سيطر مقاتلون سوريون معارضون أمس، وبعد معركة استمرت ساعات على قرية حدودية في محافظة إدلب مقابلة لبلدة تركية سقطت فيها قذيفة مصدرها الأراضي السورية، ما استدعى رداً مدفعياً تركياً، في ما بدا انه بداية السيطرة على شريط حدودي قالت وسائل إعلاميه دولية إنه سيكون منطقة عازلة بين سورية وتركيا عرضها عشرة كيلومترات، وإن الحكومة السورية منعت قصفها أو تحليق الطائرات والحوامات فوقها. وسيطر المقاتلون المعارضون على قرية خربة الجوز في جسر الشغور بعد معارك استمرت ساعات، وفق المرصد، الذي أكد أن المقاتلين رفعوا «علم الثورة» وسيطروا على حواجز للقوات النظامية. وأدت الاشتباكات إلى سقوط «ما لا يقل عن 25 جندياً من القوات النظامية وإصابة العشرات منهم بجراح»، في حين قُتل ثلاثة من المقاتلين المعارضين «بينهم قائد كتيبة»، وفق ما أفاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن، مشيراً إلى استمرار الاشتباكات على أطراف البلدة. وقتل حتى مساء أمس 75 شخصاً، هم 12 مدنيا و25 مقاتلاً معارضا و38 جندياً نظامياً. وتبعد القرية نحو كيلومترين عن الحدود السورية التركية، وهي مقابلة لقرية غوفيتشي في محافظة هاتاي، التي سقطت فيها صباحاً قذيفة مصدرها الأراضي السورية من دون أن يسفر انفجارها عن ضحايا، لكن الجيش التركي رد عليها بمثلها، وفق بيان تركي. وأطلق الجيش التركي أربع دفعات من قذائف الهاون على مصدر القصف الصادر عن بطارية للقوات النظامية السوري في خربة الجوز، وفق بيان لمحافظة هاتاي، أشار أيضاً إلى أن القصف السوري كان يستهدف مقاتلين معارضين ينتشرون قرب الحدود. وتقوم المدفعية التركية بالرد على أهداف داخل سورية منذ أن أدى سقوط قذيفة أطلقت من الجانب السوري الأربعاء، إلى مقتل خمسة مدنيين أتراك في قرية اكجاكالي الحدودية في جنوب شرقي تركيا. وفي أعقاب الحادث، منح البرلمان التركي الخميس حكومة بلاده تفويضاً بشن عمليات عسكرية داخل سورية، لكن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان سارع إلى التأكيد أن بلاده لا تنوي شن حرب على سورية. لكن أردوغان نفسه حذر سورية من تكرار استهداف الأراضي التركية، قائلاً الجمعة أمام جمع من أنصار حزبه «العدالة والتنمية» في إسطنبول: «أقولها مجدداً لنظام الأسد ولأنصاره، لا تغامروا باختبار صبر تركيا، سنخرج من هذا الحادث منتصرة من دون أي خدش وستواصل طريقها». أضاف: «أما أنتم فستسحقون تحته، ستدفعون ثمناً باهظاً جداً». واستمر القتال أمس في مختلف المناطق السورية، لا سيما في حمص، في حين أعلن التلفزيون الرسمي القضاء على عدد من «الإرهابيين» في حلب (شمال) بينهم أربعة أتراك. وأوضح المرصد أنه «ارتفع إلى عشرة عدد الشهداء الموثقين الذين سقطوا خلال الاشتباكات والقصف الذي تتعرض له بلدة الطيبة الغربية في ريف حمص ونزحت عنها غالبية سكانها»، مشيراً إلى أن من بين هؤلاء «ستة مقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة سقطوا خلال اشتباكات مع القوات النظامية التي تحاول اقتحام البلد». كذلك استمر السبت القصف العنيف على حي الخالدية وسط مدينة حمص من قبل القوات النظامية «التي تحاول اقتحامه من محاور عدة»، وفق المرصد. وكان الحي عرضة للاستهداف بالطيران الحربي الجمعة، وهي المرة الأولى تلجأ القوات النظامية إلى هذا السلاح في ضرب حمص، ثالث كبرى مدن البلاد والمعقل الأساسي للمقاتلين