاثة أشهر للوسيط الذي استحصل له على الوظيفة. وقال رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة البصرة علي المالكي إن «حالات الانتحار في البصرة في ازدياد، اذ إن غالبية المنتحرين يقضون على أنفسهم من خلال إضرام النار في إجسادهم أو إلقاء أنفسهم في الأنهار، وذلك طبعاً خيار من لا يستطيعون السباحة». وأكد المالكي أنه بعد مقابلة أهالي المنتحر يتبين أنه انتحر بعد يوم من تلقي خبر إنهاء عقده في الشركة الأهلية أو في الشركات العامة التي تتعاقد مع بعض الشباب بأجور يومية لكنها تنهي عقودهم في نهاية العام بسبب عدم وجود تخصيص كاف لمرتباتهم في موازنة العام المقبل. وشكلت دائرة الشرطة العام الماضي فصيلاً للغواصين لإحباط محاولات الانتحار في الأماكن التي يكثر لجوء المنتحرين إليها والتي تكون ذات تيار مائي عالٍ، بالإضافة إلى عمل هذا الفصيل في انتشال جثث المنتحرين في الأعوام الماضية. وتكثر حالات الانتحار أيضاً في الوقت الذي يعقب تسلّم طلاب الجامعات والمدارس نتائج امتحانات الدور الأول في شهر تموز (يوليو) من كل عام أو بعد إعلان نتائج امتحانات الدور الثاني في شهر تشرين الأول (أكتوبر) بسبب عدم استطاعة ذويهم تحمل مصاريف الدراسة لسنة ثانية. فضلاً عن كون بعض حالات الانتحار ناجمة عن عدم إمكانية الشاب توفير مستلزمات الزواج للفتاة التي لم يوافق أهلها على زواجها منه لكونه غير موظف.