حُرِمت من الدخول إلى السعودية لسنوات طوال بعد خلاف مع زوجها السابق، تزامن الخلاف مع فترة ابتعاثها، ما أجبرها على عدم العودة إلى المملكة حتى تحصل على شهادتها، وأخرى منعها شقيقها من السفر لإتمام دراستها في مجال الطب، إلا بشرط أن تدفع له 100 ألف ريال كي تحصل على «إذن السفر». تفوت الفرص، وتضيع السنوات، وتتبدد الأحلام لدى نساء سعوديات، أجبرتهن ظروفهن على الوقوع تحت رحمة «ولي أمر» يستغل حاجتهن إليه، فهذا ينتقم بشكل ما، وآخر يبتز المال، وثالث حرمها من أحلامها لأنانية تسيطر عليه. تروي ثلاث سيدات ل«الحياة» قصصهن مع «إذن السفر»، وكيف عانيْنَ من سطوة ولي الأمر و«مزاجيته» في السماح لهن بالسفر، التي دفعت بعضهن المال لتستطيع أن تحقق ما تريد، فهذه الدكتورة نورة الحمد حُرِمت من الحصول على جواز سفر سعودي، بسبب خلاف نشب بينها وبين طليقها أثناء دراستها في الخارج. تقول: «وقعت بيني وبين زوجي السابق مشكلات أثناء فترة دراستي في الخارج، كانت سبباً لحرماني من دخول السعودية لسنوات عدة، إذ كنت في المرحلة النهائية من الدراسة، وحرمني زوجي من العودة إلى السعودية، لأنه متى ما عدت لن أستطيع الخروج مرة أخرى». لم تتوقف معاناة الحمد عند قصتها مع زوجها السابق، فالأكاديمية التي تحمل شهادة الدكتوراه، أرادت ذات يوم أن تشارك في مؤتمر خارجي، ووالدها متوفى، فتوجهت مباشرة إلى مديرية الجوازات في الرياض، وطلبت معروضاً لطلب جواز سفر، «كنت قاربت الأربعين من العمر، كتبت معروضاً لطلب جواز سفر، وأرفقت معه شهادتي وصك الطلاق». طلب المسؤول في مديرية الجوازات مقابلتها ليسألها عن «صك الولاية»، كما تقول الحمد: «أخبرته أني أكبر إخوتي، وأني دكتورة، وهذه شهادتي، وعرفتُ بنفسي، لكن ذلك لم يُفِد بشيء، والحسرة تأكل قلبي». الحمد التي وقفت في محافل دولية، ويكتب اسمها إلى جوار علماء في اختصاصها، لا تستطيع أن تحصل على جواز سفر خاص بها، هي ليست وحيدة في معاناتها مع «إذن السفر»، فطالبة الدكتوراه سارة حمد عاشت قصة مشابهة النتائج ومختلفة التفاصيل، تروي حكايتها بعد أن فضلت إكمال دراستها على الاقتران بزوج يهدد مستقبلها العلمي - على حد تعبيرها - وتقدمت كأية طالبة إلى بعثة خادم الحرمين الشريفين للالتحاق في البعثة، تقول: «سار كل شيء على أكمل وجه، حتى خرج أخي فجأة بشكل غير متوقع، ومنعني من السفر، إلا في حال دفعت له مبلغاً مالياً قدره 100 ألف ريال، حتى يُرافقني إلى هناك». وتضيف: «رفضت ذلك، لعدم إمكان توافر المبلغ المطلوب، فقال لي إن عليّ أن أنسى موضوع السفر نهائياً، ما جعلني أفكر في كيفية الوصول إلي حل للمأزق ولم أجد، حتى أشارت عليّ صديقتي بالدخول إلى «منتدى حواري»، وتتزوج شخصاً مقابل الإذن بالسفر ومن ثم الانفصال». اكتشفت سارة أن هذه الطريقة مستخدمة كحل لدى بعض الفتيات الراغبات في الابتعاث، وتتابع: «هذا هو حال بعض السيدات ممن يحاولْنَ إثبات أنفسهن وإكمال دراستهن، أما بالنسبة إليّ فلم يكن لدي حل، وتعطل ما كنت أصبوا إليه، وجلست مكرهة في المنزل». أما ريم أسعد الموظفة الحكومية فانتقم منها زوجها السابق بإخفاء جواز سفرها، بعد أن حصلت على بعثة، تقول: «أخفى زوجي جواز سفري بعد أن حصلت على بعثة، ولا يحق لي استخراج بدل فاقد، لأن زوجي استخرج لي قبل الطلاق ثلاث جوازات (بدل فاقد)، فما كان من الجوازات إلا استدعائي وتحويلي إلى التحقيق، خوفاً من استخدامي لجوازتي بطريقة غير شرعية». وتضيف: «لم يقصر خادم الحرمين الشريفين مع المرأة، ومنحها حقوقاً افتقدتها في سنوات مضت، ودخلت في عهده إلى مجلس الشورى والمجالس البلدية، في إشارة إلى مقدرتها على تحمل المسؤولية والمساعدة في النهوض بالوطن، ولكن نأمل أن يكون هناك قانون يوقف تلك الأعمال الاستفزازية من بعض أولياء الأمور، لتستطيع المرأة المشاركة في بناء المجتمع».