المعارضين، والتي شهدت معارك عنيفة استمرت شهوراً، ولا تزال أحياء فيها تحت الحصار وتتعرض للقصف. وفي دمشق شهد حي المهاجرين انتشاراً كثيفا لعناصر الأمن مع تمركز عدد من القناصة «وعمليات دهم وتفتيش للمنازل في الحي»، وفق المرصد. وفي ريف دمشق، تعرضت بساتين الغوطة الشرقية للقصف، وفق المرصد، الذي أشار إلى تركيز القوات النظامية على بلدة اوتايا بالطيران الحربي والمروحي، غداة إسقاط المقاتلين مروحية في المنطقة حيث تشدد القوات النظامية حملتها. وفي حلب، كبرى مدن شمال سورية، تعرضت أحياء السكري والعامرية والمرجة ومساكن هنانو والفردوس والصالحين والسكري والفردوس للقصف، وفق المرصد. ونقل التلفزيون السوري أن «وحدة من قواتنا الباسلة تدمر سيارتين مزودتين برشاشات دوشكا وسبع سيارات نوع مرسيدس بمن فيها من الإرهابيين، بينهم أربعة أتراك عند منطقة الإشارات في بستان القصر بحلب». ولمناسبة ذكرى حرب تشرين (أكتوبر) أكد وزير الدفاع السوري فهد جاسم الفريج، أن بلاده ستنتصر قريباً على «الحرب الكونية» التي تخوضها، معتبراً أن «موعد النصر قريب». وقال الفريج للتلفزيون السوري بالمناسبة، إن قيادة الجيش «تؤكد تصميمها على استعادة الأمن والأمان إلى ربوع سورية الحبيبة»، مضيفاً: «إننا على موعد مع النصر قريب». واعتبر الوزير أن بلاده «تتعرض لحرب شبه كونية لأنها ترفض التخلي عن مقومات السيادة والكرامة وتتمسك بحقوقها، وهي واثقة من قدراتها على إسقاط المؤامرة والمتآمرين». واكد نائب القائد العام للجيش والقوات المسلحة، «أن الفصول الأخطر في هذه المؤامرة تداعت، وسعار الترهيب والقتل في طريقه إلى التلاشي، وفلول المرتزقة من قاعدة وأصحاب فكر تكفيري تُسحق تحت أقدام جنودنا الأبطال»، مشيراً إلى أن «قواتنا المسلحة اكثر تصميماً على إعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع سورية». وأضاف الوزير السوري: «ما يقدمه رجال قواتنا الباسلة يفوق كل كلام، فبتضحياتهم حموا سورية، وبدمائهم الزكية الطاهرة وبجراحهم النازفة منعوا أعداء الإنسانية من تحقيق أهدافهم العدوانية الشريرة، وقطعوا الطريق أمام مشروع تفتيت الوطن، وأثبتوا بحق أنهم رجال سوريا الأقوياء». وثمن الفريج في القوات السورية «جهودهم وتضحياتهم وإنجازاتهم وإصرارهم على بتر كل يد تمتد بسوء إلى سوريا والقضاء على بقايا فلول الإرهابيين أينما كانوا». ولم يُشر الوزير أو يأسف لسقوط أكثر من 30 ألف قتيل حتى الآن خلال الانتفاضة التي بدأت قبل 18 شهراً، أو إلى الارتفاع الكبير في عدد اللاجئين في الدول المجاورة، أو إلى الدمار الذي حل بسورية. وذكر «أن الوطن لا يزال يفتح صدره لجميع أبنائه، بمن فيهم أولئك الذين أخطأوا ويودون العودة إلى ظلال الوطن بعدما أثبت تصميم جيشنا وإرادة شعبنا، أن لا مستقبل لمن يحمل السلاح في وجه الوطن». وفي طهران، طالبت وزارة الخارجية الإيرانية بالإفراج الفوري عن عشرات الإيرانيين المخطوفين في سورية منذ بداية آب (أغسطس) بيد مجموعات مسلحة، محذراً من أن هذه المجموعات ستتحمل المسؤولية عن حياتهم، كما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية امس. وقال المتحدث باسم الوزارة رامين مهمنبراست، إن «خاطفي الزوار الإيرانيين في سورية والذين يدعمونهم مسؤولون عن حياتهم». وأضاف أن «الجمهورية الإسلامية الإيرانية تطالب المنظمات الدولية بمنع مثل هذه الأعمال وبذل كل ما في وسعها للإفراج الفوري عن كل الزوار والرعايا الإيرانيين». وهدد المقاتلون السوريون بقتل كل الرهائن الإيرانيين اعتباراً من أمس، إذا لم ينسحب الجيش السوري من منطقة الغوطة الشرقية. وهي المرة الثانية التي يهدد فيها المقاتلون المعارضون للنظام السوري بقتل الرهائن الإيرانيين. وكان قائد المجلس العسكري الثوري في دمشق وريفها أبو الوفا قال الجمعة: «منحنا النظام مهلة 48 ساعة للانسحاب كلياً من منطقة الغوطة الشرقية». وأضاف عبر سكايب: «لدينا ايضاً مطالب سرية عسكرية أخرى»، مؤكداً أنه في حال عدم تلبية النظام السوري هذه المطالب «سنبدأ بالقضاء على الرهائن». وكان مقاتلون معارضون ينتمون إلى «كتيبة البراء» التابعة للجيش السوري الحر، بثوا على الإنترنت في 5 آب (أغسطس) الماضي شريطاً مصوراً أعلنوا فيه خطف 48 إيرانياً قالوا إن من بينهم ضباطاً في الحرس الثوري الإيراني. وفي إسطنبول، ذكرت وكالة «أنباء الاناضول»، أن الجيش التركي رد على قذائف مورتر أطلقت من الجانب السوري وسقطت في أرض زراعية في الجنوب. وهذا هو الرد التركي الرابع رداً على سقوط قذائف مورتر وقصف من القوات السورية منذ مقتل خمسة مدنيين أتراك. وقال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو بنبرة أكثر دفاعية أمس، إن موافقة البرلمان على عمل عسكري محتمل خارج الحدود يهدف إلى الردع. وأضاف: «لم نأخذ خطوة تجاه الحرب بهذا التفويض، بل أظهرنا للحكومة السورية قدرتنا على الردع، لنطلق التحذير الضروري للحيلولة دون نشوب حرب». وقال لهيئة الإذاعة والتلفزيون التركية (تي. آر. تي.): «من الآن فصاعداً سيتم إسكات أي هجوم على تركيا». وأشار إلى أن الممثل المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية في شأن الأزمة السورية الأخضر الإبراهيمي، سيزور تركيا قبل زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأنقرة في غضون الأيام العشرة المقبلة. وقال مكتب حاكم إقليم هاتاي إن قذيفتين أطلقتا من سوريا سقطتا قرب قرية جويتشي في منطقة يايلاداغي أمس السبت. وأضاف أن «القذيفتين أطلقتهما قوات حكومية سورية فيما يبدو لاستهداف معارضين بمحاذاة الحدود. ولم تقع أي خسائر بشرية. وسقطت القذيفة الأولى على مسافة 50 متراً داخل الأراضي التركية في الساعة السابعة صباحاً بالتوقيت المحلي. وردت نقطة جويتشي الحدودية بأربع قذائف من مدفع مورتر عيار 81 ملليمتراً، وأطلقت النقطة الحدودية قذيفتان أخريان بعد سقوط قذيفة المورتر الثانية في حوالى الساعة 11:30 صباحاً بالتوقيت المحلي. وقالت وكالة أنباء دوجان التركية إن مكتب حاكم هاتاي حذر سكان المنطقة من الخروج إلى الشرفات أو قضاء الوقت في الأماكن المفتوحة. وذكرت قناة «إن. تي. في.» التركية، أن سورية أمرت طائراتها الحربية وطائرات الهليكوبتر بعدم الاقتراب لمسافة عشرة كيلومترات من الحدود التركية وأبلغت وحدات مدفعيتها بعدم إطلاق قذائف على مناطق قريبة من الحدود، غير أن السلطات السورية لم تؤكد ذلك. وسعت هيئة الأركان العامة التركية امس، إلى تبديد مخاوف في شأن مشاهد الأشخاص الذين يعبرون الحدود في حرية، ذهابا وإيابا، كما يبدو في منطقة أكاكالي. وقالت الهيئة في بيان أرسل إلى وكالة «أنباء الأناضول» الرسمية: «ليس هناك عمليات عبور خارج نطاق السيطرة أو غير شرعية عبر الحدود. المنطقة التي نحن مسؤولون عنها تخضع للسيطرة الكاملة».